الاثنين 25 نوفمبر 2024
اقتصاد

أنوار الجاحظ: إشكاليات شهادة الإبراء الضريبي على ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2024

أنوار الجاحظ: إشكاليات شهادة الإبراء الضريبي على ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2024 أنوار الجاحظ
درج غالبية الباحثين والمهنيين والخاضعين للضريبة على إطلاق "شهادة الإبراء الضريبي"، أو "وصل الإبراء الضريبي"، للدلالة على "الشهادة التي تثبت أداء الضرائب والرسوم المثقل بها العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت"، باعتبارها شهادة جبائية يسلمها القابض الجماعي للمفوت إما بشكل مباشر أو بطريقة إلكترونية وفق نموذج معد لهذه الغاية، يتضمن أن العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت خالي من أي تحمل ضريبي المقال التالي يعالج المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة2024: 

تعد شهادة الإبراء الضريبي من بين أهم المستندات الجوهرية التي يتوقف عليها تفويت الملكية العقارية وباقي الحقوق العينية العقارية والأصول التجارية، سواء تم هذا التفويت عن طريق التراضي بموجب محرر رسمي أو ثابت التاريخ، أو بشكل جبري عن طريق حكم قضائي. ويجد الأساس القانوني لهذه الشهادة سنده في مجموعة من النصوص الضريبية، التي عرفت مجموعة من التعديلات والتغييرات؛ سواء تلك المتعلقة بنطاق تطبيق هذه الشهادة، أو فيما يخص طريقة تحصيلها، ومن بين أهم هذه التعديلات تلك التي جاء بها البند الأول من المادة السادسة من قانون المالية لسنة 2024؛ والذي بمقتضاه تم تغيير الفقرة الرابعة من المادة 139 من المدونة العامة للضرائب والذي سيدخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح يوليوز من السنة الجارية2024. وإذا كان المشرع الضريبي اعتبر أن شهادة الابراء الضريبي؛ تعد إحدى أهم الأليات الجبائية التي تمكن الإدارة الضريبية من استخلاص الديون المترتبة على المفوت باعتباره مدين رئيسي تجاه الإدارة الضريبية وباقي الأغيار المسؤولين معه على وجه التضامن، إلا التطبيق العملي لهذه الآلية الضريبية أفرز مجموعة من الإشكالات القانونية والعملية..
 
أولا: إشكالية تعدد النصوص القانونية المنظمة لشهادة الابراء الضريبي: تعد النصوص القانونية أساس مشروعية أي إلزام أو التزام جبائي، وتبعا لذلك يجد الأساس القانوني لإلزام مهنيي التوثيق بطلب تحصيل شهادة الابراء الضريبي سنده في الفقرة الأولى من المادة 95 من مدونة تحصيل الديون العمومية، وفي المادة 171 من القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية كما  وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07.20، وفي الفقرة الرابعة من المادة 139 من المدونة العامة للضرائب وفق تعديلات قانون المالية لسنة 2024، وطبقا لهذه المقتضيات القانونية يقع على عاتق العدول والموثقين وكل شخص آخر يمارس مهام توثيقية، أن يطالبوا المفوت بالإدلاء لهم بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت أنه أدى جميع الديون الضريبية المثقل بها العقار أو الأصل التجاري المراد تفويته تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن مع المفوت باعتباره المدين الرئيسي تجاه خزينة الدولة. 

ويجد أساس هذا الإلزام الضريبي كذلك؛ في التشريع المنظم لمهنة التوثيق العدلي في الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، وفي المواد 18 و19 و26 و30 من مرسومه التطبيقي، وفي التشريع المنظم لمهنة التوثيق في المواد 36 و46 و56 من القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.

وإذا كانت غاية المشرع من سن هذه النصوص القانونية هي جعل تحصيل شهادة الابراء الضريبي، إحدى أهم الأليات الأساسية التي تمكن الإدارة الضريبية من استخلاص ديونها من المدين الرئيسي وباقي الأغيار المتضامنين معه، إلا أن تعدد هذه النصوص أصبح يشكل ارهاقا حقيقيا لمهنيي التوثيق والملزمين، حيث أصبح العدل والموثق يجد نفسه مخاطبا بعدة نصوص جبائية تجعله ملزما بسلوك مجموعة من الإجراءات الإدارية الضريبية تجاه مجموعة من المتدخلين؛ القابض الجماعي على مستوى مصالح التحصيل بالخزينة العامة للمملكة، والمفتش المكلف بالضريبة على مستوى المصالح المحلية للإدارة الضريبية، ورئيس الجماعة الترابية على مستوى الرسوم المحلية. بالإضافة إلى مخاطبة المشرع للموثقين بمسطرة الاشعار للغير الحائز بمقتضى المادة 100 وما يليها من مدونة تحصيل الديون العمومية.
  
