Wednesday 14 May 2025
سياسة

بينما‭ ‬تتورط‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬الحروب.. المغرب يتحول إلى قبلة لصناعة السلام

بينما‭ ‬تتورط‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬الحروب.. المغرب يتحول إلى قبلة لصناعة السلام الملك محمد السادس في زيارة سابقة لدولة مالي
1- :‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬تسعى،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬لبناء‭ ‬ذاتها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تخريب‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬دولا‭ ‬أخرى‭ ‬تجعل‭ ‬بناء‭ ‬الذات‭ ‬الوطنية‭  ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬بناء‭ ‬محيطها‭ ‬والعالم‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬«الطارئة»‭ ‬والدولة‭ ‬«الأمة»‭. ‬وهو‭ ‬بالضبط‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬كل‭ ‬نجاح‭ ‬لذلك‭ ‬المحيط‭ ‬هو‭ ‬نجاح‭ ‬ذاتي،‭ ‬والجزائر‭ ‬التي‭ ‬تبني‭ ‬علاقتها‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬المحيط،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬أوكار‭ ‬للتهريب‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والإرهاب‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬موضوع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬اشتغل‭ ‬عليها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬بناء‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬والاتحاد‭ ‬المغاربي‭. ‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬الاختيار‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬اعتمده‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬استقلاله،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تهيئ‭ ‬اللبنات‭ ‬الأولى‭ ‬لخلق‭ ‬ممهدات‭ ‬الحوار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استقلال‭ ‬باقي‭ ‬دول‭ ‬القارة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإسهام‭ ‬المبدئي‭ ‬والفعلي‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإسهام‭  ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشهد‭ ‬نزاعات‭ ‬الحدود،‭ ‬أو‭ ‬تعرف‭ ‬انفجار‭ ‬حرب‭ ‬العرقيات‭ ‬والطوائف‭ ‬والأحزاب‭..‬‭. ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬الملفات‭ ‬يهمنا‭ ‬أن‭ ‬نتوقف،‭ ‬بالخصوص،‭ ‬عند‭ ‬موضوع‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬ليبيا‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬إثر‭ ‬تفاعلات‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي،‭ ‬وعند‭ ‬موضوع‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬وتهديدات‭ ‬الانفصال‭ ‬في‭ ‬شماله،‭ ‬وكذا‭ ‬التوتر‭ ‬والانفلات‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭. ‬وذلك‭ ‬باعتبار‭ ‬الملفات‭ ‬الثلاثة‭ ‬نموذجا‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإفريقية‭ ‬والدولية‭ ‬كما‭ ‬يتصورها‭ ‬المغرب،‭ ‬وكما‭ ‬يمارسها‭ ‬كمبدإ‭ ‬راسخ‭ ‬في‭ ‬سياساته‭ ‬الخارجية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬المغرب‭ ‬كقوة‭ ‬إقليمية‭ ‬تعتبر‭ ‬كل‭ ‬تفكك‭ ‬أو‭ ‬تهديد‭ ‬لمحيطها‭ ‬هو‭ ‬تهديد‭ ‬للمغرب‭ ‬ولإفريقيا‭.‬
 
