الظهير الجديد الذي أصدره الملك المحمد السادس بشأن منع الأئمة والخطباء والمشتغلين في الحقل الديني من ممارسة أي نشاط سياسي مع ضرورة الإلتزام بأصول المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وثوابت الأمة المغربية، بالإضافة إلى الإعلان عن إنشاء "معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات"، يمثل خطوة هامة -حسب المراقبين- في مسار تحصين الاعتدال الديني الذي يسعى المغرب الى تكريسه وقطع الطريق أمام تسلل التيار الجهادي والمتشدد إلى الحياة الدينية مثلما وقع في دول قريبة مثل الجزائر وتونس ومالي وغيرها، حيث تمكن الفكر المتشدد في هذه الدول من السيطرة على المساجد واستقطاب العاملين بها كخطوة أولى مستفيدا من تراخي هذه الدول، إلى جانب التحدي الذي أضحت تفرضه الفضائيات الدينية التي تروج للغلو التشدد.
ويدخل القانون الجديد، حسب المراقبين، في سياق مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني التي انطلقت في أعقاب اعتداءات نيويورك، وتحديدا مع تعيين أحمد التوفيق وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية خلفا لعبد الكبير العلوي المدغري مع نهاية 2002 أي قبل اعتداءات الدار البيضاء الإرهابية في 16 ماي 2003.
ويرى منتصر حمادة، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن الظهير الخاص بمنع الأئمة والخطباء منممارسة أي "نشاط سياسي" أو "اتخاد أي موقف سياسي أو نقابي" يندرج في سياق إصرار بعض أتباع حركات إسلامية وتيارات سلفية على توظيف المؤسسات الدينية والمساجد خدمة لمشروعها الحركي والذي لا يخرج، على الأمد البعيد، على التأسيس لـ "دولة الخلافة"، إلى جانب الهاجس السياسي الذي يجعل العديد من الأئمة المنتمين إلى حزب سياسي، حكومي أو معارض، قد يستغلون منابر المساجد في سياق حملات انتخابية غير مباشرة، ومن هنا قطع الطريق الرسمي عن هذه التوظيفات.
أما على المستوى الإقليمي، فيكفي متابعة الأوضاع المضطربة في المشرق العربي، وخاصة في العراق وسوريا، وأيضا في مصر، وهي أحداث تقف وراء إبداء بعض الأئمة والخطباء لمواقف سياسية من هذه الأحداث، وهي مواقف قد تتعارض في حالات عديدة -يقول حمادة- مع المواقف الرسمية للدولة المغربية، انطلاقا من هذه الحيثيات يمكن فهم التعاطي الحازم للدولة انطلاقا من هذا الظهيرمع محاولات توظيف المؤسسات الدينية في المغرب خدمة لإيديولوجيات دينية متطرفة.
منتصر حمادة، باحث في شؤون الحركات الإسلامية