ثانيا: إشكالية تحديد مفهوم التصرف القانوني الموجب لطلب الحصول على شهادة الابراء الضريبي
يبدو من خلال النصوص المنظمة لشهادة الابراء الضريبي، أن المشرع اشترط للحصول على هذه الشهادة، اتجاه إرادة المتعاقدين نحو إنشاء تصرف قانوني يعبر عنه الفقه الضريبي " بالواقعة المنشئة للضريبة "، وللدلالة على حدوث هذه الواقعة استعمل المشرع في النصوص الضريبية المنظمة لهذه الشهادة؛ مجموعة من المصطلحات من قبيل "تفويت"، "نقل"، "انتقال"، وإذا كانت هذه المصطلحات تبدو متشابهة من حيت الدلالة الاصطلاحية، إلا ان مصطلح التفويت يسعها جميعا. وفي هذا الإطار؛ يقصد بالتفويت في الاصطلاح الفقهي؛ خروج ملكية عقار أو حقوق عينية عقارية أو أصل تجاريي من ذمة المالك إلى ذمة الغير سواء تم هذا الانتقال عن طريق تصرف بعوض كالبيع، أو التسليم، التنازل بمقابل.. أو بدون عوض كالهبة، أو الصدقة، أو العطية، أو التنازل بدون مقابل، وسواء تم عن طريق التراضي بموجب محرر رسمي أو ثابت التاريخ، أو بشكل جبري عن طريق البيع بالمزاد العلني. 

وإذا كان مصطلح التفويت بهذا المعنى يعد شرطا أساسيا لطلب الحصول على شهادة الابراء الضريبي، فهل يستثنى من ذلك عقود القسمة والمخارجة؟

بالرجوع الى الفصل 1088 من قانون الالتزامات والعقود، والمادة 322 من مدونة الحقوق العينية، نجد أن المشرع المغربي تبنى الأثر الكاشف لعقد القسمة على غرار باقي التشريعات العربية كالمشرع المصري والسوري، أي أن طبيعة عقد القسمة والمخارجة يعد عقدا كاشفا للحق وليس ناقلا له، مما يترتب عنه خروجه من دائرة مفهوم التفويت الذي يعد شرطا أساسيا لطلب الحصول على الشهادة التي تثبت أداء الضرائب والرسوم المثقل بها العقار أو الأصل التجاري.

غير أنه يمكن لأحد الشركاء أو بعضهم، أن يخرج بأكثر من نسبة تملكه، وقد يؤدي مبلغ الفرق للمتقاسم الأخر أو لباقي المتقاسمين، فيحدث في هذه الحالة ما يسمى بالمدرك، أو زائد القيمة، وكلاهما يعتبران من منظور القانون الضريبي بمثابة تفويت الذي يعد شرط في طلب شهادة الابراء الضريبي. 

وإذا كان ما تقدم؛ يعد تأصيلا فقهيا لمفهوم التفويت الذي يعد شرطا أساسيا لطلب شهادة الابراء الضريبي، والذي يستثنى منه عقود القسمة والمخارجة بدون مدرك أو زائد قيمة. إلا أنه يلاحظ على مستوى الواقع العملي تعسف بعض قباض الخزينة العامة للمملكة، في إثارتهم للمسؤولية التضامنية في حق بعض مهنيي التوثيق نتيجة توثيقهم لبعض المعاملات العقارية عن طريق عقود القسمة أو المخارجه، وهذا التوجه يخالف شرط التفويت الذي يعد إحدى أهم شروط تحصيل شهادة الإبراء الضريبي، مما تكون معه إثارة هذه المسؤولية قابلة للطعن أمام القضاء المختص.
  
ثالثا: إشكالية تحديد أنواع الضرائب والرسوم المترتبة على العقار أو الأصل التجاري موضوع طلب شهادة الابراء الضريبي.

