السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

آن الأوان لتحويل الدارالبيضاء إلى عاصمة محمد السادس!

آن الأوان لتحويل الدارالبيضاء إلى عاصمة محمد السادس! عبد الرحيم أريري
في انتظار أن نتوفر على نخب حزبية مهووسة بخدمة البلاد والعباد..
 
وفي انتظار أن نتوفر على برلمان خال من الشناقة والبزناسة والنصابين ومن تجار مخدرات وسارقي المال العام وخائني الأمانة..
 
وفي انتظار أن نتوفر على تكتلات مهنية قوية تنتصر لشرف المهنة وللمعايير التقنية في تدبير المدن وتسخير خبراتها الجامعية والعلمية، بما يحسن جودة عيش السكان وتصطف بقوة مع الخيارات التقنية المطلوبة ولاتنبطح للمنعشين وللأبناك أو للمسؤولين الفاسدين (أقصد هيآت: المهندسون المعماريون، المهندسون المدنيون، المهندسون المنظريون، مكاتب الدراسات، مكاتب المراقبة، أطباء، بياطرة، إلخ..).
 
وفي انتظار أن نتوفر على منظومة قضائية حامية للمال العام وفعالة وتبت بسرعة، للضرب على يد كل «شفار» وتعاقب كل سارق أو مبذر للمال العام.
 
وفي انتظار أن نتوفر على هندسة قانونية ومؤسساتية تقطع مع تعدد المتدخلين بالمدينة، وتحسم مع هلامية مسلسل اتخاذ القرار، وتشتت «دم المسؤولية» بين قبيلة المنتخبين وقبيلة الإدارة الترابية وقبيلة شركات التنمية وقبيلة شركات التدبير المفوض وقبيلة الأوصياء على التعمير.
 
وفي انتظار القطع مع تعدد الطوابق المؤسساتية وتضخم مجالسها المنهك للميزانية العامة والمعطل لدينامية اتخاذ القرار بالسرعة والفعالية المطلوبة.
 
وفي انتظار نظام ضريبي عادل يحصن موارد المدينة ويحميها من أن يسطو عليها تكنوقراط الحكومة لكي يعاد استثمار تلك الضرائب بما يخلق الثروة بالمدينة وينعش الرواج فيها.
 
وبعد أن مرت عشر سنوات وما يزيد على أول خطاب يخصصه الملك في البرلمان لمدينة مغربية دون أن تردم فيها الفوارق المجالية ودون أن تتحسن جودة عيش سكانها..
 
وبعد أن يئس المواطنون من اللعبة الديمقراطية المحلية الفاسدة، لدرجة أن أضعف نسبة للمشاركة الانتخابية المسجلة بالمغرب، عرفتها هذه المدينة والتي لم تتجاوز 18% من الناخبين.
 
وبعد أن تبين بالحجة والأرقام أن عمدة أكبر مدينة بالمغرب لم يحصل سوى على 7164 صوت من أصل مليوني ناخب (أي ما يشكل 0,3% من مجموع الناخبين) بشكل يفرغ القرارات المتخذة من كل مشروعية.
 
وبعد أن تحالفت شبكات المصالح الكبرى وضغطت اللوبيات القوية للحيلولة دون تمتيع المدينة بنظام قانوني خاص STATUT PARTICULIER.
 
أقترح أن يتم تحويل عاصمة الحكم بالمغرب من الرباط إلى الدار البيضاء، وأقترح أن يتخذ الملك محمد السادس من مدينة الدار البيضاء كمقر سياسي وإداري لتدبير شؤون الدولة. إذ كلما حل الملك محمد السادس في زيارة للعاصمة الاقتصادية إلا وتتجند كل السلطات (منتخبة ومعينة ومصالح خارجية ومصالح تقنية وشركات التدبير المفوض) لنفض الغبار عن الفضاء العام بالدار البيضاء: فتشعل أضواء الإنارة العمومية بالشارع وتجمع الأزبال وتزفت الأزقة وتردم الحفر ويصبغ الطوار وتنبت الخضرة بجنبات الطريق وتنساب حركة السير ويتم تثبيت علامات التشوير وتصلح إشارات المرور بالمدارات والملتقيات الطرقية وتهيكل الحدائق  وتبنى المرافق المحلية ويتم تسريع الأوراش ويتم نزع الألغام الأرضية (الضوضان).
 
الجنيرال ليوطي لما قرر في مطلع الاستعمار نقل العاصمة من فاس إلى الرباط، كان يتوخى تحقيق هدفين: الأولى الابتعاد عن فاس كبؤرة للنخب الوطنية ومركز ثقل العلماء والابتعاد عن فاس كمدينة ذات تقاليد تاريخية في الاحتجاج من جهة، وليكون الجنيرال ليوطي قريبا من الدار البيضاء التي اختارها لتكون أهم ميناء يستغل لتهريب خيرات المغرب الفلاحية والمعدنية نحو فرنسا من جهة ثانية.
 
اليوم وبعد 68 سنة على الاستقلال لم يعد مقبولا أن نترك الدارالبيضاء، التي تنتج تقريبا 40% من الناتج الداخلي الخام الوطني، بين أيدي نخب لا تخاف من الله، فأحرى أن تخاف من الدستور والقانون. لأن من يخاف الله، يخاف على وطنه وعلى مدينته.
 
مدينة الرباط (بالكاد يعادل سكانها تقريبا سكان مقاطعة سيدي مومن أو مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء)، حصلت على «الإشباع» وأضحت مدينة يعتز بتهيئتها كل مغربي، وحان الوقت لنقل عاصمة الحكم من الرباط إلى الدار البيضاء، لتكون العاصمة الاقتصادية هي القاطرة التي تجر باقي التراب الوطني، ليس نحو الثروة وحسب، بل ونحو الحق في العيش في مدن دامجة ومدمجة وآمنة ومستدامة ومؤنسنة.
 
والله أعلم!