Thursday 15 May 2025
سياسة

الباحث المصري بشير: لماذا يسعى المغرب إلى تعزيز نفوذه السياسي فـي مالي؟

الباحث المصري بشير: لماذا يسعى المغرب إلى تعزيز نفوذه السياسي فـي مالي؟ حمدي بشير، الباحث والأكاديمي المصري
أكد حمدي بشير، الباحث والأكاديمي المصري، والحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، أن ‬مالي‭ ‬تعتبر الوجهة‭ ‬الثالثة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬والمستفيد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬المنح‭ ‬الدراسية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬المغربية، وهو ما يجعل المغرب حاضرا في الوساطة بين أطراف النزاع في المنطقة..

يحرص‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬نفوذه‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬باتباع‭ ‬دبلوماسية‭ ‬نشطة‭ ‬توظف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬ومنذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬دشن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المالي‭ ‬“تشوجويل‭ ‬كوكالا”،‭ ‬بحضور‭ ‬سفير‭ ‬المغرب‭ ‬لدى‭ ‬باماكو‭ ‬إدريس‭ ‬إيسباين‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للولادة‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المالية‭ ‬بماكو،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬عوامل‭ ‬وأسباب‭ ‬تنامي‭ ‬الاهتمام‭ ‬المغربي‭ ‬بمالي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭. ‬وتعبر‭ ‬التحركات‭ ‬المغربية‭ ‬الراهنة‭ ‬عن‭ ‬مداخل‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تعزيز‭ ‬النفوذ‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬للوساطة‭ ‬بين‭ ‬حكومة‭ ‬باماكو‭ ‬ومنظمة‭ ‬إيكواس‭ ‬لرفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬مالي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الروحية‭ ‬والنفوذ‭ ‬الديني‭ ‬للمغرب‭ ‬هناك‭ ‬عبر‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية،‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي؛‭ ‬إذ‭ ‬تحرص‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬بمالي،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬قربها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬وثرواتها‭ ‬ومواردها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وكونها‭ ‬ساحة‭ ‬للتنافس‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬ودبلوماسية‭.‬
أدوات متعددة 
يسعى‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬حضوره‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬عبر‭ ‬مداخل‭ ‬عديدة؛‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الآتي: 
1- دعم الرباط الاستقرار السياسي لمالي: 
حيث‭ ‬يعمل‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬وقد‭ ‬أجرى‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس؛‭ ‬زيارة‭ ‬إلى‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2013‭ ‬و2014،‭ ‬كما‭ ‬أعرب‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬استعداده‭ ‬للوساطة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬المالية‭ ‬الانتقالية‭ ‬والمجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لغرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬للأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الأفريقي‭. ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربي‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬عن‭ ‬دعمه‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬بقبائل‭ ‬الطوارق‭ ‬والعرب‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬روابط‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الزعامات‭ ‬الطوارقية‭ ‬والأمازيغية؛‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬ 
2- توظيف الدبلوماسية الدينية والروحية:  
يعتمد‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الروابط‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬‮ ‬مالي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬امتداد‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية‭ ‬ذات‭ ‬المنشأ‭ ‬المغربي‭ ‬إلى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الروابط‭ ‬الدينية‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬المغرب‭ ‬والشعوب‭ ‬الأفريقية‭. ‬ويستخدم‭ ‬المغرب‭ ‬تأثيره‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الطريقة‭ ‬التيجانية‭ ‬التي‭ ‬تؤوي‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬ضريح‭ ‬مؤسسها‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬التيجاني‭ ‬بمدينة‭ ‬فاس،‭ ‬والطريقة‭ ‬القادرية‭. ‬وهاتان‭ ‬الطريقتان‭ ‬منتشرتان‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬موريتانيا‭ ‬ومالي‭ ‬والسنغال‭. ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يقدم‭ ‬المغرب‭ ‬منحاً‭ ‬دراسية‭ ‬دينية‭ ‬للطلبة‭ ‬الماليين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬المغربية،‭ ‬كما‭ ‬يسعى‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬المذهب‭ ‬المالكي،‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭. ‬وهذا‭ ‬الدور‭ ‬الروحي‭ ‬والديني‭ ‬يُمكِّن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬حضوره‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المالية‭.‬ 