2- : حين‭ ‬تصدعت‭ ‬أركان‭ ‬ليبيا‭ ‬إثر‭ ‬أحداث‭ ‬«الربيع‭ ‬العربي»‭ ‬بدا‭ ‬واضحا،‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬أن‭ ‬التصدع‭ ‬والتفكك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فقط‭ ‬أصلهما‭ ‬ليبياً‭. ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أيادي‭ ‬قذرة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬النار‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الداء‭ ‬الذاتي‭ ‬كان‭ ‬بالفعل‭ ‬سبب‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬شرق‭ ‬البلاد‭ ‬وغربها‭ ‬وجنوبها‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬رواسب‭ ‬قديمة‭ ‬قبلية‭ ‬وعرقية‭ ‬وسياسية‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬العطب‭ ‬الذاتي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬ينفجر‭ ‬بهذا‭ ‬الاتساع‭ ‬المأساوي‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تتدخل‭ ‬أطراف‭ ‬خارجية‭ ‬لحسابات‭ ‬استراتيجية‭ ‬تهم‭ ‬وضع‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإفريقي‭ ‬والمتوسطي،‭ ‬وتهم‭ ‬كذلك‭ ‬مآلات‭ ‬موارد‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭. ‬ولقد‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬المريضة‭ ‬بحدودها،‭ ‬وبهويتها‭ ‬المفقودة،‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأطراف‭ ‬المشعلة‭ ‬للنار،‭ ‬والمؤججة‭ ‬للضغائن‭ ‬والأحقاد‭.‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬كان‭ ‬للمغرب‭ ‬دور‭ ‬مميز‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬الليبي‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬قناعته‭ ‬بأن‭ ‬سلامة‭ ‬ليبيا‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬حيوي‭ ‬من‭ ‬سلامة‭ ‬أمنه‭ ‬الذاتي‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬ببلدان‭ ‬تتآكل‭ ‬جزئيا‭. ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬مبادرا‭ ‬إلى‭ ‬دعوة‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬الليبيين،‭ ‬وكل‭ ‬مكونات‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬والقبلية‭ ‬هناك،‭ ‬إلى‭ ‬الاجتماع‭ ‬في‭ ‬الصخيرات،‭ ‬في‭ ‬دجنبر‭ ‬2015،‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬اتفاق‭ ‬برعاية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبإسهام‭ ‬فعلي‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬كل‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬ترى‭ ‬فيه‭ ‬المنقذ‭ ‬والحكم‭ ‬العادل‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬السياق‭ ‬استضاف،‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬جديدة،‭ ‬مفاوضات‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬بالرباط‭. ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬ليدعو‭ ‬نفس‭ ‬الأطراف،‭ ‬في‭ ‬غشت‭ ‬2020،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تفعيل‭ ‬اتفاق‭ ‬الصخيرات‭ ‬حيث‭ ‬عقدت‭ ‬تسوية‭ ‬أولى،‭ ‬وعلى‭ ‬مبدأ‭ ‬تواصل‭ ‬اللقاءات‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حجم‭ ‬التحديات‭... ‬
ولقد‭ ‬كان‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬طريق‭ ‬التسوية‭ ‬كانت‭ ‬سالكة‭ ‬تماما‭ ‬بفضل‭ ‬اتفاق‭ ‬الصخيرات‭ ‬وما‭ ‬بعده،‭ ‬لكن‭ ‬تدخلات‭ ‬الجزائر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭ ‬الأجنبية‭ ‬الأخرى‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر،‭ ‬وفي‭ ‬تأبيد‭ ‬حالة‭ ‬التوتر‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭. ‬الأيادي‭ ‬القذرة‭ ‬ذاتها‭ ‬قامت‭ ‬بتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬التدخل‭ ‬عبر‭ ‬جر‭ ‬ألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬المستنقع،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬اعتراف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صحرائه‭. ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬صراحة‭ ‬بأن‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تنتصر‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬المطاف‭ ‬بدليل‭ ‬ما‭ ‬يتواصل‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تعميق‭ ‬كل‭ ‬عوامل‭ ‬الانشقاق‭ ‬واللاتفاهم‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬القطر‭ ‬الشقيق‭ ‬أسيرا‭ ‬لاستراتيجيات‭ ‬الطرف‭ ‬الأجنبي‭.‬
