السبت 20 إبريل 2024
سياسة

شوقي: المغرب خلق ديناميكية جديدة بالاتحاد الإفريقي رغم مناورات الخصوم

شوقي: المغرب خلق ديناميكية جديدة بالاتحاد الإفريقي رغم مناورات الخصوم سمير شوقي لدى تغطيتة الصحفية لزيارة ملكية سابقة بإفريقيا
يؤكد‭ ‬سمير‭ ‬شوقي،‭ ‬الصحفي‭ ‬ومؤلف‭ ‬كتاب‭: ‬‮«‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬ملك‭ ‬إفريقي،‭ ‬عشرون‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬بأفريقيا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬استطاع‭ ‬منذ‭ ‬عشرون‭ ‬سنة‭ ‬أن‭ ‬يبصم‭ ‬على‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬اقتصادية‭ ‬متفردة‭ ‬أساسها‭ ‬رابح‭-‬رابح‭ ‬و‭ ‬الأولوية‭ ‬لأفريقيا،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬ينسج‭ ‬شبكة‭ ‬علاقات‭ ‬قوية‭ ‬مكنته‭ ‬من‭  ‬العودة‭ ‬للإتحاد‭ ‬الافريقي‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬ والعمل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الهيآت.
 
في‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وجه‭ ‬المغرب‭ ‬بوصلته‭ ‬نحو‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬البعض‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬توجه‭ ‬المغرب‭ ‬أملته‭ ‬توجهات‭ ‬مصلحية‭ ‬وليس‭ ‬اعتبارات‭ ‬موضوعية‭. ‬هل‭ ‬فعلاً‭ ‬«الهمزة»‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحكمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإختيار‭ ‬للمغرب؟
«غذاة‭ ‬وصول‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬للعرش‭ ‬الملكي‭ ‬سنة‭ ‬1999‭ ‬غير‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬سياسة‭ ‬المغرب‭ ‬اتجاه‭ ‬أفريقيا‭. ‬ففي‭ ‬عهد‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬كانت‭ ‬الاعتبارات‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬المحدد‭ ‬للحرارة‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬للمغرب‭ ‬في‭ ‬قارته،‭ ‬و‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬تفاعل‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭. ‬مع‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬تم‭ ‬تفعيل‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬الإقتصادية‭ ‬بمبدأ‭ ‬رابح-رابح‭ ‬كرافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للتعاون‭ ‬جنوب-جنوب‭ ‬وتم‭ ‬الإشتغال‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬تركته‭ ‬سياسة‭ ‬الكرسي‭ ‬الفارغ‭ ‬التي‭ ‬أعتمدها‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1984‭. ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬مصلحي‭ ‬صرف‭ ‬وإنما‭ ‬أملته‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬للقارة‭ ‬بأفريقيا‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬تتقدم‭ ‬ولن‭ ‬تنمو‭ ‬إلا‭ ‬بسواعد‭ ‬الأفارقة‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬العودة‭ ‬للإتحاد‭ ‬الافريقي،‭ ‬تم‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬رابحة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬وليس‭ ‬المغرب‭ ‬وحده‭ ‬وسأقول‭ ‬لك‭ ‬كيف‭ ‬ذلك»‭.‬
 