3- تقديم المساعدات في المجال الطبي: 
يعمل‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬تقديم الخدمات الطبية‭ ‬للسكان‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬وقَّع‭ ‬المغرب‭ ‬ومالي‭ ‬اتفاقية‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي،‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو‭ ‬2022‭. ‬كما‭ ‬دشن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المالي‭ ‬تشوجويل‭ ‬كوكالا،‭ ‬برفقة‭ ‬سفير‭ ‬المغرب‭ ‬لدى‭ ‬باماكو‭ ‬إدريس‭ ‬إيسباين،‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬يوليو‭‬2022،‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للولادة‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المالية‭ ‬بماكو‭. ‬وأكد‭ ‬السفير‭ ‬المغربي‭ ‬أن‭ ‬الافتتاح‭ ‬الرسمي‭ ‬لهذا‭ ‬المستشفى‭ ‬يمثل‭ ‬تجسيداً‭ ‬ملموساً‭ ‬للتعاون‭ ‬المغربي‭ ‬المالي‭ ‬النموذجي‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬لقرون‭.‬ 
4- تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين: 
تعتبر‭ ‬مالي‭ ‬الوجهة‭ ‬الثالثة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬والمستفيد‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬المنح‭ ‬الدراسية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬المغربية. ‬ويعمل‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬روابطه‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬افتتاحه‭ ‬فروعاً‭ ‬للبنوك‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬مالي‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حصل‭ ‬“التجاري‭ ‬وفا‭ ‬بنك”‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬50%‭ ‬في‭ ‬“بنك‭ ‬إنترناسيونال“‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬كما‭ ‬اشترت‭ ‬شركة‭ ‬“اتصالات‭ ‬المغرب“‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬شركات‭ ‬اتصالات‭ ‬في‭ ‬مالي‭. ‬وكثَّفت‭ ‬شركة‭ ‬“المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط“‭ ‬عمليات‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الفوسفاط‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬مالي،‭ ‬كما‭ ‬يسعى‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استثماراته‭ ‬في‭ ‬استخراج‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية،‭ ‬مثل‭ ‬الذهب،‭ ‬واليورانيوم،‭ ‬وخام‭ ‬الحديد،‭ ‬والماس‭.‬ 
دوافع متنامية 
ثمة‭ ‬دوافع‭ ‬متنامية‭ ‬لدى‭ ‬المغرب‭ ‬لتعزيز‭ ‬نفوذه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إيجازه‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النقاط؛‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الآتي: 
1- تعزيز الدور الإقليمي للمغرب في الساحل الأفريقي: 
يسعى‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬دوره‭ ‬وحضوره‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ويُولي‭ ‬اهتماماً‭ ‬بمنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي‭ ‬لقربها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬وكتلتها‭ ‬التصويتية‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الدولي‭ ‬والأفريقي‭. ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬يأتي‭ ‬اهتمام‭ ‬المغرب‭ ‬بتعزيز‭ ‬حضوره‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬اهتمامه‭ ‬بتعزيز‭ ‬وتأكيد‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬المغرب‭ ‬بطلبٍ‭ ‬رسمي‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬“إيكواس“،‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬2017‭. ‬وجاء‭ ‬طلب‭ ‬العضوية‭ ‬أيضاً‭ ‬عقب‭ ‬عودة‭ ‬المغرب‭ ‬الناجحة‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يناير‭ ‬2017،‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬فيها‭ ‬الرباط‭ ‬نجاحاً‭ ‬دبلوماسياً‭ ‬عظيماً‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حرص‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬لقوة‭ ‬مجموعة‭ ‬الساحل‭ ‬الخماسية‭.‬
