الأربعاء 27 نوفمبر 2024
مجتمع

القضاء يغرم وزارة التجهيز ب 25 مليون لفائدة ورثة مواطن لقي حتفه في "رومبوان"

القضاء يغرم وزارة التجهيز ب 25 مليون لفائدة ورثة مواطن لقي حتفه في "رومبوان" نزار بركة، وزير التجهيز والماء
قضت المحكمة الإدارية بالرباط الحكم بتعويض في حق وزارة التجهيز والماء، قدره 250 ألف درهم لفائدة ورثة هالك لقي حتفه في إحدى المدارات الطرقية بتراب جماعة بوقنادل في اتجاه مدينة سلا.

وتعود وقائع الحادث لشهر شتنبر 2020، وبالضبط في منتصف الليل، حيث كان الهالك، محمد، على متن دراجته النارية القادمة من مدينة القنيطرة وبرفقته صديقه حمزة والمتوجهة نحو مدينة سلا عبر الطريق الوطنية رقم واحد، وعند وصولهم إلى مكان الحادث كان هناك مدار في طور الإنجاز وسط قارعة الطريق مع غياب الإنارة وعدم وجود إشارة "انتباه الأشغال"، ليقوم قائد الدراجة النارية ومرافقه بالخروج عن المسار الصحيح وفقدان السيطرة على الدراجة، لتنزلق بهما ويسقطا أرضا ويرتطما بشكل مباشر في آخر الرصيف المشكل للمدار ويستقران هناك بالقرب من دراجته، ثم نقلهما فيما بعد إلى مستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا، بواسطة سيارة الإسعاف التابعة للوقاية المدنية لمدينة سلا، وبعدها تم نقل قائد الدراجة النارية إلى المستشفى الجامعي بالرباط نظرا لخطورة الإصابة، ليتوفي بعدها بسبب الإصابة المذكورة. 

والتمس ذوي حقوق الهالك من وزارة التجهيز والماء في شخص الوزير بتعويض قدره 300 ألف درهم وفي حالة الامتناع الحكم بأدائها مبلغ 2000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ تحميلهم الصائر، وارفقوا مقالهم بوثائق الوقائع، من بينها محاضر الدرك الملكي الذين أجروا معاينة لمسرح الحادثة.

بالمقابل رفض الوكيل القضائي للمملكة في يناير 2024، تحميل المسؤولية لوزارة التجهيز، مؤكدا في مذكرته انتفاء أركان المسؤولية التقصيرية وعدم ارتكاب الإدارة لأي خطا أو تقصير، ملتمسا الحكم برفض الطلب.

وارتكز قرار المحكمة الإدارية على ما جاء في الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود الذي يقرر من حيث المبدأ مسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، وهو ما ينسحب طبقا لما استقر عليه العمل القضائي حتى على الأضرار التي تنتج عن خطأ من جانب الإدارة وتتحمل هاته الأخيرة مسؤولية تلك الأضرار..

وبالتالي فإنه حتى في مثل هذا الحالة تبقى قيام موجبات المسؤولية الإدارية للدولة رهينة بتوافر الركنين الآخرين أي الضرر اللاحق بالغير وكونه نتيجة مباشرة عن فعل الإدارة، الأمر الذي ينطبق على نازلة الحال.

وحيث إن وزارة التجهيز باعتبارها الجهة الإدارية المسؤولة عن تنظيم السير عبر الطرق الوطنية بربوع المملكة سواء من خلال إحداثها أو صيانتها، أو من خلال تجهيزها بوضع إشارات المرور وعلامات التشوير تبقى مسؤولة عن الحوادث التي تضع للسيارات جراء إهمالها وتقصيرها في هذا الجانب، وأن القيام بأشغال إنجاز مدار طرقي على قارعة الطريق دون وضع علامات للتشوير والإنارة الضوئية للفت انتباه مستعملي الطريق للأشغال المنجزة وسط قارعة الطريق، يثبت قيام مسؤوليتها عن الحادثة موضوع الدعوي في ظل غياب ما يدل على إخلال السائق بالالتزامات المفروضة عليه بمقتضى مدونة السير، أو بواسطة تقصيره في القيادة خلافا لما تمسكت به الجهة المدعى عليها، وذلك طبقا لما هو ثابت بمحضر الدرك الملكي المرفق بالملف، وحسبما استقر عليه اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في هذا الباب.

وحيث تأسيسا على ما ذكر أعلاه، تكون الدفوع المثارة من الوكيل القضائي لا ترتكز على أساس قانوني وواقعي سليم، ويتعين معها استبعادها والحكم بتحميل الدولة وزارة التجهيز كامل المسؤولية عن الأضرار التي لحقت سيارة المدعية، وتكون بالتالي ملزمة بتعويضها عن ذلك، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 80 من قانون الالتزامات والعقود.

وحيث أنه بخصوص طلب التعويض عن الضرر المعنوي الذي أصاب المدعي، فقد عرفه الفقه بأنه الأذى الذي لا يمس الشخص في أمواله بل يصيبه في شرفه أو سمعته أو عاطفته أو مركزه الاجتماعي. أي بعبارة أخرى هو الألم أو الحزن أو الحرمان الذي يصيب الإنسان من جراء القذف والسب والتشهير وإيذاء السمعة وغير ذلك. حيث إن الوفاة سببت لذوي حقوقه من جراء ذلك أضرار نفسية ومعنوية، تمثلت في فقدان شخص يعتبر أبا وابنا وزوجا ومعيلا لأسرته، وهو ما يستحق عنها تعويضا عادلا، لتقرر المحكمة الإدارية، الحكم لفائدة المدعي في إطار سلطتها التقديرية بتعويض قدره 250 ألف درهم جبرا للإضرار النفسية والمعنوية..