الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

أحمد نور الدين: هل ستساعد الرئاسة الإسبانية على دفع الاتحاد الأوربي نحو دعم السيادة المغربية على الصحراء؟

أحمد نور الدين: هل ستساعد الرئاسة الإسبانية على دفع الاتحاد الأوربي نحو دعم السيادة المغربية على الصحراء؟ أحمد نور الدين
إسبانيا قامت بمراجعة تاريخية لموقفها من النزاع في الصحراء، من خلال دعمها للمقترح المغربي على حساب ما تدعو إليه الجزائر والجبهة الانفصالية، بل هناك إشارة في رسالة رئيس الحكومة الإسبانية المؤرخة في 18 مارس 2022 إلى حماية الوحدة الترابية للبلدين، وهذا مكسب كبير للدبلوماسية المغربية جاء من الدولة التي كانت تحتل الأقاليم الجنوبية للمملكة، ولمعرفة أهمية هذا المكسب يكفي أن ننظر إلى ردة الفعل الجزائرية العنيفة ووالمتشنجة والتي تمثلت في سحب السفير الجزائري من مدريد ووقف التعاملات المالية مع البنوك الإسبانية والتلويح بمراجعة أسعار النفط والغاز وغيرها من الإجراءات.. 
 
وفي المقابل لا يجب أن ننتظر من إسبانيا أن تقوم مقام المغرب في الترافع عن قضيته الوطنية أمام الاتحاد الأوربي لعدة أسباب.
 
أولها: أنّ القيام بهذا الدور يجب أن يكون المغرب قد طلبه رسمياً وأعدّ له استراتيجية معينة واشتغلت عليه الدبلوماسية المغربية مع نظيرتها الإسبانية منذ شهور لبلورة خطة في هذا الاتجاه، لأن الرئاسة الدورية الإسبانية لا تتجاوز الستة أشهر وهي مدة قصيرة جداً ينبغي أن يخطط لها عن بعد للاستفادة منها.
 
ثانياً: إسبانيا راجعت موقفها وفقاً لمصالحها خاصة ما يرتبط بترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة سواء على الواجهة الأطلسية أو المتوسطية وما سيكون لها من تداعيات على جزر الكناري والثغرين المحتلة.
 
ولكن هذا لا يعني أن الدولة العميقة في إسبانيا قد غيرت نظرتها للمغرب والتي يختزلها مصطلح "المورو"، بحمولته التاريخية التي تعود إلى عهد إزابيلا الكاثوليكية ووصيتها التي تعتبر المغرب مصدر شرّ،والخوف الدائم من استعادة المغرب لسبتة ومليلية والجزر الإحدى عشرة المحتلة، مروراً باستعانة فرانكو بالمغاربة لإجهاض الجمهورية الإسبانية، وصولاً إلى كلّ الكليشيهات المرتبطة بقضايا الهجرة والإرهاب والتي يقرنها المِخيال الإسباني بالمورو أي المغربي. لذلك ستظل الدولة العميقة في إسبانيا تدفع باتجاه إبقاء الضغوطات على المغرب، ولن تجد أفضل من النزاع في الصحراء لإشغال المغرب وابتزازه، لهذه الاعتبارات سيحاولون إبقاء الجمرة تحت الرماد دون الذهاب بعيداً في إشعال النار التي قد تحرقهم أيضاً. وقد رأينا الوجه الحقيقي للدولة العميقة الإسبانية حين كشفت وزيرة خارجيتها في دجنبر 2020 عن محاولة التأثير على الموقف الأمريكي بعد اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء. وهذا ما يدفعني إلى القول أنّ إسبانيا ستحاول الإبقاء على الموقف الأوربي في منزلة بين المنزلتين لأن هذا ما يخدم مصالحها، على الأقل في ظل الواقع الجيوسياسي القائم، أما إذا تغيّر الوضع بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، فلكل مقام مقال. ثالثاً: الموقف الأوربي من الصحراء من الناحية القانونية هو موقف مزدوج، فمن الناحية القانونية يعترف بالسيادة المغربية من خلال اتفاقيات الفلاحة والصيد البحري التي تشمل كل الأقاليم المغربية من طنجة إلى الكويرة، لأن ذلك يخدم مصالحه الاقتصادية؛ ومن الناحية السياسية فهو لا يعترف بشكل صريح بالسيادة المغربية، وهذا أيضاً مفهوم لأنه يسمح للأوربيين بهامش كبير لابتزاز المغرب في الصفقات التجارية الكبرى لصالح شركاتهم، وقد رأينا شيئاً من هذا الابتزاز في قضية الرشاوي التي أثيرت مؤخراً حول بعض النواب في البرلمان الأوربي وعلاقتهم بالمغرب.
 
وختاماً، في تقديري يمكن لإسبانيا، وفقا لمصالحها طبعاً، أن تدافع عن الزيادة في قيمة الدعم المالي والتقني للمغرب من طرف الاتحاد الأوربي خاصة فيما يتعلق بمحاربة الهجرة غير النظامية، على غرار ما يقدمه الاتحاد الأوربي لتركيا والذي يتجاوز 3 مليارات دولار سنوياً، في الوقت الذي لا يحصل المغرب إلا على 200 مليون دولار في السنة. كما يمكنها أن تساهم في دفع الاتحاد الأوربي إلى الرفع من استثماراته الخارجية في المغرب للمساهمة في جهود المغرب لتوطين المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، لأنّ توطينهم يعني توفير مناصب الشغل المرتبطة بالاستثمارات، كما يعني ايضاً توفير الخدمات.

 الصحية والتعليمية وغيرها ويمكن للرئاسة الإسبانية الدورية اخيرا  أن تدفع الاتحاد الأوربي للانخراط النّشط في تمويل وإنجاز أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا باتجاه أوروبا، ليس حباً في المغرب ولكن لأنه مشروع سيساهم في تحقيق الأمن الطاقي الأوربي والافتكاك من الهيمنة الروسية  على سوق الغاز  في القارة العجوز .