‬ارتباطاً‭ ‬بهذا‭ ‬السؤال،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬دينامية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬و‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬فإن‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬للمغرب‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬سوى‭ ‬7%‭ ‬بالكاد‭. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬السقف‭ ‬جد‭ ‬منخفض‭ ‬رغم‭ ‬«الدوباج»‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬طوال‭ ‬20‭ ‬سنة؟
«لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننسلخ‭ ‬عن‭ ‬السياق‭ ‬التاريخي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإقتصادية‭ ‬لتقييم‭ ‬حاضر‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬لازالت‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬لطموحات‭ ‬المملكة‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المبادلات‭ ‬كانت‭ ‬شبه‭ ‬منعدمة‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭. ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬تبخيس‭ ‬المجهود‭ ‬المبذول‭ ‬خلال‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬والذي‭ ‬انتقل‭ ‬خلاله‭ ‬رقم‭ ‬معاملات‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لأزيد‭ ‬من‭ ‬ملياري‭ ‬دولار‭ ‬والرقم‭ ‬مرشح‭ ‬للإرتفاع‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬أنشطة‭ ‬مجموعة‭ ‬OCP‭ ‬بالقارة‭. ‬تم‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬صار‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬مستثمر‭ ‬إفريقي‭ ‬بأفريقيا‭ ‬الغربية‭ ‬وثاني‭ ‬مستثمر‭ ‬إفريقي‭ ‬بالقارة‭ ‬كلها‭ ‬بأزيد‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وهامش‭ ‬الإرتفاع‭ ‬متوفر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عند‭ ‬استكمال‭ ‬مشاريع‭ ‬مجموعة‭ ‬OCP‭ ‬بعدة‭ ‬دول‭ ‬واستئناف‭ ‬المصارف‭ ‬المغربية‭ ‬وشركات‭ ‬التأمين‭ ‬لتواجدها‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الدول»‭.‬
 
‬في‭ ‬كل‭ ‬الإتفاقيات‭ ‬الموقعة‭ ‬أو‭ ‬الثمار‭ ‬التي‭ ‬حصدها‭ ‬المغرب‭ ‬بأفريقيا‭ ‬نجد‭ ‬فقط‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬والأبناك،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬نلمس‭ ‬حضوراً‭ ‬للمقاولات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬المغربية‭ ‬لإشراكها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬وحصد‭ ‬هذه‭ ‬الثمار،‭ ‬هل‭ ‬يعود‭ ‬ذلك‭ ‬لكون‭ ‬نقابة‭ ‬الباطرونا‭ ‬قوية‭ ‬وقريبة‭ ‬من‭ ‬مدفأة‭ ‬السلطة‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالح‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المقاولة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬أم‭ ‬يعود‭ ‬لتقصير‭ ‬حكومي‭ ‬في‭ ‬مرافقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬الصغار؟
«عند‭ ‬بداية‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‭ ‬تم‭ ‬وضع‭ ‬التصور‭ ‬الملكي‭ ‬للعودة‭ ‬بقوة‭ ‬لأفريقيا‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬الشق‭ ‬الإقتصادي‭ ‬ورافعته‭ ‬«الأبطال‭ ‬الوطنيين»‭ ‬الذين‭ ‬هم‭ ‬المقاولات‭ ‬الكبرى‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬وهو‭ ‬اختيار‭ ‬ذكي‭. ‬فهذه‭ ‬العينة‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬تمتلك‭ ‬إمكانيات‭ ‬كبيرة‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬فرص‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإستثمار‭ ‬الكبير‭ ‬وبذلك‭ ‬تتموقع‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وتعبد‭ ‬الطريق‭ ‬للمقاولات‭ ‬المتوسطة‭ ‬والصغيرة‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬صعوبة‭ ‬الإستثمار‭ ‬بأفريقيا‭ ‬وخصوصية‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬الخبرة‭ ‬وتوفر‭ ‬المعلومة،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يتأتى‭ ‬إلا‭ ‬للدولة‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الموازية‭ ‬وللشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المعنية‭. ‬دور‭ ‬هذا‭ ‬الثنائي‭ ‬هو‭ ‬مساعدة‭ ‬المقاولات‭ ‬المتوسطة‭ ‬والصغرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المناولة‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬حسن‭ ‬اختيار‭ ‬دول‭ ‬الاستقبال‭ ‬والقطاعات‭ ‬المنتجة‭. ‬الآن‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬تواجد‭ ‬المقاولات‭ ‬المتوسطة‭ ‬والصغرى‭ ‬المغربية‭ ‬بأفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬كاف‭ ‬بالنظر‭ ‬لفرص‭ ‬الأعمال‭ ‬المتوفرة‭. ‬لكن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬لكون‭ ‬450‭ ‬مقاولة‭ ‬متوسطة‭ ‬وصغيرة‭ ‬زارت‭ ‬أفريقيا‭ ‬بمساعدة‭ ‬الهيئة‭ ‬الحكومية‭ ‬«مغرب‭ ‬تصدير» ومنها‭ ‬من‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬مبادرات‭ ‬أعمال،‭ ‬أما‭ ‬اتحاد‭ ‬مقاولات‭ ‬المغرب‭ ‬فيركز‭ ‬فعلاً‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬المقاولات‭ ‬الكبرى‭ ‬بينما‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬95%‭ ‬من‭ ‬هيئات‭ ‬أعضائه‭ ‬هم‭ ‬مقاولات‭ ‬متوسطة‭ ‬وصغيرة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬تداركه!.
 
