الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: زعامات كارتونية

إدريس المغلشي: زعامات كارتونية إدريس المغلشي
العمل السياسي ليس هواية نمارسها بلا ادوات. ولا ترفيها نملأ به أوقات فراغنا. وليست حرفة لمن لامهنة لها. كما أنها ليست "برستيج" لمن يملك ثروة من أجل ضمان وجاهة هنا وحصانة هناك. السياسة نبل وأخلاق ومؤهلات غير متأتية ولا هي في متناول الكل. كل الذين سجلوا أسماءهم خالدة في الساحة السياسية وفي وجدان وضمير الأمة لم يستفيدوا منها بل أدوا الثمن غاليا من أعمارهم من خلال مواقفهم، فلم يستهويهم بريق المناصب ولم يخضعوا لضغط وقوة المكاسب. ارخوا مرحلة زاهية في مسارهم تشرفهم وبصموا على مرحلة مهمة من الزمن السياسي ولن تنساهم الذاكرة . شخصيات تتمتع بمقومات من الصعب تكرارها إلا ناذرا وفي مواقع محدودة.
لكن في واقعنا الحالي حيث سجل انحدار المستوى سياسي غير مسبوق وصورة أضحت غامضة بعدما حاصرتها الفوضى والانتهازية والعشوائية.
وأصبح باديا للعيان لاتخطؤه العين ولا تخفيه بعض الروتوشات ولا المكياج مهما بالغ في تنميق الصورة بعض المرتزقة المنتسبين للصحافة وبيع الكلام. كل النماذج المثيرة للجدل الآن فاقدة لميكانيزمات التواصل.
وهو أمر ناتج بالأساس على أمر مهم. كونها أسقطت بالمظلة من فوق. ولم تتدرج في المسؤولية عبر البنية التنظيمية الحزبية كما أنها لاتتوفر على انتماء عضوي وامتداد شعبي للمجتمع لكسب ثقافته  ومعجم ييسر تداولها وتستحضره في خطابها اليومي. وتعرف ما يجب أن يقال وما لا يستقيم قوله فلكل مقام مقال. بعض المسؤولين بلغوا درجة من الوقاحة لاتتصور ليس من خلال سوء تدبيرهم للملفات التي تقع تحت أيديهم  بل من خلال طريقة تعبيرهم كذلك .
أصاب بكثير من الدهشة أمام سؤالين هامين لماذا تفشل كل تجربة سياسية في المغرب؟ هل مرد ذلك لبيئة التنزيل أم لأدوات الإشتغال أم للشروط السياسية للممارسة أم ماذا؟.
صحيح أننا في لحظةاستنفاذ كل الأوراق السياسية المطروحة في الساحة مع وجود عامل أساسي أن أغلب الأحزاب الحالية  فقدت كثير من مقومات قوتها بعدالتدبير وخرجت من التجارب السابقة يطبعها الضعف والتشرذم والصراع الداخلي ولم تعد تقو على الوقوف بعدما فرطت في كثير من أوراقها لاسيما صناعة التفوق في الإنجاز ووجود  الخلف لحظة الفشل.
 وهو أمر ينسحب على جميع الهيئات دون استثناء. اعتقد جازما صعوبة صمودها بعدما احتل كرسي الزعامة كائنات كرتونية همها الوحيد ليس تقوية المؤسسة الحزبية والحفاظ على بقائها في الساحة بمايناسب حضورها تاريخها وثقة الناخبين والمنخرطين في رموزها.
 لقد أصبحنا أمام هيئات لاتتوفر على مقومات البقاء. بقوة الصعود تتم عملية الهبوط وربما الإندثار مادام همها الأول والأخير التضحية بالمسار كله في سبيل الزعيم وأسرته ونسله. والباقي إلى الجحيم. افسدوا مناخ الممارسة ودفعونا جميعا للعيش في دوامة لاتتوقف من الفشل فضاع الزمن السياسي والكلفة في المجمل يؤديها المواطن المغلوب على أمره .