تعتبر منظومة التربية والتعليم أحد أهم ركائز بناء الدولة والمجتمع والحفاظ على السلم والاستقرار والمنظومة القيمية والهوية الوطنية. فالتربية والتعلم هو المسلك الوحيد والطريق الصحيح للتنشئة الاجتماعية بكل أبعادها وجوانبها. وهي المسؤول الأول عن بناء المنظومة التربوية وبلورة الشخصية والأنشطة ..
فعندما تتراجع ويضعف دور المدرسة، يحدث الخلل في بناء الشخصية والهوية الوطنية ومنها جاءت الحاجة للنهوض بواقع مؤسساتنا التعليمية من خلال تغير منهجي شامل يشارك فيه الجميع في مقدمتهم الخبراء التربويون والأكاديميون ونساء ورجال التعليم، وكذا أولياء الأمور وممثلي التلميذات والتلاميذ...لتشخيص الأسباب والعوامل التي أدت إلى الضعف والتردي في أداء مؤسساتنا التعليمية.
ومن أجل التوصل إلى قرارات تمكن من بناء مؤسسات تربوية ووضع المناهج التي تتوافق مع متطلباتنا الحياتية العصرية.
وعلى وزارة التربية والتعليم إن تتحمل مسؤولية إعادة تأهيل وإعداد القيادات التي تمسك بزمام المنظومة التربوية وتعزيز دور المؤسسة التعليمية وما تحتاجه من عدة ديداكتيكية ومناهج ومختبرات وفي المقابل، على مؤسساتنا التعليمية أن تتحمل الدور التربوي والتعليمي في احترام وحماية الديمقراطية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ واحترام حرياتهم وتكريس التعددية الفكرية لديهم وترسيخ قيم تربية المواطنة في عقولهم لخلق جيل يحترم الأنظمة والقوانين. فجودة التعليم تقاس من خلال مدى قدرة وزارة التربية والتعليم في إيصال البرامج والمناهج بشكل علمي.
لقد أصبح من الضروري في عصرنا الراهن الابتعاد عن الإدارة السلطوية الشديدة المركزية وتعيين مدراء تتوفر فيهم الكفاءة الإدارية والتربوية والعلمية ومقتنعة بتبني الحوار والتنسيق مع مجالس التدبير عوض الانحباس داخل المكاتب وقراءة المذكرات وتدوين الغيابات.
مع الأسف لازال بعديد من مدارسنا هذا النوع من المديرين الذين تنقصهم الخبرة الكافية همهم الوحيد هو الاستفادة من السكن الوظيفي وتبني بتطبيق قرارات انفرادية مما يساهم في تراجع بريق المؤسسة .
نحن بحاجة إلى نظم تعليمية وتدريسية وتربوية أكثر تأثيرا وفاعلية لتسترجع مدارسنا هيبتها الحقيقية التي كانت عليها في السابق.
كما نحن بحاجة إلى مدرسين مؤثرين يكون تلامذتهم واثقين من مهنيتهم وسلوكهم الايجابي المحفز، ومدرسين خلوقين يحرصون على عدم ترديد كلمات قدحية جارحة خادشة للذوق والسمع. وعلى وزارة التربية والتعليم العمل على رفع مستوى المدرس ماديا وأدبيا من خلال تحسين دخله وإبراز دوره المهم والحيوي كي تكون مهنة التعليم جاذبة وليست طاردة. وهذا الأمر سيساهم بدون شك في إن تكون لدينا طواقم بشرية وطنية متميزة من مدرسين أجلاء نستطيع بوجودهم صناعة منظومة تعليمية متقنة وتحقيق تنمية مستدامة.
إن ازدهار الدولة يبدأ بالاختبار الصحيح للمدرس وتدريبه وتكوينه وتطوير أدائه وتحفيزه وصولا إلى تمكينه من أداء دوره على الوجه الأجمل ينعكس إيجابيا على المجتمع المدرسي بصفة خاصة.
خليل البخاري، باحث تربوي