‬الحضور‭ ‬المالي‭ ‬بأفريقيا‭ ‬ينحصر‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬البنكي‭ ‬مقابل‭ ‬حضور‭ ‬محتشم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التأمينات،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬راجع‭ ‬لقوة‭ ‬الشركات‭ ‬الجنوب‭ ‬افريقية‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬تمدد‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التأمينات،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مرتبط‭ ‬باختيار‭ ‬رسمي‭ ‬للرباط،‭ ‬علماً‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬بنى‭ ‬معظم‭ ‬اختياراته‭ ‬على‭ ‬القطب‭ ‬المالي‭ ‬للدارالبيضاء‭ ‬كمنصة‭ ‬جهوية‭ ‬HUB‭ ‬كواجهة‭ ‬للتغلغل‭ ‬بأفريقيا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬القطب‭ ‬المالي؟
«غير‭ ‬صحيح،‭ ‬الحضور‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬التأمينات‭ ‬غير‭ ‬محتشم‭ ‬بل‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬بذكاء‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬البنوك‭ ‬سباقة‭ ‬للإستثمار‭ ‬بأفريقيا‭ ‬وهو‭ ‬التوجه‭ ‬السليم،‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬البنوك‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬استثمارها‭ ‬بعدة‭ ‬دول،‭ ‬مرت‭ ‬لإطلاق‭ ‬فروع‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التأمين‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬أكثر‭ ‬تدهوراً‭ ‬بأفريقيا‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬البنكي‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يعتبر‭ ‬مجهرياً‭ ‬عند‭ ‬دخول‭ ‬البنوك‭ ‬المغربية‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬القارة‭. ‬تم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نبخس‭ ‬مبادرات‭ ‬شركات‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬البنوك‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لسهام‭ ‬وهو‭ ‬لماركوم‭. ‬الوضع‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تواجد‭ ‬فروع‭ ‬التأمين‭ ‬لكبريات‭ ‬البنوك‭ ‬المغربية‭  ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬بأفريقيا‭ ‬وهي‭ ‬لازالت‭ ‬توسع‭ ‬رقعة‭ ‬استثماراتها‭ ‬بالنظر‭ ‬للهامش‭ ‬الكبير‭ ‬المتوفر‭ ‬بأفريقيا‭. ‬وبالنظر‭ ‬لهذا‭ ‬الهامش‭ ‬الكبير،‭ ‬لا‭ ‬أعتبر‭ ‬منافسة‭ ‬الشركات‭ ‬الجنوب‭ ‬افريقية‭ ‬مزعجة‭ ‬أو‭ ‬مضايقة‭ ‬للطرف‭ ‬المغربي‭ ‬فـ‭ ‬«الكعكة»‭ ‬كافية‭ ‬للجميع،‭ ‬لكن‭ ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التأمين‭ ‬الجنوب‭ ‬افريقية‭ ‬كانت‭ ‬سباقة‭ ‬للتوغل‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الإفريقي‭ ‬وخاصة‭ ‬بجنوب‭ ‬القارة‭ ‬وفي‭ ‬المحصلة‭ ‬يبقى‭ ‬السباق‭ ‬مفتوحاً‭ ‬داخل‭ ‬سوق‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭.‬