ويرتبط‭ ‬ذلك‭ ‬بمنافسة‭ ‬الدور‭ ‬الجزائري،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحركات‭ ‬الجزائرية‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬إضعاف‭ ‬نفوذ‭ ‬المغرب‭ ‬بالساحل‭ ‬عبر‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬تكتيكية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬المتغيرة‭ ‬عقب‭ ‬الانسحاب‭ ‬الفرنسي‭ ‬والأوروبي‭ ‬من‭ ‬مالي،‭ ‬وانخراط‭ ‬قوات‭ ‬“فاجنر“‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الحضور‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المالية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬التفاهمات‭ ‬والاتفاقات‭ ‬الضمنية‭ ‬بين‭ ‬الجزائر‭ ‬وروسيا‭ ‬على‭ ‬محاصرة‭ ‬النفوذ‭ ‬الأوروبي‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬التقارب‭ ‬المغربي‭ ‬والأوروبي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬سعت‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬الوساطة‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬للأزمة‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬السلطة‭ ‬الانتقالية‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والمجموعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدول‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭.‬ 
2- توسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء:  
حقق‭ ‬المغرب‭ ‬إنجازاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬تزايد‭ ‬دعم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للمقترح‭ ‬المغربي‭. ‬ولذلك‭ ‬يعمل‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬دول‭ ‬جديدة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الأفريقية‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تعمل‭ ‬الرباط‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬السياسي‭ ‬وإقناع‭ ‬دول‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬بمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الذي‭ ‬يقضي‭ ‬بالإبقاء‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬الصحراء‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬مع‭ ‬منح‭ ‬الإقليم‭ ‬حكماً‭ ‬ذاتياً‭. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬المالي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬ديوب،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭‬2021،‭ ‬موقف‭ ‬بلاده‭ ‬الثابت‭ ‬لدعم‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬عادل‭ ‬ودائم،‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬للنزاع‭ ‬المفتعل‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭.‬ 
3- دعم مكافحة الإرهاب العابر للحدود الرخوة:  
لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ليس‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬باستضافته‭ ‬مؤتمر‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬المناهض‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬مايو‭ ‬2022،‭ ‬بينما‭ ‬تعرضت‭ ‬القوافل‭ ‬والمصالح‭ ‬التجارية‭ ‬المغربية‭ ‬لهجمات‭ ‬إرهابية‭ ‬متكررة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬مالي‭ ‬خلال‭ ‬شتنبر‭ ‬ودجنبر‭ ‬2021؛‭ ‬لذلك‭ ‬يولي‭ ‬المغرب‭ ‬اهتماماً‭ ‬بالتطورات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬المباشرة‭ ‬عليه‭. ‬ويربط‭ ‬المغرب‭ ‬بين‭ ‬إشكالية‭ ‬التحالفات‭ ‬الظرفية‭ ‬بين‭ ‬الحركات‭ ‬الجهادية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬بالساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬وحركة‭ ‬أنصار‭ ‬الدين‭ ‬الناشطة‭ ‬بمالي،‭ ‬وتنظيمات‭ ‬الجريمة‭ ‬غير‭ ‬المنظمة،‭ ‬والحركات‭ ‬الانفصالية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬“جبهة‭ ‬البوليساريو“‭.‬ 
تشكيل التحالفات 
وفي‭ ‬المجمل،‭ ‬هناك‭ ‬دوافع‭ ‬عديدة‭ ‬تدفع‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬نفوذه‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬اهتمام‭ ‬المغرب‭ ‬بدعم‭ ‬دوره‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬الجغرافي،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬للمقترح‭ ‬المغربي‭ ‬الخاص‭ ‬بمنح‭ ‬منطقة‭ ‬الصحراء‭ ‬حكماً‭ ‬ذاتياً،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬ترك‭ ‬الساحة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬أمام‭ ‬الجزائر‭ ‬بشكل‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬باستغلال‭ ‬حالة‭ ‬الفراغ‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬عقب‭ ‬الانسحاب‭ ‬الفرنسي‭ ‬والأوروبي،‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬نفوذها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المغرب،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الاهتمام‭ ‬المغربي‭ ‬بتنسيق‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬تعرض‭ ‬القوافل‭ ‬والمصالح‭ ‬التجارية‭ ‬لهجمات‭ ‬إرهابية‭ ‬متكررة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬مالي؛‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتزايد‭ ‬وتيرة‭ ‬التنافس‭ ‬المغربي-‮ ‬الجزائري‭ ‬لتوسيع‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬خلال‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬بما‭ ‬يرسخ‭ ‬لإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬خريطة‭ ‬التحالفات،‭ ‬واصطفاف‭ ‬مغربي-أوروبي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬اصطفاف‭ ‬روسي-جزائري‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