بالإضافة إلى شرط التفويت المشار إليه أعلاه، يجب على المفوت للحصول على شهادة الابراء الضريبي، أداء جميع مبالغ الضرائب والرسوم المثقل بها العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت، بالإضافة إلى الغرامات والزيادات المقررة برسم التأخير، ويجب أن يتم أداء هذه المبالغ برسم السنة التي تم فيها تفويت ملكية عقارية أو حقوق عينية عقارية أو أصل تجاري، وكذا السنوات السابقة عن التفويت بشكل فوري. 

ومن أجل عقلنة تحديد وضبط أنواع الضرائب والرسوم المثقل بها العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت، سبق للخازن العام للمملكة أن أصدر بتاريخ 12/01/2007 مذكرة تحت عدد DPMAR-DR-SAR-N 04-07-TGR، بين من خلالها الضرائب والرسوم التي يجب على المدين أداءها لخزينة الدولة، حيث جاء في هذه المذكرة: " وفي هذا الإطار ينبغي التأكد أن أداء هذه الشهادة، لا يكون إلا إذا سوى الملزم وضعيته الضريبية المرتبطة بالعقار موضوع انتقال الملكية أو التفويت والضرائب والرسوم المتعلقة بالعقار وهي: ضريبة السكن و ضريبة المصالح الجماعية _ وضريبة التضامن المفروضة على الضريبة الحضرية _ وضريبة التضامن المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية _ الضريبة المفروضة على الأراضي الحضرية المبنية والرسوم على البروزات في المباني". لكن الخازن العام للمملكة تراجع عن مقتضيات هذه المذكرة وعمل على إلغائها بمذكرة أخرى صدرت عنه بتاريخ 19 دجنبر2011 تحت رقم 56DRNC-DEJRG-N. 

وبالتالي أصبح المفوت المدين ملزما بأداء جميع الديون الضريبية المترتبة على العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت، حيث تختلف هذه الضرائب والرسوم باختلاف نوع وطبيعة العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت. 

وبالرجوع إلى التشريع الضريبي المغربي؛ نجد أن وعاء الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية والأصول التجاري يخضع لمجموعة من الرسوم والضرائب التي يجب على المفوت أدائها تحت طائلة إجباره على الأداء، والتي تختلف حسب طبيعة ونوع موضوع التفويت، من بينها ما نظمه المشرع في القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07.20. كالرسم المهني (داخل المدار الحضري أو خارجه)، ورسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية، والرسم على الأراضي غير المبنية، والرسم على محال بيع المشروبات، والرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية و أشكال الإيواء السياحي الأخرى (داخل المدار الحضري أو خارجه)، والرسم على استخراج مواد المقالع (داخل المدار الحضري أو خارجه) ، بالإضافة إلى الرسوم التي نص عليها المشرع في القانون 30.89 التي لازالت بعض مقتضياته سارية المفعول منها الرسم على شغل الأملاك الجماعية، وكذلك ما نص عليه المشرع في المدونة العامة للضرائب كالضريبة على الدخل صنف الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية التي تقع خارج المدار الحضري، والمساهمة الاجتماعية للتضامن المتعلقة بما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى معد للسكن الشخصي، ويبدو من خلال المقتضيات المنظمة لهذه الضرائب والرسوم نجد أن نطاق تطبيقها يشمل جميع التراب الوطني سواء داخل المدار الحضري أو خارجه. 

وتبعا لذلك نجد أن المشرع الضريبي رغم أنه أعفى مجموعة من العقارات من نطاق الخضوع للتضريب سواء كانت داخل المدار الحضري أو خارجه، إلا أنه لم يستثني أي تفويت لملكية عقارية أو أصل تجاري من طلب تحصيل شهادة الابراء الضريبي - باستثناء مجال الإنعاش العقاري-. ويترتب على ذلك أنه لا يمكن التسليم بأن كل وعاء عقاري خارج عن نطاق التضريب أنه معفي بشكل تلقائي من سلوك إجراء مسطرة الحصول على شهادة الابراء الضريبي، لأن المؤسسة المخول لها من الناحية الدستورية والقانونية للقول بالإعفاء من عدمه هو المحاسب العمومي المكلف بتحصيل الديون العمومية، وليس غيره من الملزمين أو مهنيي التوثيق الذين لم يوكل لهم المشرع في قوانينهم الخاصة أي اختصاص في هذا المجال. وأن كان ما يجري به العمل في توثيق المعاملات العقارية يختلف عن هذا التوجه.
 