بخصوص‭ ‬القطب‭ ‬المالي‭ ‬للدارالبيضاء،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬افريقياً‭ ‬إذ‭ ‬تجاوز‭ ‬قطب‭ ‬جوهنسبورغ،‭ ‬فالمغرب‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬بوابته‭ ‬للإستثمار‭ ‬بافريقيا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬شركات‭ ‬عالمية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإشعاع‭ ‬والمعاملات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬الدارالبيضاء‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬هوامش‭ ‬غير‭ ‬مستغلة‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬قطب‭ ‬الدارالبيضاء‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬فتور‭ ‬في‭ ‬أنشطته‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬كوفيد-19‭ ‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬القائمين‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬القطب‭ ‬أن‭ ‬يعلمون‭ ‬أننا‭ ‬لسنا‭ ‬وحدنا‭ ‬بأفريقيا‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يتحين‭ ‬الفرص‭ ‬الإستثمارية‭ ‬لكبريات‭ ‬المجموعات‭ ‬المالية‭ ‬العالمية»‭.‬
 
‬إذا‭ ‬قارنا‭ ‬المشاريع‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬مجموعة‭ ‬OCP‭ ‬بدول‭ ‬أفريقية‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬خرجت‭ ‬للعلن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬معقول‭ ‬(رواندا،‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬الخ‭..‬)‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬النيجيري‭ ‬نحو‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬المغرب،‭ ‬بقي‭ ‬حبيس‭ ‬«الشفوي»‭ ‬والخطابات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬النور‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬تعهد‭ ‬المغرب‭ ‬ونيجيريا‭ ‬بإنجاز‭. ‬ما‭ ‬هو‭ ‬السبب؟
«هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬مجموعة‭ ‬OCP‭ ‬والمشاريع‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬المغرب‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬مذكرات‭ ‬تفاهم‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬نيجيريا-المغرب‭.‬
فمجموعة‭ ‬OCP‭ ‬أنشأت‭ ‬فرعاً‭ ‬خاصاً‭ ‬بأفريقيا‭ ‬هو‭ ‬OCP Africa‭ ‬مهمته‭ ‬الاستطلاع‭ ‬والتنقيب‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬الإستثمار‭ ‬والتعاون‭ ‬جنوب-جنوب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬تم‭ ‬تتبع‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬قيد‭ ‬الإنجاز‭  ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬18‭  ‬فرعاً‭ ‬تتواجد‭ ‬بـ‭ ‬12‭ ‬دولة‭. ‬وتشتغل‭ ‬هذه‭ ‬الفروع‭ ‬وفق‭ ‬هيكلة‭ ‬ناجعة‭ ‬تنفذها‭ ‬كفاءات‭ ‬مغربية‭ ‬ومحلية-افريقية‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬المكان‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬المكاتب‭ ‬المكيفة‭ ‬وإنما‭ ‬داخل‭ ‬الحقول‭ ‬ومع‭ ‬المزارعين‭ ‬والضيعات‭ ‬التجريبية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وبقرب‭ ‬المصانع‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬المجموعة‭ ‬بعدة‭ ‬دول‭ ‬والمشاريع‭ ‬قيد‭ ‬الإنجاز‭ ‬والتي‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬أجندة‭ ‬محددة‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تؤخرها‭ ‬سوى‭ ‬حالات‭ ‬القوة‭ ‬القاهرة‭ ‬(كوفيد،‭ ‬النزاعات‭ ‬والتغييرات‭ ‬السياسية)‭...‬‭.‬

