الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

تعرف على أسباب تفرّد حضارة وتراث الصناعة التقليدية والكتابة المعمارية المغربية

تعرف على أسباب تفرّد حضارة وتراث الصناعة التقليدية والكتابة المعمارية المغربية علي السايري الخبير في تاريخ الحرف المغربية وفي الأطار عتيق بنشيكر صاحب قناة " عتيق تيفي"

استضاف عتيق بنشيكر بقناته "عتيق تيفي"، علي السايري الخبير في تاريخ الحرف المغربية للحديث عن الحضارة المغربية من خلال التراث عموما والصانع والصناعة التقليدية خصوصا. على اعتبار أن علي السايري كان يشتغل كموظف عمومي بعد دراسته الجامعية والتحاقه بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية، حيث بدأ حياته المهنية في الأمانة العامة للحكومة في الشؤون الإدارية ثم انتقل إلى وزارة التجارة والصناعة (مدير الشؤون العامة، ومدير ديوان لعدد من الوزراء)، ومن تم عين مديرا لدار الصانع ومدير التراث وإنتاج الصناعة التقليدية.

عن المحرك والرابط الحضاري والإنساني والوطني الذي جمع ضيف برنامج عتيق بنشيكر، مع هذا الموروث التراثي أوضح علي السايري قائلا: "اعتبر أن عملي بدار الصانع هو هواية أكثر منه وظيف، لأنني ارتبطت بقطاع الصناعة التقليدية لما عرفت عن قرب معنى الصناعة التقليدية، وعشت حياة الصناع والحرفيين التقليديين".

وبالنسبة لضيف قناة "عتيق تيفي" أن الصانع التقليدي هو ذلك الشخص الذي يشتغل بيده، وهو الإنسان الذي يتملك الذكاء اليدوي"، وأوضح قائلا: "لقد وهب الله الإنسان ذكاء ذهني وذكاء يدوي وهناك من يمتلكهما معا"

في هذا السياق أكد مدير دار الصانع بأن "الصّنّاع التقليديين الأوائل كانوا يجمعون بين الذكاء الذهني والذكاء اليدوي". وأشار في حديثه إلى أن داخل ورشة الصانع التقليدي كنت تجد فيها دائما "لَمْعَلَّمْ، وفيها كذلك الصُّنَّاعْ، ثم لَمْتْعَلْمِينْ، وهم من أبناء الصّنّاع التقليديين وكذا أبناء لَمْعَلَّمْ صاحب الورشة". وكان (لَمَتْعَلْمِينْ) من أبناء الصناع يزاوجون بين "تعلّم القراءة والكتابة بِالَمْسِيَّدْ، وتعلّم الصّنعة بورشة الصناعة التقليدية". وهذا كان سببا في فتح الباب أمام "المتفوقين منهم بمدينة فاس لمتابعة تعليمهم بمؤسسات أخرى مثل القرويين والبعض منهم التحق بالمدارس الدينية بمراكش أو نواحيها" حسب علي السايري.

واستطرد علي السايري موضحا بأن هذا العامل التربوي بالنسبة للمتعلمين في أوراش الصناعة التقليدية سابقا هو الذي "عزز الإرتباط والجمع بين الذكاء الذهني والذكاء اليدوي". حيث أكد على أن : "هذه هي الشريحة الاجتماعية الأولى التي خلقت التراث المغربي، لأن التراث لم يخلقه أناس أميين بل خلقه أناس علماء ومتعلمين".

وفي حديثه عن التراث المغربي قال ضيف القناة: "نحن لنا خصوصية مغربية على مستوى التراث والتي يتفرد بها المغرب على باقي الدول العربية"، وما ميز المغرب "من تفرد هو التاريخ والجغرافيا. وبحكم موقعه الجغرافي عرف مرور عدد هائل من الحضارات الإنسانية قبل العصر الإسلامي (الفينيقية والروماني و...)".

وأوضح بأن "المغرب ظل متفردا في تراثه ولم يعد له منذ القديم ارتباط بالمشرق"، على اعتبار أنه "بعد مجيء الأدارسة تمت القطيعة مع المشرق". مما ساهم بشكل كبير في "خلق تفرد حضارة وتراث المغرب بتراكماته عبر التاريخ".

ولم يفت ضيف عتيق بنشيكر أن "يشير إلى أن خاصية التسامح والتعدد الثقافي ساهمت في تكوين الجالية اليهودية المغربية التي راكمت بدورها تراثها على المستوى الوطني والذي امتزج بالتراث المغربي". فضلا عن "الجدور التاريخية والعلاقات القوية للمغاربة مع التراث الإفريقي".

في سياق متصل أورد علي السايري أن المغرب يمتاز بـ "تعدد روافد التراث المغربي، بما فيه الشفوي واللامادي والمادي" حيث أشار إلى "وجود لمسات إفريقية في التراث المغربي".

واستدل على تفرد المغرب في هذا المجال بـ "الكتابة المعمارية المغربية والتي لا علاقة لها بالكتابة المعمارية الإسلامية ". على اعتبار أن "الهندسة الإسلامية نشأت في المشرق العربي". والدليل أن "أول مسجد كبير بني في دمشق على أنقاض كنيسة وهو المسجد الأموي، وأخذ الطابع البازليكي (طابع الكنيسة)، حيث نجد القبة دائرية وشكل الصومعة الدائري وهذا الشكل الهندسي غير موجود عندنا في المغرب". حسب قوله

وعن الهندسة المعمارية المغربية أوضح بأننا "نجد الصومعة بشكل هندسي مربع، أما شكل القبة فهو مستطيل،  وهذا ما يميز تفرد الكتابة المعمارية المغربية التربيعية التي أخذت من التراث المحلي على مستوى المعمار الخالص لهندسة القصبة الأمازيغية التي بنيت على التربيع ونفس الشيء عرفه شكل بنايات المساجد المغربية".

وأفاد بأن "الهندسة المعمارية التربيعية التي بنيت بها المساجد المغربية خلقت في المغرب، ونجد منها القليل في الجزائر وتونس حيث نقلها الأندلسيون إلى هناك"، وحتى في الأندلس فقد "تميزت الكتابة المعمارية المغربية" على اعتبار أن "جميع المساجد التي شيدت في الأندلس بنيت بطريقة هندسية تربيعية (التربيع)".

وشدد على أن الهندسة المعمارية التي تعتمد على التربيع قد "انطلقت من الكتابة المعمارية المغربية" وقال في هذا الصدد بأن الكتابة المعمارية المغربية "انطلقت من مدينة مراكش، والزليج من مدينة فاس"، وبخصوص صناعة الزليج أوضح: "بأنه موجود في الحضارة الإسلامية (العراق سوريا إيران..) ولكن زخرفته لا تشبه تفرد المنتوج المغربي"، بحكم أن حرفة الزليج المغربي "تمتاز بطريقة النقش على نوع الطين الذي برع الفنان الحرفي المغربي في زخرفته و تثبيت الزليج عليه بهندسة مبهرة ومتناسقة وبألوان غاية في الجمال".