Friday 9 May 2025
كتاب الرأي

مستكفي: السياسة والإعلام بين الأمس واليوم

مستكفي: السياسة والإعلام بين الأمس واليوم عبد اللطيف مستكفي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، كلية الحقوق عين الشق – الدار البيضاء
لا نطرح السؤال هنا من باب الفضول الأكاديمي او العلمي او السياسي، بل من باب وجهة نظر المواطن العادي المتتبع للأحداث السياسية التي ينسجها تفاعل الحكومات والبرلمانات المتعاقبة وبعض الأحزاب السياسية التي ضمت في في صفوفها نخبة من المفكرين والمثقفين.
 
لسنا مضطرين في هذا الباب إلى تصنيف الأحزاب السياسية المغربية الى يسار مقابل اليمين ولا أحزاب الحركة الوطنية مقابل الأحزاب الإدارية أو على حد تعبير أستاذي المرحوم محمد معتصم "الحزب الأغلبي" الذي كان صنيع النظام في مراحل مختلفة ليتم منحه أغلبية مريحة.
 
عفوا في كل لحظة نكون متعطشين للحديث عن مرحلة الانتقال الديمقراطي في انسجام مع الرؤى الملكية ومع دستور الحقوق لسنة 2011 ومع الرهانات الحقوقية والاجتماعية وكذا رهانات الوحدة الترابية؛ للأسف الشديد نصطدم بواقع سياسي مر، فيشدنا الحنين الى نوستالجيا القرن الماضي بصراعاتها السياسية وتوافقاتها وسجالاتها وربما بما يكتب في افتتاحية الصحف وعلى الأعمدة.
 
عدنا والعود أحمد، وأنا اتذكر جزءا من الحوارات السياسية التي كان يتم بثها على القناتين الاولى والثانية كنت أستمتع بالنقاش السياسي الرفيع الذي يحترم المواطن دافع ضرائب السمعي-البصري الجالس أمام شاشة التلفاز.
 
تراجعت هيبة شاشة التلفاز لفائدة تغول وسائل التواصل الاجتماعي، وانتقلنا من نمط المجتمع المشاهد والمتتبع الى مجتمع شبكي متعدد المنابع.
 
تغير خطاب الزعامة الحزبية من خطاب المسؤولية الحزبية المستند الى الحجج الدامغة وبقناعات اديولوجية الى خطاب " شعبوي" يتفنن في دغدغة مشاعر المواطن المقهور وكأن الكل اقتنى وتصفح كتاب "سيكولوجية الإنسان المقهور" لصاحبه مصطفى حجازي.
 
تعددت صور وأشرطة توثيق اجتماعات ودورات المجالس المنتخبة فتعددت معها زلات من يمثلون دافعي الضرائب، تعددت وسائل التواصل الاجتماعي وأصبحت متاحة أمام ممثلي الاحزاب السياسية الذين أجمعوا على رداءة الترافع السياسي.
 
عندما تتحول الثقة السياسية الى يقين سياسي فعلى الجميع أن يقف وقفة تأمل بشأن العمل السياسي برمته.
 
إن الثقة السياسية حق مشروع إذا ارتبطت بالإنجاز وبما تحقق من برامج ووعود، أما اليقين السياسي فهو ثقة عمياء تتولد لدى بعض السياسيين من خلال الشعور بحسم النتائج الانتخابية مسبقا تحت مسمى "حكومة المونديال" مثلا. إن الديمقراطية التي يستحقها هذا البلد رهينة بالانجازات وبالإيمان الراسخ بمبدأ الانتخاب العقابي الذي يأخذ بعين الاعتبار تحكم المواطن في صناديق الاقتراع بعيدا عن شراء الذمم، وأن التنافس قائم على اساس تحقيق البرامج.
تصبحون على وطن جميل.