رابعا: إشكالية الإبراء من مجموع الديون المترتبة على ذمة المدين المفوت
إذا كان المشرع الضريبي بمقتضى المواد 95 و171 و138 المشار إليها أعلاه، اشترط للحصول على الشهادة الابراء الضريبي أن يؤدي المدين المفوت جميع مبالغ الضرائب والرسوم المثقل بها العقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت دون غيرها من الديون المترتبة عليه، إلا أنه على مستوى الواقع العملي يلاحظ أن المحاسب العمومي المكلف بتحصيل الديون العمومية على مستوى مصالح الخزينة دأب على إعطاء شهادة الابراء الضريبي مدلولا واسعا يلزم من خلاله المدين المفوت بأداء جميع الديون العالقة بذمته سواء تلك المرتبطة بالعقار أو الأصل التجاري موضوع التفويت أو غيرها من الديون، بما في ذلك الغرامات الناشئة عن مخالفات أحكام القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة للسير على الطرق. ويستند المحاسب المكلف بالتحصيل لإقرار هذا التوجه على مقتضيات المادة 19 من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تعتبر جوهر الاستحقاق الفوري والتي جاء فيها على أنه: " ... وباستثناء الضريبة الحضرية، تستحق كذلك فورا الديون القابلة للأداء بأجل في الحالات الآتية: البيع الإرادي أو الجبري..".

غير أننا نرى أن هذا التوجه بلا شك يمس الضمانات التي خولها التشريع الضريبي للخاضعين والمدينين بالضريبة، طبقا للقواعد الضريبية المتعارف عليها في تفسير النصوص الضريبية التي من بينها؛ قاعدة التفسير الضيق للنص الضريبي يفسر لصالح الملزم، وقاعدة النص الضريبي الخاص يقيد النص العام.  

وبناء على ذلك؛ نثير النظر إلى أن نصوص المواد 95 و171 والمادة 138 المشار إليها أعلاه تعد نصوصا ضريبة خاصة يجب أن تقيد نص المادة 19 من مدونة تحصيل الديون العمومية، وبالتالي يجب تقييد نطاق شهادة الإبراء الضريبي في الديون الضريبية التي تقع على العقار المراد تفويته دون غير ذلك من الديون المترتبة عن عقارات أخرى أو تلك العالقة بذمة المدين المفوت. 

خامسا: إشكالات رقمنة طلب الحصول على شهادة الابراء الضريبي
عملت الخزينة العامة للمملكة على إنشاء منصة إلكترونية على الموقع الإلكترونية للخزينة العامة للمملكة https://www.tgr.gov.ma/wps/portal قصد تيسير طلب الحصول على شهادة الابراء الضريبي، وقد تم إنشاء منصة إلكترونية لتبادل المعلومات بين المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة للدولة، وفي هذا السياق تم توقيع اتفاقيتين الأولى بتاريخ 09/10/2020 بين الخزينة العامة للمملكة والهيئة الوطنية للعدول، والثانية بتاريخ 04/06/2020 بين الخزينة العامة للمملكة والهيئة الوطنية للموثقين. 

ومن جهة أخرى قامت وزارة الداخلية بمواكبة تفعيل ورش الخدمات الإلكترونية، حيث تم حث رؤساء مجالس الجماعات الترابية على رقمنة مساطر وخدمات الجماعة الترابية التي من بينها رقمنة الحصول على الشهادة الإدارية التي تثبت أن المفوت غير مدين بأي ضرائب أو رسوم تتكلف بتدبيرها الجماعة الترابية المعنية.

ويأتي هذا المشروع في إطار مواكبة الخزينة العامة للمملكة ورش اعتماد الإدارة الإلكترونية، لأجل تبسيط مسطرة الحصول على شهادة الابراء الضريبي، ونزع الصفة المادية عنها.  وفي هذا الإطار؛ يتيح هذا المشروع تبادل المعطيات والمعلومات المرتبطة بتسليم شهادة الابراء الضريبي بشكل الكتروني بين مهنيي التوثيق ومصالح الخزينة العامة قصد تسليم هذه الشهادة بشكل الكتروني.

