أغلب القطاعات الحكومية تعيش وضعا شاذا بين وفرة التشريع وسوء التدبير ومرد ذلك لاحتمالين أساسين الأول أننا غير مدركين لواقع معين بجميع اشكالاته وتبقى كل القرارات صورية غير منسجمة معه والثاني أننا نفتقد الكفاءة العالية والمناسبة للتنفيذ .
كثيرة هي المحاولات التي تطفو على سطح واقعنا التدبيري في كل مرة محاولة استدراك مافات لكننا بقينا نجتر نفس الخطاب في التقييم والحصيلة ولم نقطع مع هذا الهدر باجراءات فورية حاسمة كشرط اساس للانطلاقة الصحيحة . ويبدو اننا نؤسس لمنهجية مفرغة من النجاعة بعدما اغفلنا التشخيص القبلي وتحديد المسؤوليات والمحاسبة . ولا أدل على ذلك مايصدر عن المجلس الأعلى للحسابات من تقارير صادمة وما مصير الفاعلين الذين لحدود الساعة طلقاء . ولم تطلهم يد العدالة . وهو نموذج صارخ أقوى بين النص القانوني وبيئة التنفيذ .
دعونا من النصوص والمواثيق المؤطرة فواقعنا التدبيري لايعكس روحها ولا مضامينها .والأمثلة كثيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر حين يتم اختيار مسؤول مجالي في قطاع التعليم على أية اعتبارات ؟ وحين يفشل من نحاسب؟ .وقد تجد مسؤولا جهويا عطل مسؤوليات وحطم ارقاما قياسية في عدد الإعفاءات وكلها مؤشرات تبين بجلاء فوضى التدبير دون أن تطاله يد المحاسبة .
في الثالث من أبريل لهذه السنة وقعت وزارة التربية الوطنية ميثاق النجاعة مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين طبقا للبلاغ الصادر في الموضوع .ولعل من أبرز الملاحظات التي تطرح نفسها بالحاح عند كل خطوة بالنظر لأهميتها كما أسماها البلاغ، يبرزسؤال محوري عن مرجعية الحدث وهل تكفي الاشارة الى خارطة الطريق (2026/2022) لوحدها ، لنبرر كل إجراء وسلوك إداري ام ان الظرفية تحكمها اعتبارات أخرى .أم أن هناك أسباب أخرى مسكوت عنها في أغلب الأحيان لاتفصح عنها الوزارة وغير معروفة لدى الرأي العام ؟ من حقنا أن نتساءل كذلك عن التوقيت فتوقيع ميثاق النجاعة في ابريل من سنة 2024 اي بعد مرور تقريبا منتصف المدة يطرح اشكالا منهجيا عميقا ليس الأول في مسار هذه الوزارة بملاحظتين جوهريتين الأولى نحتاج لفصل منهجي بين البداية في التعاقد وانتهائه وكون الوزارة اختارت هذا التوقيت بالضبط للتوقيع فيعني احتمالين اثنين الاول انها تؤسس لمرحلة جديدة على انقاض أعطاب المدة السابقة وهو أمر مرفوض ونحتاج فيه لتوضيح كي تفسر لنا كيف نبني استراتيجية اصلاح على ارضية بها اختلالات سابقة ؟ أو أنها تريد أن تقطع معها بانطلاقة جديدة ستنتهي في مرحلة قادمة دون ذكر من يتحمل مسؤولية أخطاء الماضي وهي النقطة المهمة في مسار الإصلاح وعدم تفعيلها تعد خطأ جسيما لاشك أن تبعاته سنؤدي ثمنها مستقبلا .
أين تقارير المنتصف الأول من الخارطة في التدبير ؟ إلا اذا اعتبرنا ان التوقيع هو تصريح ضمني وتزكية لفعالية ونجاعة ممثلي الأكاديميةوبالتالي الوزارة تتحمل تبعات هذا الإجراء فيما تبقى من عمر الخارطة بل مسؤولة من موقع إشرافها على كل هذه التراكمات . من حقنا التساؤل كذلك مامصير ميثاق المسؤولية الذي وقع في فبراير سنة 2016 أمام وزير التربية الوطنية انذاك رشيد بلمختار والذي حدد مجموعة من المعايير لم يفصح عن نتائج احترام هذا التعاقد لحد الساعة وبدا جليا أننا أمام تداخل خطوات واجراءات يكسوها الغموض في المحصلة النهائية نعتبرها قرارات حبيسة رفوف سرية لجهات نافذة في الوزارة مالم نلمس خطوة تفند هذا الإدعاء . بل من السخرية أن يأتي التعاقد بصيغة (كوبي كولي) اسقاطات بليدة وكأن الخصوصية منعدمة بين الجهات .