أكد حمدي بشير، الباحث والأكاديمي المصري، والحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، أن مالي تعتبر الوجهة الثالثة للاستثمارات المغربية في أفريقيا، والمستفيد الثاني من المنح الدراسية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي المغربية، وهو ما يجعل المغرب حاضرا في الوساطة بين أطراف النزاع في المنطقة..
يحرص المغرب على تعزيز نفوذه في مالي باتباع دبلوماسية نشطة توظف العديد من الأدوات. وفي هذا الإطار، ومنذ أكثر من عام دشن رئيس الوزراء المالي “تشوجويل كوكالا”، بحضور سفير المغرب لدى باماكو إدريس إيسباين مستشفى الملك محمد السادس للولادة بالعاصمة المالية بماكو، وهو ما يثير التساؤلات حول عوامل وأسباب تنامي الاهتمام المغربي بمالي في هذا التوقيت. وتعبر التحركات المغربية الراهنة عن مداخل عديدة في سبيل تعزيز النفوذ على الساحة في مالي، لا سيما من خلال المساعي الدبلوماسية للوساطة بين حكومة باماكو ومنظمة إيكواس لرفع العقوبات عن مالي، فضلاً عن دور الدبلوماسية الروحية والنفوذ الديني للمغرب هناك عبر الطرق الصوفية، وتقديم المساعدات في المجال الطبي، وتعزيز التعاون الاقتصادي؛ إذ تحرص السياسة الخارجية المغربية على تعزيز علاقاتها بمالي، نظراً إلى قربها الجغرافي، وثرواتها ومواردها الطبيعية، وكونها ساحة للتنافس مع الجزائر لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية.
أدوات متعددة
يسعى المغرب إلى تعزيز حضوره السياسي في مالي عبر مداخل عديدة؛ وذلك على النحو الآتي:
1- دعم الرباط الاستقرار السياسي لمالي:
حيث يعمل المغرب على تعزيز العلاقات السياسية مع الحكومة الانتقالية في مالي، وقد أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس؛ زيارة إلى مالي في عامي 2013 و2014، كما أعرب المغرب عن استعداده للوساطة بين الحكومة المالية الانتقالية والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، من أجل رفع العقوبات وإيجاد حل للأزمة السياسية المستمرة في هذا البلد الأفريقي. وقد عبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في أكثر من مناسبة، عن دعمه الاستقرار السياسي في مالي، ناهيك عن الروابط التاريخية بقبائل الطوارق والعرب على حد سواء، لا سيما روابط المغرب مع بعض الزعامات الطوارقية والأمازيغية؛ ما يساعد المغرب على توظيف هذه العلاقات في بناء السلم في المنطقة.
2- توظيف الدبلوماسية الدينية والروحية:
يعتمد المغرب على الروابط الدينية التي تجمع بينه وبين مالي، لا سيما امتداد الطرق الصوفية ذات المنشأ المغربي إلى غرب أفريقيا، التي ساهمت في دعم الروابط الدينية بين سكان المغرب والشعوب الأفريقية. ويستخدم المغرب تأثيره الكبير في الطرق الصوفية، وبخاصة الطريقة التيجانية التي تؤوي المملكة المغربية ضريح مؤسسها الشيخ أحمد التيجاني بمدينة فاس، والطريقة القادرية. وهاتان الطريقتان منتشرتان كثيراً في موريتانيا ومالي والسنغال. وإضافة إلى ذلك، يقدم المغرب منحاً دراسية دينية للطلبة الماليين في الجامعات المغربية، كما يسعى المغرب إلى تقوية المذهب المالكي، الذي يُعد الأكثر انتشاراً في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. وهذا الدور الروحي والديني يُمكِّن المغرب من تعزيز حضوره على الساحة المالية.
3- تقديم المساعدات في المجال الطبي:
يعمل المغرب على دعم جهود الحكومة الانتقالية الحالية في تقديم الخدمات الطبية للسكان. وفي هذا السياق، وقَّع المغرب ومالي اتفاقية لتعزيز الشراكة في المجال الطبي، في 16 مايو 2022. كما دشن رئيس الوزراء المالي تشوجويل كوكالا، برفقة سفير المغرب لدى باماكو إدريس إيسباين، في 12 يوليو2022، مستشفى الملك محمد السادس للولادة بالعاصمة المالية بماكو. وأكد السفير المغربي أن الافتتاح الرسمي لهذا المستشفى يمثل تجسيداً ملموساً للتعاون المغربي المالي النموذجي الذي يمتد لقرون.
4- تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين:
تعتبر مالي الوجهة الثالثة للاستثمارات المغربية في أفريقيا، والمستفيد الثاني من المنح الدراسية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي المغربية. ويعمل المغرب على تعزيز روابطه الاقتصادية، لا سيما بعد افتتاحه فروعاً للبنوك المغربية في مالي. وعلى سبيل المثال، حصل “التجاري وفا بنك” على حصة تزيد على 50% في “بنك إنترناسيونال“ في مالي، كما اشترت شركة “اتصالات المغرب“ المملوكة للدولة شركات اتصالات في مالي. وكثَّفت شركة “المكتب الشريف للفوسفاط“ عمليات التنقيب عن الفوسفاط التي تقوم بها في شرق مالي، كما يسعى المغرب إلى تعزيز استثماراته في استخراج الموارد الطبيعية، مثل الذهب، واليورانيوم، وخام الحديد، والماس.
دوافع متنامية
ثمة دوافع متنامية لدى المغرب لتعزيز نفوذه السياسي في مالي، وهو ما يمكن إيجازه في عدد من النقاط؛ وذلك على النحو الآتي:
1- تعزيز الدور الإقليمي للمغرب في الساحل الأفريقي:
يسعى المغرب إلى تعزيز دوره وحضوره في المجال الإقليمي، ويُولي اهتماماً بمنطقة الساحل الأفريقي لقربها الجغرافي، وكتلتها التصويتية داخل الاتحاد الأفريقي، التي يمكن أن تلعب دوراً في دعم الدبلوماسية المغربية على المستويين الدولي والأفريقي. ومن هنا، يأتي اهتمام المغرب بتعزيز حضوره في مالي في سياق اهتمامه بتعزيز وتأكيد دوره في المنطقة. وقد سبق أن تقدم المغرب بطلبٍ رسمي للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس“، في 24 فبراير 2017. وجاء طلب العضوية أيضاً عقب عودة المغرب الناجحة إلى الاتحاد الأفريقي في 30 يناير 2017، التي رأت فيها الرباط نجاحاً دبلوماسياً عظيماً. وعلاوة على ذلك، حرص المغرب على تقديم الدعم اللوجستي لقوة مجموعة الساحل الخماسية.
ويرتبط ذلك بمنافسة الدور الجزائري، وخاصة في ظل التحركات الجزائرية المتزايدة التي تستهدف إضعاف نفوذ المغرب بالساحل عبر بناء تحالفات تكتيكية جديدة في الساحل الأفريقي، في سياق التطورات السياسية والأمنية المتغيرة عقب الانسحاب الفرنسي والأوروبي من مالي، وانخراط قوات “فاجنر“ الروسية في عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، في تعزيز الحضور على الساحة المالية، وفي ظل التفاهمات والاتفاقات الضمنية بين الجزائر وروسيا على محاصرة النفوذ الأوروبي الفرنسي في مقابل التقارب المغربي والأوروبي. وفي هذا السياق، سعت الجزائر إلى الوساطة لإيجاد حل للأزمة بين رئيس السلطة الانتقالية في مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
2- توسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء:
حقق المغرب إنجازاً كبيراً في هذا المجال، وخاصة بعد تزايد دعم الدول الأوروبية والولايات المتحدة للمقترح المغربي. ولذلك يعمل المغرب على توسيع الاعتراف الدولي والحصول على دعم دول جديدة، لا سيما على الساحة الأفريقية. ومن هنا تعمل الرباط على تعزيز حضورها السياسي وإقناع دول منطقة الساحل بمقترح الحكم الذاتي الذي يقضي بالإبقاء على منطقة الصحراء على السيادة المغربية مع منح الإقليم حكماً ذاتياً. وقد أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالي عبد الله ديوب، في أكتوبر2021، موقف بلاده الثابت لدعم حل سياسي عادل ودائم، تحت إشراف الأمم المتحدة، للنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
3- دعم مكافحة الإرهاب العابر للحدود الرخوة:
لا سيما أن المغرب ليس بمنأى عن التهديدات الإرهابية القادمة من منطقة الساحل، وقد عبر المغرب عن هذا الاهتمام باستضافته مؤتمر التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، في 11 مايو 2022، بينما تعرضت القوافل والمصالح التجارية المغربية لهجمات إرهابية متكررة من جانب التنظيمات الإرهابية في شمال مالي خلال شتنبر ودجنبر 2021؛ لذلك يولي المغرب اهتماماً بالتطورات الأمنية في المنطقة وانعكاساتها المباشرة عليه. ويربط المغرب بين إشكالية التحالفات الظرفية بين الحركات الجهادية، وبخاصة تنظيم القاعدة بالساحل والصحراء، وحركة أنصار الدين الناشطة بمالي، وتنظيمات الجريمة غير المنظمة، والحركات الانفصالية، لا سيما “جبهة البوليساريو“.
