الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

"بكل وضوح".. وثيقة تاريخية تدين طرد الجزائر للعائلات المغربية سنة 1975

"بكل وضوح".. وثيقة  تاريخية تدين طرد الجزائر للعائلات المغربية سنة 1975 مشهد من البرنامج الذي عرى فظاعات الجزائر في حق المغاربة المطرودين من طرف دولة العصابة
في الوقت الذي كان العالم الإسلامي يستعد للاحتفال بشعيرة عيد الأضحى، قامت السلطات الجزائرية صبيحة ثامن دجنبر عام 1975 بطرد حوالي 45 ألفَ مغربية ومغربي، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، ولم يَشفع لهاته العائلات المغربية المُرَحّلة قسرا، كونَها استقرت بشكل قانوني في الجزائر منذ القرن 19، ومشاركةِ جزءٍ كبير منهم في حرب التحرير الجزائرية التي راح ضحيتَها مئات المغاربة في ميدان الشّرف.

هذا ما استرجعه المنشط الإذاعي ومقدم برنامج "بكل وضوح"، يونس الشيخ، على "ريم راديو" يوم الأربعاء 21 دجنبر2022، مع ضيوفه، حيث استعرض معهم  التفاصيل التي ظلت تُسائل الجزائر إلى اليوم، فضلا عن التحركات التي قاموا بها في هذا الملف الذي يُعَدّ وصمة عار على جبين نظام الجزائر. كما تطرق البرنامج إلى ما الذي ينبغي القيام به لاسترجاع حقهم المهضوم في بلدٍ لَفظهم دون رحمة وبِغير ذنب؟.
  
حلقة برنامج "بكل وضوح" شارك فيها كل من ميلود الشاوش، رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر؛ ومحمد الصالحي، نائب رئيس الجمعية ومستشارها القانوني، وهو أحد ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر؛ والدكتور خالد فتحي، الخبير في العلوم السياسية.

في البداية، أدلى كل من ميلود الشاوش ومحمد الصالحي وهما من ضحايا الطرد الجزائري  التعسفي، بشهاداتهما حول ما وقع للعائلات المغربية التي كانت تقيم بالجزائر خلال عيد الأضحى، خلال عطلة مدرسية. كان العدد كبير، وسبقه إعداد وإحصاء للمغاربة وتحديد أماكن وجودهم، عن طريق المخبرين والأمن والجيش. 

من جهته، علق الدكتور خالد فتحي على هاتين الشهادتين قائلا إنها جريمة ضد الإنسانية، والتي كانت صدمة بعدما قام المغرب بإطلاق المسيرة الخضراء لتحرير الأقاليم الجنوبية في 6 نونبر 1975، إذ بدأت الأمور تتوتر؛ وقام الهواري بومدين رئيس النظام الجزائري بهذا الفعل الإجرامي بمساعدة وزير خارجيته آنذاك عزيز بوتفليقة..

وتساءل الدكتور خالد فتحي: "ما الذي يمنع الجزائر  من الاعتراف بهذه الجريمة؟". مذكرا بأن ثقافة الاعتراف مازالت بعيدة المنال، وما زال النظام الجزائري يمارس سياسة التضليل ؛ وينفذ أجندة لا يملك قرارها، وينخرط في مايسمى الحرب الباردة؛ وبالتالي، فالشهادتان اللتين سمعناهما من الأخوين الشاوش والصالحي تعيد تفاصيل ما حدث، خاصة أنهما قد عاشا هذه المرحلة، وبقيت تلك الوقائع راسخة في أذهانهما، وهذا يدل على حجم المأساة التي تسبب فيها النظام الجزائري. 

وأضاف أن مثل هذا الحديث يقلب علينا المواجع لأجل تخفيض منسوب الحقد الذي زرعه النظام الجزائري،  كما يجعلنا نستشعر جسامة المجهود الذي يجب أن يقوم به الشعبان من أجل تمتين اللحمة التي تربط الشعبين المغربي والجزائري، وعموما كل أبناء الشعب المغاربي. 

وأكد المتحدث أن النظام الجزائري ما زال ينهج التعتيم وغض الطرف بخصوص هذه القضية. كما أن المغرب من جهته  مازال، ولحد الآن، يمارس تجاه الجزائر  ما يسمى في  العلاقات الدولية بالصبر الاستراتيجي؛ لعل الأوضاع تتغير في الجزائر، ويستكشف الشعب الجزائري حجم الجرائم  التي ارتكبها النظام في حق الشعب المغربي.
 
وحول ما وقع في الحدود المغربية الجزائرية، بعد تنفيذ النظام الجزائري لجريمة الطرد التعسفي، أشار كل من الصالحي والشاوش إلى أن نظام الهواري بومدين، بجيشه ومخابراته وأجهزة أمنه، سعى  إلى زرع أكاذيب في صفوف المغاربة.  فقالوا لهم إن المغرب فيه إرهاب، يعيش مجاعة، كما أنهم نصبوا على نساء مغربيات وسرقوا حليهم (حيدوا لعيالات الحلقات)  بالقوة في البرد والقهرة. بل إن "النظام الجزائري صادر كل ممتلكاتنا في المخيمات بصفة قسرية، وذلك لدعم البوليساريو !!؟".

في نهاية البرنامج، اعتبر الدكتور  خالد فتحي أن هذه الحلقة وضعتنا  أمام "وثيقة  تاريخية" تدين النظام الجزائري، ذلك أن الشهادات  التي جاءت على لسان  الشاوش والصالحي ممتلئة بمعطيات أولية يمكن أن تصبح موضوع مرافعة وطنيا ودوليا.

وذهب المتحدث إلى  أن هذه الشهادات  هي التي تبقي الأحداث طرية، وتحافظ على الذاكرة، لأن الرغبة في تحقيق الأنصاف هي التي لا يمكن أن يتخلى عنها أي أحد. مضيفا أنه يجب استثمار هذه الشهادات، لكتابة روايات تحكي عن هذه المحنة التي هي، في الحقيقة، سيرة دولة يمثلها المغرب  تنشد السلام والوحدة، وسيرة نظام جزائري يريد الحرب والهيمنة.