السبت 27 إبريل 2024
منبر أنفاس

العياشي الفرفار: قيادة أهل الغابة وإدارة الخوف 

العياشي الفرفار: قيادة أهل الغابة وإدارة الخوف  العياشي الفرفار
مرة كتبت مقالا عنونته بالقايد والبير مقاربة سوسيولوجية، بعد نشره غضب ممثل السلطة المحلية لقيادة أهل الغابة الأسبق، معتبرا أنني انتقده ومازال المقال منشورا إلى اليوم . 
 اليوم،منطقة أهل الغابة تعيش وضعا مقلقا بمؤشرات صعبة وصامتة، حيث الأغلبية من السكان يتألمون في صمت ويرفعون أيديهم إلى السماء طلبا للرحمة والغيث، بينما الأقلية قررت أن تحتج في إطار سلمي وان تعبر عن أزمتها.
المنطقة فلاحية بشكل كامل لكن الجفاف جعل مؤشرات الإنتاج مخيفة، المنطقة كانت تنتج قبل 6 سنوات 9 طن من الحليب يوميا، اليوم الإنتاج لا يتجاوز 3 طن من الحليب بنسبة تراجع تجاوزت 66 في المئة و هو تراجع مخيف .
تراجعت نسبة الأغنام و الماعز بشكل كبير مثلا جماعة المربوح من أصل 2000 رأس غنم لم يعد فلاحو المنطقة يملكون سوى  500 رأس غنم. 
اما إنتاج الحبوب فقد توقف نهائيا، مصدر الرزق الوحيد المتبقي لسكان المنطقة هو شجرة الزيتون. 

 
اليوم،الأزمة مركبة و بأبعاد دولية ووطنية مرتبطة بالتحولات المناخية، وموجة الجفاف الطويلة بالمغرب لكن ماذا ننتظر من فلاح يرى أشجاره تموت أمامه، من يدرك عقلية الفلاح المغربي كما تطرق إليها السوسيولوجي بول باسكون إن الفلاح المغربي بسيط ومهادن لكن يتحول إلى شرس حين تمس أرضه، وهنا أهمية السوسيولوجيا والانتربولوجيا في التكوين والقدرة على التعامل مع ثقافات مختلفة .
 
لا أحد ينكر أن ممثل السلطة المحلية شاب مستقيم حريص على تطبيق القانون بطريقة آلية ، وربما بالكثير من الخوف،وهنا جوهر المشكلة مع ضرورة الإشادة بتجفيفه لكافة البؤرالسوداء و السماسرة الذين انتعشوا على حساب الفلاحين في السابق . 
التغيير الذي حدث هو تغيير مفاجئ بنسبة 180 درجة في طريقة تعامل السلطة المحلية مع المنطقة، واختلاف أنماط التدبير والإدارة من قائد لأخر،وهو ما يطرح إشكالية على المصالح المركزية والإقليمية حيث الانتباه إليها تتعلق بين مؤسسة القائد و شخصية القائد .

 
الفلاح حين يطالب بتعميق بئر من أجل إنقاذ شجرة زيتون ، عمرها ربما أكبر من عمر القائد فالأمر ينبغي أن يكون واجبا. و يجب مساعدته و ليس وضع العراقيل أمامه كيفما كانت هذه العراقيل . لكن في الوقت ذاته نتفهم صرامة ممثل السلطة الجديد لأن يعمل في قيادة معروفة بتاريخها الغير المطمئن لمسار رجال السلطة،  يث ثم توقيف قائدين سابقين و إحالة ثالث إلى المجلس التأديبي،القائد الوحيد الذي ترقى هو عبد العزيز ايت السبع،تاريخ قياد أهل الغابة غير مطمئن لأي مسؤول جديد لاسيما إن كان بهمه مستقبله الوظيفي.
 
لذا نفهم لماذا يطلق عليها اسم المقبرة لأن الخروج منها بدون ضرر هو نجاح مستحق، دون الخوض في البنية التحتية التي جعلت قيادة أهل الغابة بهذه التعقيدات ربما في مناسبة أخرى .  
فنجاح أي قائد في إدارة أهل الغابة مشروط بشرط وحيد عدم ارتكاب أي خطأ،ضمانا لمبدأ السلامة الشخصية ،و ليس تحقيقا لمبدأ النجاعة التدبيرية التي تحدث عنها جلالة الملك في المفهوم الجديد للسلطة سنة 1999  .
 الأزمة اليوم صعبة والناس خائفون على أشجارهم و مصدر رزقهم و ممثل السلطة خائف على مستقبله. 

 
اليوم المطلوب هو تدخل من أعلى مستوى من أجل تجاوز تجربة الخوف إلى تجربة الأمل و إيجاد الحلول على الأقل في موضوعين :
 موضوع إنقاذ أشجار الزيتون،من أجل تكوين لجنة مشتركة ومعاينة الآبار الموجودة والأشجار المهددة بالموت و اتخاذ قرار من أجل الإنقاذ .و في حالة تعذر الترخيص بالحفر أو التعميق منح شهادة إدارية حول الأضرار الناتجة عن موت الأشجار وضياع مجهود السنين من أجل التعويض من الصناديق المخصصة لذلك، لان موت أشجار الزيتون هو كارثة تستدعي التفاعل الإيجابي التضامن وليس الصرامة والمنع .
موضوع الشواهد الإدارية و هو أمر يتحمل فيه ممثل السلطة المحلية مسؤوليته سواء بالقبول أو الرفض مع ضرورة تلقي الطلبات و التأشير عليها، و إصدار قرار لمنع مكتوبا ضمانا لحق التقاضي .
المنع ليس حلا، الخوف ليس حلا، الاحتجاج ليس حلا، المقاربة الأمنية ليست حلا، الحل هو الإنصات لمطالب الناس، وايجاد الحلول بما يضمن الاستقرار والتحكم في الهجرة و تداعياتها السلبية.