تشكيل التحالفات
وفي المجمل، هناك دوافع عديدة تدفع المغرب إلى تعزيز نفوذه السياسي في مالي، وعلى رأسها اهتمام المغرب بدعم دوره الإقليمي في محيطه الجغرافي، والحصول على دعم الدول الأفريقية للمقترح المغربي الخاص بمنح منطقة الصحراء حكماً ذاتياً، إضافة إلى عدم ترك الساحة في مالي أمام الجزائر بشكل يسمح لها باستغلال حالة الفراغ الأمني في المنطقة، عقب الانسحاب الفرنسي والأوروبي، في مد نفوذها على حساب المغرب، ناهيك عن الاهتمام المغربي بتنسيق التعاون مع مالي في جهود مكافحة الإرهاب، وخاصة بعد تعرض القوافل والمصالح التجارية لهجمات إرهابية متكررة في شمال مالي؛ لذلك من المتوقع أن تتزايد وتيرة التنافس المغربي- الجزائري لتوسيع النفوذ في المنطقة خلال المستقبل القريب، بما يرسخ لإعادة تشكيل خريطة التحالفات، واصطفاف مغربي-أوروبي في مواجهة اصطفاف روسي-جزائري محتمل في المنطقة.
يحرص المغرب على تعزيز نفوذه في مالي باتباع دبلوماسية نشطة توظف العديد من الأدوات. وفي هذا الإطار، ومنذ أكثر من عام دشن رئيس الوزراء المالي “تشوجويل كوكالا”، بحضور سفير المغرب لدى باماكو إدريس إيسباين مستشفى الملك محمد السادس للولادة بالعاصمة المالية بماكو، وهو ما يثير التساؤلات حول عوامل وأسباب تنامي الاهتمام المغربي بمالي في هذا التوقيت. وتعبر التحركات المغربية الراهنة عن مداخل عديدة في سبيل تعزيز النفوذ على الساحة في مالي، لا سيما من خلال المساعي الدبلوماسية للوساطة بين حكومة باماكو ومنظمة إيكواس لرفع العقوبات عن مالي، فضلاً عن دور الدبلوماسية الروحية والنفوذ الديني للمغرب هناك عبر الطرق الصوفية، وتقديم المساعدات في المجال الطبي، وتعزيز التعاون الاقتصادي؛ إذ تحرص السياسة الخارجية المغربية على تعزيز علاقاتها بمالي، نظراً إلى قربها الجغرافي، وثرواتها ومواردها الطبيعية، وكونها ساحة للتنافس مع الجزائر لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية.
أدوات متعددة
يسعى المغرب إلى تعزيز حضوره السياسي في مالي عبر مداخل عديدة؛ وذلك على النحو الآتي:
1- دعم الرباط الاستقرار السياسي لمالي:
حيث يعمل المغرب على تعزيز العلاقات السياسية مع الحكومة الانتقالية في مالي، وقد أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس؛ زيارة إلى مالي في عامي 2013 و2014، كما أعرب المغرب عن استعداده للوساطة بين الحكومة المالية الانتقالية والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، من أجل رفع العقوبات وإيجاد حل للأزمة السياسية المستمرة في هذا البلد الأفريقي. وقد عبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في أكثر من مناسبة، عن دعمه الاستقرار السياسي في مالي، ناهيك عن الروابط التاريخية بقبائل الطوارق والعرب على حد سواء، لا سيما روابط المغرب مع بعض الزعامات الطوارقية والأمازيغية؛ ما يساعد المغرب على توظيف هذه العلاقات في بناء السلم في المنطقة.