والحصيلة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬ليس‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬الجزائر‭ ‬ومن‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلكها‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭.‬
 
3-‭ ‬:  ارتباطا‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية،‭ ‬ومع‭ ‬تواصل‭ ‬آليات‭ ‬التفكك‭ ‬هناك،‭ ‬كانت‭ ‬مالي‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬تعيش‭ ‬هي‭ ‬الأخرى،‭ ‬وبالموازاة،‭  ‬نفس‭ ‬الداء‭ ‬بعد‭ ‬تفجر‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬إثر‭ ‬قيام‭ ‬أطراف‭ ‬انفصالية‭ ‬متمردة‭ ‬مسنودة‭ ‬بفصائل‭ ‬دينية‭ ‬متطرفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدخل‭ ‬المنطقة‭ ‬ضمن‭ ‬مخاطر‭ ‬الانشقاق‭ ‬تحت‭ ‬تهديد‭ ‬التدخلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬وتضخم‭ ‬عمل‭ ‬شبكات‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتهريب‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر،‭ ‬بحيث‭ ‬جعلت‭ ‬المنطقة‭ ‬بؤرة‭ ‬تنذر‭ ‬بكل‭ ‬المخاطر‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬استحضرنا‭ ‬تقاطع‭ ‬المصالح‭ ‬والأهداف‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الإرهابي‭ ‬الآخر‭ ‬«البوليساريو»‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬دولة‭ ‬الجنرالات‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭. ‬
هنا‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬أدواره‭ ‬السلمية‭ ‬الثابتة‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬بمقترحات‭ ‬عملية‭ ‬لحماية‭ ‬أمن‭ ‬مالي،‭ ‬ولدعم‭ ‬نهضتها‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬التعاون‭ ‬جنوب‭ ‬ـ‭ ‬حنوب،‭ ‬ولتنمية‭ ‬اقتصادها‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬خصص‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬مغربية‭ ‬هناك‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬كان‭ ‬خطاب‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬شتنبر‭ ‬2013،‭ ‬بالعاصمة‭ ‬باماكو،‭ ‬،‭ ‬إثر‭ ‬حفل‭ ‬تنصيب‭ ‬الرئيس‭ ‬إبراهيم‭ ‬بوباكار‭ ‬كيتا‭ ‬حيث‭ ‬هنأ‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬«هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬الجماعي‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬الظلامية‭ ‬والانفصال‭ ‬في‭ ‬مالي»،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬«تنظيم‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬شفافة‭ ‬وذات‭ ‬مصداقية،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ممارسة‭ ‬سيادتها»،‭ ‬وأشار‭ ‬الملك‭ ‬إلى‭  ‬«حجم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬المصالحة‭ ‬الوطنية‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء،‭ ‬التي‭ ‬هو‭ ‬مقبل‭ ‬عليها»،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬التحديات:
« -‭ ‬مصالحة‭ ‬هادئة‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬أبناء‭ ‬مالي،‭ ‬ومنفتحة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحساسيات‭. ‬ويعد‭ ‬إحداث‭ ‬«وزارة‭ ‬مكلفة‭ ‬بالمصالحة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتنمية‭ ‬مناطق‭ ‬الشمال»‭ ‬من‭ ‬بوادر‭ ‬التعبئة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬هذه‭ ‬المصالحة‭. ‬
-‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬مستديمة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توطيد‭ ‬المؤسسات‭ ‬السياسية‭ ‬والتمثيلية‭ ‬والأمنية،‭ ‬وتأهيل‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتحقيق‭ ‬التقدم.

