الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: تصريح مسؤول يطارد السراب

ادريس المغلشي: تصريح مسؤول يطارد السراب ادريس المغلشي
لم أكن متفائلا بالقدر الكافي من كفاءة رئيس الحكومة وفريقه في حوار اليوم، ومرد هذا التشاؤم كون سنتين ونصف  لم نر فيها حسما واضحا في كثير من القضايا وكيف أن هذه الحكومة  فاقدة للجدية. ولأول مرة في المغرب تجتمع رداءة الأسلوب والآداء في شخص واحد، وهي معضلة كبيرة أصابت منظومة الحكومة في مقتل وعطلت من نجاعة الآداء، حيث ارتفع معها مؤشر الهدر سواء في الزمن المدرسي الذي تعيشه المدرسة العمومية أو الآداء الحكومي الذي تتحمل مسؤوليته وزارة التربية الوطنية ورئاسة الحكومة. وتبين بالملموس أن رئيسها  تنقصه الخبرة اللازمة في تدبير الأزمات كما انه بدا واضحا كون  مستشاريه فاقدي الصلاحية والكفاءة.

وأنا أستمع للتصريح عقب اللقاء المنعقد  مع النقابات الأربع سجلت بعض الملاحظات أسوقها في عجال، دون التكلم على فشله في ارتجال قرارات والتي أرجعها لأمرين أساسين، كونه غيرضابط للمفاهيم والقضايا مما يجعله متمكنا من صيغة الخطاب والمضمون وأنه غير قادر على انتاج أفكار ومؤشرات مطمئنة للساحة، بل كنا ننتظر منه أجوبة على الملاحظات التي رفعت كشعارات من طرف الجميع، أولها الاعتذار للشغيلة التعليمية وهي اشارة راقية وفرصة سانحة لنزع فتيل الأزمة وتلطيف الأجواء، مادام رئيس الحكومة أطلق بعض وزرائه المتنطعين وغير المقدرين للمسؤولية، وهم يتطاولون على نساء ورجال التعليم، وبذلك فهم يمثلونه ولايمثلون أنفسهم. ولو استهل كلامه بكلمات اعتراف لهان الأمر فأنت تخاطب نخبة قادرة على تفهم الوضع .لكن هذا الأمر لم يقع مع الأسف وضاعت فرصة تجسير العلاقة بين الطرفين.

إن مضمون التصريح زاد الأمر تعقيدا بين كلامه والبلاغات الأخبارية للنقابات، ونتساءل لماذا لم يصدر بلاغ مشترك بين كل الأطراف كدليل مادي بينهما لنسخ ماسبق. أن الاكتفاء بتصريح شفهي من طرف رئاسة الحكومة يقول بالتجميد وبلاغ النقابات، يقول مرة بالإيقاف وتارة أخرى بالتعليق، وكلها مفردات مشوشة وعدم توحيدها واختلاف معانيها ومراميها القانونية يزيد من وثيرة الشك وهو أمر غير مطمئن لاسيما إذا وقفنا  عند أمر الاقتطاع الذي يعتبرا جراء غير قانوني مادام الإضراب حق مشروع. فلماذا لم يتم معالجة هذا الأمر. العجيب في أمر هذه الحكومة الفاشلة أنها لاتمتلك الجرأة من أجل اتخاذ قرارات شجاعة توقف نزيف الهدر. بل كل قراراتها وتصاريحها مستفزة وتعد سببا رئيسيا في التأجيج. من حقنا كذلك كآباء وأمهات خرجوا للشارع للاحتجاج أن نطالب بالموازاة مع النقاش الدائر باجراءات فورية  تستدرك ضياع شهرين من التمدرس والتي لم يتطرق لها لارئيس الحكومة كممثل للشعب ولا النقابات كمدافعة عن المدرسة.لكن يبدو أن الهم الأول للجميع السعى لإطفاء نار الاحتجاج بكل الوسائل مهما كانت بدائية ومتخلفة رغم أنه يملك كل الإمكانيات والموارد. إن رئيس الحكومة اليوم لم يقدم جديدا بل طرح كثير من المفردات المتناقضة والغير مطمئنة .لقد بدا تائها بعدما غاب عنه التركيز وانتفت عنه كعادته  لحظات النشوة والتشفي التي يجيدها في كثير من المواقع لحظة انتصار عابر، ضد خصومه السياسين. لكنه هذه المرة فقد الكثير من حيويته بعدما قدم تصريحا فضفاضا وكأني به يطارد السراب لانعدام كفاءته ورجاحة عقله.