2- توظيف الدبلوماسية الدينية والروحية:
يعتمد المغرب على الروابط الدينية التي تجمع بينه وبين مالي، لا سيما امتداد الطرق الصوفية ذات المنشأ المغربي إلى غرب أفريقيا، التي ساهمت في دعم الروابط الدينية بين سكان المغرب والشعوب الأفريقية. ويستخدم المغرب تأثيره الكبير في الطرق الصوفية، وبخاصة الطريقة التيجانية التي تؤوي المملكة المغربية ضريح مؤسسها الشيخ أحمد التيجاني بمدينة فاس، والطريقة القادرية. وهاتان الطريقتان منتشرتان كثيراً في موريتانيا ومالي والسنغال. وإضافة إلى ذلك، يقدم المغرب منحاً دراسية دينية للطلبة الماليين في الجامعات المغربية، كما يسعى المغرب إلى تقوية المذهب المالكي، الذي يُعد الأكثر انتشاراً في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. وهذا الدور الروحي والديني يُمكِّن المغرب من تعزيز حضوره على الساحة المالية.
3- تقديم المساعدات في المجال الطبي:
يعمل المغرب على دعم جهود الحكومة الانتقالية الحالية في تقديم الخدمات الطبية للسكان. وفي هذا السياق، وقَّع المغرب ومالي اتفاقية لتعزيز الشراكة في المجال الطبي، في 16 مايو 2022. كما دشن رئيس الوزراء المالي تشوجويل كوكالا، برفقة سفير المغرب لدى باماكو إدريس إيسباين، في 12 يوليو2022، مستشفى الملك محمد السادس للولادة بالعاصمة المالية بماكو. وأكد السفير المغربي أن الافتتاح الرسمي لهذا المستشفى يمثل تجسيداً ملموساً للتعاون المغربي المالي النموذجي الذي يمتد لقرون.
4- تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين:
تعتبر مالي الوجهة الثالثة للاستثمارات المغربية في أفريقيا، والمستفيد الثاني من المنح الدراسية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي المغربية. ويعمل المغرب على تعزيز روابطه الاقتصادية، لا سيما بعد افتتاحه فروعاً للبنوك المغربية في مالي. وعلى سبيل المثال، حصل “التجاري وفا بنك” على حصة تزيد على 50% في “بنك إنترناسيونال“ في مالي، كما اشترت شركة “اتصالات المغرب“ المملوكة للدولة شركات اتصالات في مالي. وكثَّفت شركة “المكتب الشريف للفوسفاط“ عمليات التنقيب عن الفوسفاط التي تقوم بها في شرق مالي، كما يسعى المغرب إلى تعزيز استثماراته في استخراج الموارد الطبيعية، مثل الذهب، واليورانيوم، وخام الحديد، والماس.
دوافع متنامية
ثمة دوافع متنامية لدى المغرب لتعزيز نفوذه السياسي في مالي، وهو ما يمكن إيجازه في عدد من النقاط؛ وذلك على النحو الآتي:
1- تعزيز الدور الإقليمي للمغرب في الساحل الأفريقي:
يسعى المغرب إلى تعزيز دوره وحضوره في المجال الإقليمي، ويُولي اهتماماً بمنطقة الساحل الأفريقي لقربها الجغرافي، وكتلتها التصويتية داخل الاتحاد الأفريقي، التي يمكن أن تلعب دوراً في دعم الدبلوماسية المغربية على المستويين الدولي والأفريقي. ومن هنا، يأتي اهتمام المغرب بتعزيز حضوره في مالي في سياق اهتمامه بتعزيز وتأكيد دوره في المنطقة. وقد سبق أن تقدم المغرب بطلبٍ رسمي للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس“، في 24 فبراير 2017. وجاء طلب العضوية أيضاً عقب عودة المغرب الناجحة إلى الاتحاد الأفريقي في 30 يناير 2017، التي رأت فيها الرباط نجاحاً دبلوماسياً عظيماً. وعلاوة على ذلك، حرص المغرب على تقديم الدعم اللوجستي لقوة مجموعة الساحل الخماسية.