 
‭ ‬وأخيرا‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الحقل‭ ‬الديني‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬به،‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬تام‭ ‬لسيادة‭ ‬مالي‭ ‬الكاملة‭ ‬وللاختيار‭ ‬الحر‭ ‬لأبنائه»‭. ‬
ولقد‭ ‬تلا‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬الاستقبال‭ ‬الملكي‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬للحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتحرير‭ ‬أزواد‭ ‬الذي‭ ‬جرى،‭ ‬بمراكش،‭ ‬يوم‭ ‬31‭ ‬يناير‭ ‬2014،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬الملك‭ ‬«حرص‭ ‬المملكة‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية،‭ ‬وعلى‭ ‬استقرار‭ ‬جمهورية‭ ‬مالي،‭ ‬وكذا‭ ‬ضرورة‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬حل،‭ ‬والتوصل‭ ‬الى‭ ‬توافق‭ ‬كفيل‭ ‬بالتصدي‭ ‬لحركات‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬المغاربي‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬وبتحفيز‭ ‬التنمية‭ ‬وضمان‭ ‬كرامة‭ ‬الشعب‭ ‬المالي‭ ‬الشقيق،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الوئام‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬مكوناته»‭.‬
ضمن‭ ‬نفس‭ ‬المسعى‭ ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬إلى‭ ‬جمهورية‭ ‬مالي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2014،‭ ‬حيث‭ ‬جدد‭ ‬الملك،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬المشترك‭ ‬الصادر‭ ‬بالمناسبة،‭ ‬«التعبير‭ ‬عن‭ ‬انشغال‭ ‬المملكة‭ ‬المستمر‭ ‬بخصوص‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬لجمهورية‭ ‬مالي‭ ‬واستقرارها،‭ ‬وكذا‭ ‬ضرورة‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬وتوافق‭ ‬يمكنان‭ ‬من‭ ‬التصدي‭ ‬للحركات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬على‭ ‬السواء‭ ‬بلدان‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء»‭.‬
ولأن‭ ‬مساعي‭ ‬المغرب‭ ‬كانت‭ ‬تجابه‭ ‬دائما‭ ‬بقوى‭ ‬الشر،‭ ‬فلقد‭ ‬فشلت‭ ‬كل‭ ‬المساعي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التدخلات‭ ‬الأممية،‭ ‬وتدخل‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬الخمس‭. ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تفاعلات‭ ‬لاحقة‭ ‬تم‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬طرد‭ ‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬التواجد‭ ‬على‭ ‬التراب‭ ‬المالي،‭ ‬ودخول‭ ‬البلد‭ ‬ومنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬مخاض‭ ‬جديد‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬احتمالات‭ ‬العناوين‭ ‬المجهولة،‭ ‬وضمنها‭ ‬الفشل‭ ‬النهائي‭ ‬لكل‭ ‬المساعي‭ ‬السلمية‭ ‬مع‭ ‬ثبوت‭ ‬معطى‭ ‬جديد‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬امتداد‭ ‬روسيا‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬منفذ‭ ‬ثان‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬بعد‭ ‬المنفذ‭ ‬السوري‭. ‬والنتيجة‭ ‬أن‭ ‬بلدا‭ ‬إفريقيا‭ ‬ثانيا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعيش‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬آثار‭ ‬التفكك‭ ‬وتهديدات‭ ‬الانشقاق‭ ‬والانفصال‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬حدة‭ ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭. ‬
هكذا‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬يد‭ ‬السلام‭ ‬الممتدة‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬الرباط‭ ‬تقابلها‭ ‬أياد‭ ‬قذرة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬ونظيراتها‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬ومن‭ ‬خارجه‭ ‬ليبقى‭ ‬المغرب‭ ‬مميزا‭ ‬دائما‭ ‬بتدخلاته‭ ‬الإيجابية،‭ ‬وبمساعيه‭ ‬السلمية،‭ ‬إيمانا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬الأمل‭ ‬بإفريقيا‭ ‬قوية‭ ‬ومتقدمة‭ ‬هو‭ ‬مسعى‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬مسعى‭ ‬الحرب‭.‬
أبناء‭ ‬ليبيا‭ ‬ومالي‭ ‬الأحرار‭ ‬وعموم‭ ‬الأفارقة‭ ‬وحدهم‭ ‬من‭ ‬يقدر‭ ‬قيمة‭ ‬الدور‭ ‬المغربي‭ ‬الجانح‭ ‬دوما‭ ‬نحو‭ ‬السلام،‭ ‬وأهمية‭ ‬ما‭ ‬يعمله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خروج‭ ‬إفريقيا‭ ‬من‭ ‬المخاض‭ ‬العسير‭ ‬بأقل‭ ‬الأضرار‭ ‬والخسائر‭.‬
تفاصيل أوفر تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية " الوطن الآن"