أما‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الدولة‭ ‬كمشروع‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬نيجيريا-المغرب‭ ‬فهي‭ ‬تستجيب‭ ‬لمقاربة‭ ‬مختلفة‭. ‬فالمشروع‭ ‬ليس‭ ‬مغربياً‭ ‬خالصاً‭ ‬وإنما‭ ‬مشروعاً‭ ‬مشتركاً‭ ‬يهم‭ ‬كذلك‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬بلداً‭ ‬سيمر‭ ‬منها‭ ‬الأنبوب‭ ‬مما‭ ‬يعقد‭ ‬سيرورة‭ ‬اتخاد‭ ‬القرار،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬المعضلة‭ ‬الكبرى‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬وهي‭ ‬الكلفة‭ ‬الكبيرة‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬25‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬الآن،‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬بلورة‭ ‬برنامج‭ ‬تمويله‭ ‬اي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مستثمرين‭ ‬مهتمين‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬ليست‭ ‬بالسهلة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬سقف‭ ‬«الشفوي»،‭ ‬فقيادات‭ ‬البلدين‭ ‬مهتمة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بالمشروع‭ ‬ولعل‭ ‬دليلي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬نيجيريا‭ ‬الجديد‭ ‬خص‭ ‬أول‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬حول‭ ‬المشروع‭ ‬و‭ ‬جدية‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معه»‭.‬
 
منذ‭ ‬عودة‭ ‬المغرب‭ ‬للإتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬سنة‭ ‬2017،‭ ‬بدأت‭ ‬أصوات‭ ‬ترتفع‭ ‬مطالبة‭ ‬بطرد‭ ‬البوليساريو‭ ‬ككيان‭ ‬وهمي‭ ‬يشوش‭ ‬على‭ ‬مصداقية‭ ‬و‭ ‬حرمة‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الثقل‭ ‬التاريخي‭ .‬ما‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬لجعل‭ ‬هذا‭ ‬المطلب‭ ‬قابلاً‭ ‬للتنفيذ‭ ‬خاصة‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تبنت‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو‭ ‬وصل‭ ‬لـ‭ ‬28‭ ‬دولة؟
«عودة‭ ‬المغرب‭ ‬للإتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬صححت‭ ‬خطأً‭ ‬تاريخياً‭ ‬جعل‭ ‬خصومنا‭ ‬يتوغلون‭ ‬داخل‭ ‬الإتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لمدة‭ ‬34‭ ‬سنة‭ ‬ويسيطرون‭ ‬على‭ ‬لجان‭ ‬وهيآت‭ ‬الإتحاد‭ ‬وينسجون‭ ‬شبكة‭ ‬ولاءات‭ ‬داخل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬عرقلة‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمغرب‭. ‬بعد‭ ‬العودة‭  ‬المظفرة‭ ‬للمغرب‭ ‬والتي‭ ‬استغرق‭ ‬المغرب‭ ‬للإعداد‭ ‬لها‭ ‬حوالي‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬سنة‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الهياكل‭ ‬المسيرة‭ ‬للإتحاد‭ ‬وخاصة‭ ‬اللجان‭ ‬الدائمة‭. ‬مرت‭ ‬الآن‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬المغرب،‭ ‬فهل‭ ‬نمنا‭ ‬في‭ ‬العسل؟‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لا‭. ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬اشتغل‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬كواليس‭ ‬الإتحاد‭ ‬ونسج‭ ‬شبكة‭  ‬صداقات‭ ‬وتحالفات‭ ‬مكنته‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬ممثل‭ ‬الجزائر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرأس‭ ‬أقوى‭ ‬لجنة‭ ‬وهي‭ ‬«الأمن‭ ‬والسلم»‭ ‬لمدة‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬و‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬عضواً‭ ‬قوياً‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬اللجنة‭ ‬وأخمن‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬يرأس‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬الأكثر‭. ‬أما‭ ‬مسألة‭ ‬طرد‭ ‬البوليساريو‭ ‬أعتبر‭ ‬أنها‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬محو‭ ‬تراكمات‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭. ‬اليوم‭ ‬المغرب‭ ‬يحوز‭ ‬موافقة‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثين‭ ‬بلداً‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬بعين‭ ‬الرضى‭ ‬لتواجد‭ ‬كيان‭ ‬انفصالي،‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كعضو‭ ‬في‭ ‬الإتحاد‭ ‬الإفريقي‭.‬

لي‭ ‬كامل‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬اشتغال‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬وظني‭ ‬أن‭ ‬طرد‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬الإتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬قبل‭ ‬العام‭ ‬«2030‬.
 
سمير شوقي/ صحفي ومؤلف كتاب «محمد السادس ملك إفريقيا»