الأربعاء 27 نوفمبر 2024
مجتمع

بعد ظهور بؤرة بسوس: استنفار كبير لحماية أطفال المغرب من فيروس "بوحمرون"

بعد ظهور بؤرة بسوس: استنفار كبير لحماية أطفال المغرب من فيروس "بوحمرون" الدكتورة سناء اسماعل والدكتور عمر أيت ملول
بؤرة واحدة لمرض الحصبة المعروف ب"بوحمرون" بإحدى المناطق المجاورة لمدينة تارودانت، كانت كافية لإثارة حالة استنفار داخل أروقة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لتعبئة إمكانياتها المركزية والجهوية، بتنسيق مع وزارتي الداخلية والتربية الوطنية.
فالحصبة يصيب الأطفال وينتشر بينهم بسرعة فائقة، خاصة الأطفال الذين لم يلقح ضده.
هو مرض سريع العدوى ومميت، والسلاح الوحيد لمواجهته هو التلقيح.
وقد تم رصد ارتفاع ملحوظ لعدد حالات الحصبة في المغرب منذ منتصف شتنبر 2023 بجهة سوس- ماسة بالخصوص، ولذا قامت الجهات المختصة بمجموعة من التدابير الميدانية، من خلال تعزيز أنشطة الرصد الوبائي وحملات التلقيح، ما مكن من احتواء سرعة انتشار المرض.
وخلصت التحريات الوبائية الميدانية إلى انخفاض الإقبال على التلقيح بمجموعة من التجمعات السكانية، ما ساهم في انتشار الفيروس وظهور بؤر للحالات المرضية.
وكشف بعض الأطباء لجريدة "أنفاس بريس" عدة معطيات حول الموضوع، خاصة عودة مرض الحصبة الذي اعتقد الجميع  أنه تم القضاء عليه نهائيا.
الدكتور عبد الحميد مرتقي الذي يشتغل بمركز تشخيص وعلاج الأمراض التنفسية بتاحناوت، قال إن ما وقع بكل ببساطة هو أنه بسبب الحجر الصحي في زمن كورونا من جهة، ومن جهة أخرى تخوف بعض الناس من التلقيحات بشكل عام، دفع بعض الأسر للتخلف النسبي عن تلقيح أبنائهم وبناتهم خاصة في المناطق النائية، مما نتج عنه ظهور حالات محدودة من الحصبة. 
ويتفق الدكتور حسن الرحموني، طبيب عام ورئيس سابق للمركز الصحي لعين حرودة بالمحمدية، مع هذا الطرح، موضحا أنه  في فترة كورونا، كانت مراقبة كبيرة وإجراءات احترازية، وهو ما جعل نسبة التلقيح تنزل من 85 أو 100% إلى نسبة أقل. وهذا ما سبب ظهور بؤر لمرض الحصبة، متابعا أنه يمكن أن نرى بؤرا لأمراض أخرى تصيب الأطفال الذين لم يستفيدوا من التلقيح.
واقترح الدكتور الرحموني أن يستفيد الأطفال الذين لم يتم تلقيحهم وتجاوزا السن المحدد لذلك، حتى يتم القضاء نهائيا على الحصبة.
من جهتها أكدت الدكتورة سناء اسماعل، الطبيبة والمسؤولة بمركز تحاقن الدم بالنيابة بوجدة، أن  التلقيح لا يكون فعالا ضد الحصبة إلا إذا بلغ نسبة 95%، علما أنه مجاني بالمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة و الحماية الاجتماعية، ورخيص الثمن بالنسبة للقطاع الخاص، مشددة على أن انخفاض نسبة الملقحين و المناعة الجماعية تعني خطر الإصابة و ظهور موجات وبائية، و ما وقع بالقرية التابعة  لإقليم  تارودانت من وفيات لأطفال بسبب الحصبة كان ناقوس الخطر الذي فيه خير كثير لأنه فعل اليقضة الوبائية في الوقت المناسب، للقيام بحملة استدراكية شاملة. 
وأشارت الدكتورة سناء إلى أحد أسباب  انخفاض التغطية باللقاح، وهو الممانعة في التلقيح التي غدتها  أفكار مغلوطة حتى لدى  أشخاص ذوي 
مستوى ثقافي عال، ولكن لديهم  نقصا واضحا في الثقافة في مجال الطب وعلم الأوبئة. كما أن بعد مراكز التلقيح عن الفئات المستهدفة في المناطق الجبلية ووعورة المسالك تصعب من استفادة الساكنة من التلقيح رغم المجهودات المبذولة من عاملي الصحة و المسؤولين على القطاع. ودعت محاورتنا الأمهات إلى إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية دون إضافة أي شيء خلال الستة أشهر الأولى من عمر الرضيع لأنها تمكنه من حصانة مناعية ضد أمراض كثيرة من بينها الحصبة.
وقال الدكتور منتظر العلوي، الكاتب العام الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، إنه بعد ظهور وباء كورونا، تم التركيز بشكل كبير على التلقيح ضده، وبالتالي تم العزل والحجر الصحي مما أبعد الناس عن تلقيح أطفالهم ضد باقي الفيروسات ومنها فيروس الحصبة.
وتابع أنه في فترة كورونا، انتشرت عدة فيديوهات وتصريحات تتكلم بشكل سلبي عن التلقيح بشكل عام وعن خلفيات غير حقيقية، مما جعل نسب الإقبال على التلقيح ضد الفيروسات تتراجع بشكل كبير، مضيفا أن كل هذا زعزع الثقة في التلقيحات وخلق انكسارا في الخط التصاعدي الذي كان مرسوما في إطار برنامج شامل مجاني لفائدة الأطفال أقل من خمس سنوات.
الدكتور عمر أيت ملول، طبيب بمركز صحي بالجديدة ومشارك في برنامج لتشخيص الأمراض المزمنة والأمراض المعدية، أشار إلى أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أطلقت حملة تلقيح وطنية واسعة، والبحث عن الأطفال الذين لم يستفيدوا من تلقيح الحصبة إبان تاريخه( 9  أشهر واعادته في 18 شهر ). كما حرصت على تنظيم دوريات للمراقبة وذلك بالتشديد على إرسال كل طفل تظهر عليه بقع حمراء إضافة الى الحرارة إلى المختبر من أجل إجراء تحليل حول تواجد الفيروس في الذات أم لا. 
وأضاف الدكتور أيت ملول أن هناك لجانا محلية بكل المستشفيات تشرف على عملية التلقيح الوطنية ورصد جميع الحالات تجنبا للعدوى والوقاية من الداء. انطلاقا من المراكز الصحية.