يعتبر الحق في الحياة هو أسمى الحقوق الكونية المكفولة للإنسان عبر المواثيق الدولية كما جاء صريحا في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان «لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه»، و قبلها كان النص القرآني واضحا في عدة مناسبات، كقوله تعالى: «مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». وقوله جلّ جلاله: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖإِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا».
من هذا المنطلق الحقوقي المتوافق تمام التوافق مع الثوابت الوطنية، يتضح أن على المكلفين بأمن وسلامة المواطنين والمواطنات أن يبذلوا مجهودا مزدوجا لحماية أنفسهم من جهة، أثناء قيامهم بواجبهم عند الدخول في مواجهة مع من يعرضون حياة المواطنين وسلامتهم للخطر، ومن جهة ثانية، عليهم أن يكونوا متمكنين بما فيه الكفاية من تقنيات وفنون القتال والحرب الجسدي التي تجعلهم يتفوقون على الأشخاص الذين يواجهونهم سواء كانوا عزلا أو يحملون أسلحة بيضاء، وبالتالي يكون رجال ونساء الأمن قادرين على تحييد الأشخاص المعتدين واعتقالهم بغرض عرضهم على الجهاز القضائي الذي يعتبر الجهة الوحيدة المخول لها بإنزال العقوبة على الجاني .
صحيح أنه في الٱونة الأخيرة، تعددت حالات خروج مجموعة من الأشخاص في حالة هيجان غير طبيعي مشهرين أدوات حادة من مختلف الأحجام ومعرضين حياة الناس للخطر، بل ويواجهون رجال الأمن الذين أصبحوا بدورهم يفرطون في اللجوء إلى استعمال السلاح الناري لأجل تحييد المعتدي neutraliser l’agresseur . هذه الظاهرة تدفعنا إلى الإدلاء بالملاحظات والتساؤلات التالية لعلنا نساهم في معالجة ما يمكن معالجته نلخصها في خمس ضرورات:
1- ضرورة تشديد السلطات العمومية على مسألة صناعة وترويج الأدوات الحادة بالأسواق المغربية حتى لا تكون في متناول الجميع بسهولة، نظراً لما خلفته من جرائم بشعة استأثرت باهتمام الرأي العام الوطني والدولي، كان أبشعها ما تعرضت له سائحتان بكل من مدينة تيزنيت وأكادير ...
2- ضرورة تأهيل رجال ونساء الأمن على المستوى القانوني والحقوقي والنفسي بما يجعلهم يدركون دقة المواقف التي يعيشون لحظة المواجهة وبالتالي يتحكمون في تصرفاتهم بما لا يدع مجالا للنيل من قانونية تدخلهم ويرفع من موضوعية أسلوب المعالجة ويحصنهم من تأثير الانفعال أو الرغبة في الانتقام .
3- ضرورة تجهيز رجال ونساء الأمن وتدريبهم على استعمال أسلحة رادعة متطورة، كهربائية، مغناطيسية، كيميائية... تمكنهم من السيطرة على الأشخاص الذين يوجدون في حالة هيجان دون الحاجة إلى استعمال السلاح الناري إلا لمواجهة من يستعمل سلاحا ناريا .
4- ضرورة جعل رجال ونساء الأمن في وضعية التأهب البدني والنفسي الكامل والدائم بما يأهلهم بمواجهة هؤلاء الأشخاص والسيطرة عليهم، حتى لا يكون العجز البدني لرجل الأمن وضعف جاهزيته سببا في تسرعه باستعمال السلاح الناري. ولن يتحقق ذلك إلا بوضع برامج صارمة للتمارين والتداريب البدنية الأسبوعية لكل العناصر الأمنية المكلفة بالتواجد في الميدان .
5- ضرورة وضع برامج تربوية تحسيسية موجهة لعموم المواطنين والمواطنات وكل الفئات العمرية تبين خطورة ظاهرة العنف وتدعو إلى استعمال الأساليب السلمية لمعالجة المنازعات. وتبين للجميع كيف يساهم للقضاء على ظاهرة العنف في المجتمع وكيف يتعامل مع وضعيات مماثلة دون تعريض نفسه أو غيره للخطر.
النزهة أباكريم/ برلمانية، ونائبة رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب