الأربعاء 27 نوفمبر 2024
مجتمع

الداكي: قضايا غسل الأموال ارتفع عددها إلى 2927 قضية 

الداكي: قضايا غسل الأموال ارتفع عددها إلى 2927 قضية  الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة
اعتبر الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، تنامي تطور مظاهر الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والذي يعتبر جريمة غسل الأموال، وما تشكله من تحديات حقيقية أقوى تجلياتها، تشكل أحد المعيقات التي تواجه الجهود المبذولة من قبل الساهرين على إنفاذ القانون لتحقيق الأمن الاقتصادي للدول فضلا عن ما تتميز به هذه الجريمة من تداخل لعدة أطراف في إرتكابها واستعمال أساليب عدة، وطرق متطورة لتمويه المصدر غير المشروع للأموال مما يؤدي إلى خلق نوع من الاقتصاد الوهمي، وضرب القدرة التنافسية للأنشطة المشروعة والتأثير سلبا على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول. 
 
وأضاف الداكي في كلمة له خلال افتتاح الندوة الدولية المنظمة من طرف الاتحاد الدولي للمحامين بشراكة مع هيئة المحامين بطنجة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، حول موضوع "مكافحة غسل الأموال: الرهانات والتحديات " بمدينة طنجة 3 ماي 2024، أن انعقاد هذه الندوة الدولية يعتبر مناسبة سانحة للتذكير بالتقدم الإيجابي الذي حققته المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال، و تمويل الإرهاب في التعاطي مع هذا الصنف من الإجرام من خلال  المقتضيات التشريعية، والإجراءات العملية التي تم إعمالها والتي تنسجم مع المعايير المعتمدة من طرف  مجموعة العمل المالي GAFI ، لا سيما التعديلات التشريعية التي همت القانون 18-12 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، وذلك في إطار التفاعل الإيجابي لبلادنا مع ملاحظات مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي توصي الدول بتحديث المنظومة القانونية الداخلية وملاءمتها مع المعايير ذات الصلة. 
 
وأشار المسؤول القضائي إلى أن القانون المذكور جاء بمستجدات مهمة، أبرزها الرفع من الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها، وتوسيع لائحة الجرائم الأصلية لجريمة غسل الأموال وتعميم الإختصاص القضائي لمواجهة هذه الجرائم على محاكم الدار البيضاء، فاس، ومراكش إلى جانب محكمة الرباط، مما ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على هذه الأخيرة التي كان لها إختصاص وطني، بالإضافة إلى غيرها من الإجراءات التي ساهمت مجتمعة في  خروج بلادنا من اللوائح السلبية للمجموعة المذكورة، مشددا أنها مؤشرات  إيجابية ساهمت في تعزيز الثقة و المصداقية في منظومتنا الاقتصادية، وجعل بلادنا وجهة آمنة للفاعلين الاقتصاديين و المستثمرين.
 
 
وفي السياق ذاته، أبرز الداكي أن النصوص التشريعية والآليات المؤسساتية وإن كانتا ضروريتين، إلا أنهما غير كافيتين لوحدهما للحد من المخاطر المتنامية لجرائم غسل الأموال، وتمويل الإرهاب ورفع التحديات التي تطرحها، بل إن الأمر يستلزم بالموازاة مع ذلك بذل مجهودات على مستوى تأهيل كفاءات ومهارات مختلف الفاعلين في هذا المجال، وتطوير طرق اشتغالهم، سواء تعلق الأمر بالأشخاص الخاضعين و سلطات الاشراف و المراقبة أو أجهزة إنفاذ القانون.
وقال في هذا الصدد:" إيمانا منا بأن مكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير لا يهم فئة معينة دون أخرى وإنما هو مسؤولية الجميع مما يفرض علينا التنسيق وتقاسم الممارسات الفضلى في هذا المجال".
 
وفي هذا السياق وإسهاما من رئاسة النيابة العامة في الجهود الوطنية المبذولة لمكافحة جريمة غسل الأموال، بادرت إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تصب في اتجاه تحقيق هذه الغاية، من خلال حث النيابات العامة ومواكبتها على سرعة إنجاز الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت في الدعوى العمومية، بالإضافة إلى تفعيل البحث المالي الموازي. وفي هذا الإطار وجهت "رئاسة النيابة العامة" مجموعة من الدوريات إلى مختلف النيابات العامة على الصعيد الوطني كان آخرها الدورية رقم 15/ر ن ع/2023 بتاريخ 01 غشت 2023، حول التنفيذ الأمثل للتدابير والإجراءات ذات الصلة بالتعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال والجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب، تم فيها دعوة النيابات العامة إلى إيلاء هذا الموضوع عناية خاصة  وذلك بالسرعة والفعالية اللازمتين لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب والحيلولة دون التصرف في الممتلكات أو المتحصلات الناتجة عن غسل الأموال أو الجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب. 
 
وأضاف، تجسيدا للمجهودات التي تقوم بها النيابات العامة في المحاكم للتصدي لجريمة غسل الأموال، فقد تم تسجيل ارتفاع في عدد القضايا المسجلة منذ دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ إلى غاية نهاية سنة 2023 حيث ارتفع عدد القضايا من 336 قضية مسجلة خلال الفترة ما بين 2008 (تاريخ دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ) إلى سنة 2018 (تاريخ خضوع المغرب للتقييم من طرف مجموعة العمل المالي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط)، إلى ما مجموعه 2927 قضية إلى غاية نهاية سنة 2023، كما عرف عدد الأحكام الصادرة في قضايا غسل الأموال ارتفاعا ملحوظا خلال نفس الفترة حيث ارتفع من 27 حكما ما بين سنة 2008 و 2018 إلى ما مجموعه 311 حكما نهاية سنة 2023.
وشدد الداكي أن هذه الأرقام تعكس حجم المجهودات التي بذلها قضاة النيابة العامة، وقضاة الحكم وضباط الشرطة القضائية بمختلف أصنافهم في هذا المجال.