ويرتبط ذلك بمنافسة الدور الجزائري، وخاصة في ظل التحركات الجزائرية المتزايدة التي تستهدف إضعاف نفوذ المغرب بالساحل عبر بناء تحالفات تكتيكية جديدة في الساحل الأفريقي، في سياق التطورات السياسية والأمنية المتغيرة عقب الانسحاب الفرنسي والأوروبي من مالي، وانخراط قوات “فاجنر“ الروسية في عمليات مكافحة الإرهاب في البلاد، في تعزيز الحضور على الساحة المالية، وفي ظل التفاهمات والاتفاقات الضمنية بين الجزائر وروسيا على محاصرة النفوذ الأوروبي الفرنسي في مقابل التقارب المغربي والأوروبي. وفي هذا السياق، سعت الجزائر إلى الوساطة لإيجاد حل للأزمة بين رئيس السلطة الانتقالية في مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
2- توسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء:
حقق المغرب إنجازاً كبيراً في هذا المجال، وخاصة بعد تزايد دعم الدول الأوروبية والولايات المتحدة للمقترح المغربي. ولذلك يعمل المغرب على توسيع الاعتراف الدولي والحصول على دعم دول جديدة، لا سيما على الساحة الأفريقية. ومن هنا تعمل الرباط على تعزيز حضورها السياسي وإقناع دول منطقة الساحل بمقترح الحكم الذاتي الذي يقضي بالإبقاء على منطقة الصحراء على السيادة المغربية مع منح الإقليم حكماً ذاتياً. وقد أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالي عبد الله ديوب، في أكتوبر2021، موقف بلاده الثابت لدعم حل سياسي عادل ودائم، تحت إشراف الأمم المتحدة، للنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
3- دعم مكافحة الإرهاب العابر للحدود الرخوة:
لا سيما أن المغرب ليس بمنأى عن التهديدات الإرهابية القادمة من منطقة الساحل، وقد عبر المغرب عن هذا الاهتمام باستضافته مؤتمر التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، في 11 مايو 2022، بينما تعرضت القوافل والمصالح التجارية المغربية لهجمات إرهابية متكررة من جانب التنظيمات الإرهابية في شمال مالي خلال شتنبر ودجنبر 2021؛ لذلك يولي المغرب اهتماماً بالتطورات الأمنية في المنطقة وانعكاساتها المباشرة عليه. ويربط المغرب بين إشكالية التحالفات الظرفية بين الحركات الجهادية، وبخاصة تنظيم القاعدة بالساحل والصحراء، وحركة أنصار الدين الناشطة بمالي، وتنظيمات الجريمة غير المنظمة، والحركات الانفصالية، لا سيما “جبهة البوليساريو“.
تشكيل التحالفات
وفي المجمل، هناك دوافع عديدة تدفع المغرب إلى تعزيز نفوذه السياسي في مالي، وعلى رأسها اهتمام المغرب بدعم دوره الإقليمي في محيطه الجغرافي، والحصول على دعم الدول الأفريقية للمقترح المغربي الخاص بمنح منطقة الصحراء حكماً ذاتياً، إضافة إلى عدم ترك الساحة في مالي أمام الجزائر بشكل يسمح لها باستغلال حالة الفراغ الأمني في المنطقة، عقب الانسحاب الفرنسي والأوروبي، في مد نفوذها على حساب المغرب، ناهيك عن الاهتمام المغربي بتنسيق التعاون مع مالي في جهود مكافحة الإرهاب، وخاصة بعد تعرض القوافل والمصالح التجارية لهجمات إرهابية متكررة في شمال مالي؛ لذلك من المتوقع أن تتزايد وتيرة التنافس المغربي- الجزائري لتوسيع النفوذ في المنطقة خلال المستقبل القريب، بما يرسخ لإعادة تشكيل خريطة التحالفات، واصطفاف مغربي-أوروبي في مواجهة اصطفاف روسي-جزائري محتمل في المنطقة.