يقولون في السفر سبع فوائد، وأقول إنه بالنسبة للصحافي هو ثمان أو تسع فوائد...الصحافي وهو مسافر لا يغمض عينيه إلا وهو نائم. فضوله المعرفي والمعلوماتي والخبري يحفزه على الاكتشاف والسؤال والحوار والتواصل.

عيناه ترصدان كل شيء يمكن أن يفيد القارئ والمتتبع.

في هذا السياق، تنشر جريدة "أنفاس بريس"، حلقات يومية عن مظاهر الحياة بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي يوميات للزميل محمد شروق من مدينة ميامي ومدن أخرى، (ولاية فلوريدا)، عاصمة الترفيه والشواطئ الجميلة والشمس والخضرة والنخل والأشجار، والشواطئ القريبة من كوبا ومن دول أمريكا اللاتينية.

الحلقة العاشرة:

المجتمع الأمريكي مجتمع استهلاكي بامتياز، ويقال حسب دراسة رسمية إن الإنفاق الاستهلاكي في أمريكا يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي. وهذا طبيعي لضخامة الإنتاج وغزارته مما جعل من النزعة الاستهلاكية أيديولوجية تربط الناس بشكل مغر بنظام الإنتاج وتحول الاستهلاك من وسيلة إلى غاية. باختصار، تعني النزعة الاستهلاكية أن الحصول على السلع المادية يشكل أساس الهوية، بل ترسيخ لعلاقة فريدة بين المستهلك والسلع.

إن ثقافة المستهلك هي ثقافة يحدد فيها شراء واستهلاك الأشياء قيم الناس وشعورهم بالذات.

هنا في أمريكا، في كل مكان مطاعم ومقاه وألعاب وأسواق كبيرة (مول) ومتوسطة وصغيرة..كل شيء يبعث على الاستهلاك ويدعو إليه..

لاحظت هنا تقنيات جديدة في التسويق منها مثلا أن يتم التخفيض في أسعار بعض السلع أو الملابس ليوم واحد بنسبة قد تصل إلى 75% وفي اليوم المالي تعود الأسعار إلى ماكانت عليه..

مثلا، سروال من ماركة عالمية ب 120 دولار يمكن شراؤه ب10 دولارات..

في هذا السياق، من أمريكا انطلق ما يعرف بالجمعة السوداء Black friday أو بنسختها العربية عند بعض التجار (الجمعة البيضاء) والجمعة السوداء -لمن لا يعرف- تطلق على الجمعة الأخيرة غالباً في شهر نونبر، بعيد ما يسمى عيد الشكر في أمريكا، حيث تعلن مراكز التسوق عن تخفيضات كبيرة على الأسعار، ليتهافت الناس بعدها إلى هذه المراكز لشراء حاجياتهم، أما من سماها الجمعة السوداء فهم شرطة فيلادلفيا إذ يعملون على مدار 24 ساعة لتنظيم حركة السير والناس خلال هذا اليوم.

الاستهلاك والبيع والشراء ظاهرة أمريكية، الجميع يبيع ويشتري..في يوم الأحد، يوم عطلة، تعرض العائلات أمام منازلها ملابس وأحذية وأثاث وأشياء أخرى للبيع، وهو ما يعرف هنا ب مرآب - بيع garage sale..تبدأ أسعار السلع المعروضة بأرقام تنزل مع مرور الوقت..مثلا سألت عن سعر حذاء كان سعره في الثامنة صباحا 40 دولار، بعد أخذ ورد قال لي صاحب المحل: إن عدت مع الساعة 11 ووجدته ستجد ثمنه ب 10 دولار..لكن سأشتري نفس الحذاء بدولارين نعم دولارين (حوالي 20 درهم).

وفي حالات أخرى، وبالعودة إلى ظاهرة المجتمع الاستهلاكي،

هناك في الغالب من يقتني أشياء لاحاجة له بها (تلفزيون، ثلاجة، آلة تصبين..) ونظرا لضيق السكن، فإنه يضطر إلى عرض الأشياء القديمة للبيع او وضعها خارج البيت رهن إشارة أي كان..بالعمارة التي أوجد بها الآن بمدينة جاكسون فيل، رأيت بمرآب السيارات جهاز تلفزيون إلى جانب قمامة الأزبال (الصورة). وفي الجهة الأخرى، دراجات هوائية وكرسي للأطفال، ولا من هو في حاجة إليها..

إشارة أخيرة: أكبر مول في أمريكا يوجد بمدينة مينيابوليس، به 520 محلا تجاريا و50 مطعما.