إن أول ما أستهل به هذه السطور هو التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء بالرحمة والمغفرة لشهداء فيضانات آسفي، وأن يجعل أمطار الخير صيبًا نافعًا، وسقيا رحمة وبركة، لا عذابًا ولا ضررًا. كما أسأله سبحانه أن يلطف بهذا الشعب المغربي الذي أصبح يشعر باليُتم أمام خذلان بعض المسؤولين وتخليهم عن تحمل مسؤولياتهم أمام الله، ثم أمام الشعب والتاريخ. وهو شعب يستحق العيش في أمن وأمان وكرامة.
وبناءً على إعلانات مديرية الأرصاد الجوية ونشراتها الإنذارية، تم تحديد مجموعة من المناطق المصنفة ضمن "النقاط الحمراء"، والتي ينبغي على سكانها أخذ الحيطة والحذر. وهذا يدفعنا إلى توجيه نداء عاجل إلى الجهات المعنية بإقليم برشيد، خصوصًا وأن المدينة ضمن هذه المناطق التي ستعرف ارتفاعًا في منسوب الأمطار، مما يستدعي تحركًا استباقيًا حتى لا تتكرر فاجعة آسفي في برشيد.
ولا شك أن الإجراءات الاستباقية والتدابير الوقائية تدخل ضمن اختصاص الشركة الجهوية المتعددة الخدمات والمجلس الجماعي، إضافة إلى السلطات المحلية. وهذا يطرح سؤالًا حول مدى استعداد هذه المؤسسات لتجنب أي كارثة محتملة. فمن الضروري استدعاء تاريخ المدينة خلال سنوات 2000، حين شهدت المنطقة أمطارًا غزيرة تسببت في أضرار جسيمة بالمنطقة الصناعية، وامتدت إلى إعدادية الزرقطوني والحي الحسني، كما تضرر سكان حي 96 وفق ما يتداوله أبناء المدينة أو كما نشرته وسائل الإعلام في حينه.
لقد بلغ تأثير تلك الفيضانات حدّ توقف ما يقارب 85 شركة عن العمل، وإتلاف عدد كبير من الوثائق الإدارية. إن استحضار هذه الذاكرة اليوم ليس ترفًا، بل ضرورة يفرضها واقع البنية التحتية المهترئة، والمصارف المائية المختنقة بالنفايات، وتصدع شبكات الصرف الصحي. كل ذلك يستدعي تحركًا جادًا لتجنب كوارث لا تليق بمدينة بحجم برشيد، ولا بموقعها الجغرافي، ولا بساكنتها التي تحمل قيمًا نبيلة، وتطلعات مشروعة نحو حياة كريمة ومستقبل أفضل لأطفالها وشبابها.
ولكيلا تتكرر فاجعة آسفي، يجب على الجميع تحمل مسؤولياتهم، وعدم ترك المدينة تغرق في مياه الأمطار. وقد دق ناقوس الخطر بالفعل خلال الأيام الأخيرة، رغم أن كمية الأمطار لم تصل إلى مستوى الإنذار الذي أعلنته مديرية الأرصاد الجوية، إذ غمرت المياه بعض الأحياء السكنية، ومنها حي ازدهار. أما السنة الماضية، فقد شهدت طريق حي الربيع حالة من الفوضى بعد غرق عدد من سيارات الأجرة الصغيرة بسبب ارتفاع منسوب المياه، حتى تحولت قنطرة الربيع إلى "بحيرة صغيرة"، مما أدى إلى توقف حركة المرور نحو الأحياء المجاورة.
إن المطلوب اليوم هو توفير الوسائل التقنية الضرورية، وتعبئة الموارد البشرية المؤهلة للتدخل السريع، والاستعداد الجاد لاتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز أي سيناريو سلبي محتمل، لا قدر الله.
الخامس غفير
باحث في علم الإجتماع- المغرب
باحث في علم الإجتماع- المغرب

