الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

محمد هرار:ظاهرة الالتزام في رمضان إلى أين؟

محمد هرار:ظاهرة الالتزام في رمضان إلى أين؟ محمد هرار
من منّا لم يلاحظ مظاهر التّدين في أوّل يوم من شهر رمضان المبارك؟. حيث يرتفع منسوب الإيمان لدى الجميع دون استثناء يذكر، رجالا ونساء، شبابا وشيبا، ما يدفع بمجموعة من الظواهر التي لم تكن قبيل رمضان طافحة على السّطح؛ كإقبالهم على المساجد بشكل ملفت، حتى تغصّ بالمصلّين وتفيض بهم إلى السّاحات المحيطة في جوّ إيماني قليلا ما تجد له نظيرا خلال الأشهر الاثني عشرة المتبقّية من السّنة الهجريّة.
ويعزو الكثير من المتابعين للشّأن الدّيني الظّاهرة في رمضان إلى عدّة أسباب، منها كما جاء في بعض الأحاديث تصفيد مردة الجانّ، وهو ما يسمو بترقية روح المؤمن وإقبالها على الطّاعة بعد أن تحرّرت من قيود وساوسهم التي لا تتوقّف.. كما أنّ نشاط الدّعاة من خلال الدّروس والمواعظ المكثفة في هذا الشّهر الفضيل، واجتهاد القرّاء في صلاة التّراويح بأصوات عذبة جدّ مؤثرة ونادية وهادئة مريحة اللقب، موجبة للخشوع، خصوصا فئة الشّباب منهم الذين تعلّموا القراءة بمنهجيّة تحترم أحكام التلاوة ومخارج الحروف.. بالإضافة إلى تخصيص الإعلام المرئيّ والمسموع طيلة الشّهر، بتناوله لمواضيع رمضان، وما تحمله من الفتوى بأحكام الصيام.. ناهيك عن مضاعفة الأجر والثّواب لتلاوة القرآن، مع التّركيز على أعمال البرّ والإحسان؛ إذ الحسنة بعشر أمثالها إلى تَضْعِيفِ بسَبْعِمِائَةِ ضِعْف كما أخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكلّها أمور تجيب بجلاء على ظاهرة الإقبال بتنافس على أداء الفريضة والنّوافل، أملا في التّقرّب إلى المولى عزّ وجلّ، وابتغاء مرضاته؛ ما يجعل روح المؤمن تتطهّر وتتوب وترقى محلقة في مُلك الله جلّ وعلا رجاء المغفرة.. فالصّيام والقيام وتلاوة القرآن.. كل ذلك يرجى به الوصول إلى ثمرة التّقوى، ليصل العبد المؤمن إلى رضا ومغفرة من المولى عزّ وجلّ.
وقد وجد العديد من الملاحظين أنّ ظاهرة الالتزام هذه السّنة ملفتة ومتميّزة وقد عمّت العالم الإسلاميّ، كما تتداول ذلك وسائل التّواصل الاجتماعيّ، حتّى ظنّ الكثير أنّه قد تكون ناجمة عن حدوث أمر ما في المستقبل القريب!!..
ويظلّ الجواب يكمن في إلقاء نظرة بسيطة بعد أوّل يوم من شهر شوّال على تلكم المساجد، لنرى هل هي كما كانت عليه في شهر الصّيام والقيام، أم أنّها عادت إلى وضعها المعتاد الذي يشكو الخواء!؟.
على المؤمن بعد أن عاش في نفحات، أجواء الالتزام والتّقوى والصّفاء والتّكافل وأعمال البرّ والإحسان في شهر رمضان، ألّا يعود القهقرى بعد رمضان، مغيّرا سلوكه ناقضا عهده مع خالقه؛ فالمولى عزّ وجلّ سبحانه وتعالى، هو ربّ الشّهور وهو خالقها جميعا؛ لذا وجب على المؤمن أن يستغل الدفعة القوية الإيمانية التي تزود بها طيلة الشهر المبارك.. ومن المعلوم أن الدلالة على قبول العمل؛ التوفيق لعمل مثله أو يفوقه بكثير مع الاستمرار عليه.. وفقنا الله جميعا إلى ما يحبه ويرضاه.