غير أنه لوحظ على مستوى التطبيق العملي.. 
أن الحصول على شهادة الابراء الضريبي بشكل إلكتروني، يعرف مجموعة من الاكراهات تتمثل في البطء في معالجة الطلبات الواردة على مصالح الخزينة، كما أن بعض الجماعات الترابية لا تستجيب لطلبات الحصول على هذه شهادة. بالإضافة إلى أن مصالح التحصيل لازالت تلزم مهنيي التوثيق بالإيداع الورقي لملف طلب الشهادة بشكل ورقي إلى جانب الإيداع الإلكتروني. ولقد أدى هذا الوضع إلى نفور بعض مهنيي التوثيق من طلب الحصول شهادة الإبراء الضريبي بشكل إلكتروني. 

سادسا: إشكالية طلب تحصيل شهادة الابراء الضريبي في ضوء مستجدات قانون المالية لسنة 2024  
جاء قانون المالية لسنة 2024، بمجموعة من الاجراءات والتدابير الجبائية الجديدة، من أهمها تغيير الفقرة الرابعة من المادة 139 من المدونة العامة للضرائب، والتي ألزمت العدول والموثقين والمحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض وأي شخص اخر يمارس مهام توثيقية؛ أن لا يحرروا أي عقد موضوع تفويت الملكية العقارية وباقي الحقوق العينية العقارية والأصول التجارية؛ إلا بعد الإدلاء لهم بشهادة الإبراء الضريبي تحت طائلة إلزامهم على وجه التضامن مع المفوت، وتجب الإشارة إلى أن هذا الاجراء سيدخل حيز النفاذ ابتداء من فاتح يوليوز من السنة الجارية. 

وإذا كان مبدئيا يفترض في أن التنزيل الفعلي لهذا الإجراء الضريبي الجديد، يقتضي ربط منصة TGR للخزينة العامة للمملكة بمنصة Simpl Enregistrement et Timbre، إلا أنه إذا تم اعتماد هذا التصور فبدون شك سيخلق مجموعة من الإشكالات العملية التي من شأنها أن تعرقل تداول الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية. ولا سيما بالنسبة للتفويتات التي تكون موضوع عقارات أو حقوق عينية عقارية مملوكة لمجموعة من الملاك على الشياع، أو تلك المتواجدة خارجة عن المدار الحضري. 

وعلى سبيل الختم؛ 
يتضح من خلال مدارج هذا الموضوع، أن الإشكاليات التي أفرزها وسيفرزها التطبيق العملي لإجراء شهادة الإبراء الضريبي، أدى وسيؤدي بدون شك إلى تقويض تداول الملكية العقارية وباقي الحقوق العينية العقارية والأصول التجارية، مما أثر وسيؤثر بشكل سلبي على تحفيز وتشجيع الاستثمار العقاري والتجاري، بالإضافة إلى المس بمبدأ الامتثال الضريبي للملزمين ومهنيي التوثيق الذي يعتبر أحد أسس العدالة الضريبية. 

ومن جهة أخرى يلاحظ أن المشرع لم يستطع ملائمة التنظيم القانوني لهذا الإجراء مع توصيات النموذج الجديد، وتوصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات لسنة 2019، ومقتضيات قانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، وميثاق الاستثمار الجديد.

ولأجل تجاوز الإشكاليات التي أفرزتها وستفرزها شهادة الإبراء الضريبي نقترح ما يلي: 
-حذف المادة 171 من القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07.20.  والفقرة الرابعة من المادة 139 من المدونة العامة للضرائب، والإبقاء على المادة 95 من مدونة تحصيل الديون العمومية. 

 -النص على استثناء عقود القسمة والمخارجة من التصرف الموجب لطلب الحصول على هذه الشهادة. 
-النص على ربط طلب الحصول على شهادة الابراء الضريبي بالضرائب والرسوم المترتبة على العقار أو الأصل التجاري المراد تفويته دون غيره من الضرائب والرسوم الأخرى.  
-النص على حصر الضرائب والرسوم المترتبة على المالك الوحيد دون غيره من الملاك في حالة الملكية الشائعة.  
-النص على حصر الضرائب والرسوم المترتبة على العقار المتواجد داخل المدار الحضري. 
-إعادة النظر في طريقة تحصيل شهادة الابراء الضريبي بشكل الكتروني.   
أنوار الجاحظ موثق باستئنافية سطات، باحث في المالية العامة