يعود فاتح ماي عيد العمال هذه السنة بزخمة النضالي بعدما عاش سنتين يتيمتين بدون نبض ولا حركة جراء كورونا. وستعرف شوارع المدن الكبرى مسيرات للنقابات المركزية الممثلة الشغيلة التعليمية في جو يطبعه التوتر وتسوده التفرقة المخدومة التي لا تخدم مصالح العمال.
هي مناسبة عيد ومحطة حصيلة نحتاج فيه لتقييم موضوعي يحفزنا كما جرت العادة للإعلان عن مكاسب أخرى وطموحات لتحسين الوضعية في جو من المسؤولية والفرحة كذلك. أليس المناسبة عيد كما يشاع في سائر أقطار الدنيا؟
الصورة تبدو مرتبكة بعض الشيء من خلال افتعال ملامح غير صحيحة ولا تتحلى بالواقعية من منظور الشروط والحيثيات التي يعتمل فيها الصراع بين مكونات ثلاث على الأقل (النقابات وأرباب العمل والحكومة) وقبل التطرق للمنجزات التي يمكن جعلها مبررا للاحتفال بهذه المناسبة حتى لا ننجر لفيلق المتشائمين والعدميين الذين لا يحلو لهم سوى سب الظلام والنظر للكأس الفارغة. وحتى نعطي بشكل موضوعي لكل ذي حق حقه.
ما يطبع هذه السنة أن الحكومة الحالية رفعت شعارين بشكل مبالغ فيهما غير مستقرئة للواقع لحد الساعة ولم يظهر سوى النقيض .
*حكومة اجتماعية...ذات كفاءات
فتم في ظل زمن قياسي (سنة ونصف) نسف كل ملامح الاستقرار للقدرة الشرائية والقضاء على ذاك الفارق الذي كان يميز الطبقة المتوسطة عن الهشة والميسورة فلم نعد نشهد سوى طبقتين (غنية -مسحوقة).
وهناك من يطمئن أن الغد أفضل ونحن لا نرى له مؤشرات مشجعة. لا نختلف كون هذه الحكومة ورثت إجراءات عن سابقاتها لكن هناك رصيد اقتصادي مهم تحتاج للإبداع فيه بما يتوافق مع التطورات الحالية ضمانا للاستقرار الاجتماعي. مع الضرورة بترتيب الأولويات التي تنادي بها مجموعة من الهيئات والمنظمات الغير الحكومية وبتوصيات المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب والتي تركز على تحسين الدخل تشجيعا للقدرة الشرائية مع الحرص على كرامة العيش للمواطن.
إذا أردنا تقييم الحصيلة وما توصلت إليه النقابات بمعية الحكومة يجب الأخذ بعين الاعتبار أننا نعيش ازمة نتجت عن تركة متوارثة عن مسؤولين سابقين وحاليين ومع وجود انتماء نقابي ضعيف لا يشجع على تبني قضايا الشغيلة والمرافعة حولها في ظل غياب الحضور الكمي والنوعي في ساحة النضال المدعم الأول والحاسم المهم لمعركة انتزاع المكاسب والقرارات لصالح الفئات المستهدفة. كل هذه الأجواء المشحونة والمعادلات المختلة لم تثن المركزية الأولى على الالتزام بتعهداتها اتجاه العمال والعاملات وكعادتها تأبى نقابة الاتحاد المغربي للشغل كمركزية نقابية اولى على الصعيد الوطني مركزيا وقطاعيا ان تتحمل مسؤوليتها كاملة وبشجاعة وبدون مواربة للدفاع عن الشغيلة بدون قيد أوشرط لأنه من صميم مسؤوليتها الأخلاقية وما حققته من مطالب لم يثنها عن الاستمرار في خندق الدفاع ولو لوحدها لأن ما يهم في النضال الحقيقي هو البقاء في ساحة الشرف والدفاع عن الحقوق بكل مسؤولية والتزام .وعلى من يستكثر على الاتحاد المغربي للشغل هذه الصفة ويسعى للتشويش على صورته فرصيده النضالي يستمده من كل الذين صوتوا عليه وبوأوه هذه المرتبة فهم من لهم حق نقاش هذا الأمر .
الاتحاد المغربي للشغل لازال في ساحة النضال مستمرا وقد أصدر وثائقه التأطيرية للشغيلة بمناسبة فاتح ماي ولن يترك مكانه فارغا ولن يتنازل عن حقوق العمال والعاملات وسيدافع عنها بكل استماته مادام هناك شعار خالد ومؤطر (خذ وطالب) و(في الاتحاد قوة).