الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

الشيخ الحسين: رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" بحبكة تمزج بين الواقع والخيال بطعم الألم والمرارة

الشيخ الحسين: رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" بحبكة تمزج بين الواقع والخيال بطعم الألم والمرارة الشيخ الحسين سطاتي

حين يستند شيخ العيطة على دعامات القراءة والمعرفة والبحث والكتابة، فاعلم أنك تقف أمام رجل فنان، يربط بين النظري والتطبيقي في مختبر العزف والغناء، إنه الفنان الحسين سطاتي الذي استطاع بإرادته وإصراره أن يجعل من مهنة "شيخ العيطة" مصدر توثيق وكتابة غزيرة، بقلم سيال، يبشر بأنه لا يصح إلا الصحيح في زمن المسخ الفني لأشباه "فنانين" و "فنانات" لا يقدرون على تركيب جملة صحيحة وهم جالسون يبحلقون عبر شاشات التلفزة المغربية عبر برامج التفاهة المنحطة.

لقد اختار الشيخ الحسين سطاتي عن طريق الكتابة والتوثيق والبحث في كل ما يرتبط بالفن والتراث على مستوى الغناء الشعبي وفن العيطة، وأبان عن تمكنه في مساره الفني عبر مراكمة العديد من الكتابات الجميلة التي ينشرها في صفحته الخاصة، عبر موقع الفيسبوك تباعا نذكر منها أعماله التي تنتظر من يمد له يد العون للنشر وإغناء المكتبة الوطنية:

 

ـ رواية بعنوان: "عيطة بيضاوية" في أربع أجزاء

ـ سيرة ذاتية بعنوان : "عيطة دموع الخيل"

ـ مجموعة قصصية بعنوان: "العيطة والغيطة"

 

تجدر الإشارة إلى أن الشيخ الحسين سطاتي قد تعلم فن العزف على الكمان لوحده، منذ نعومة أظافره وهو طفل يلهو ويلعب في الحقول والمروج وراء قطيع الأغنام، وشاء القدر أن يقدم استقالته من مهنته الرسمية كدركي بالضابطة القضائية برتبة أجودان في صفوف الدرك الملكي.

في هذه السلسلة تقدم جريدة "أنفاس بريس" للقراء الحلقة الأولى من خلاصة رواية "عَيْطَةْ بِيضَاوِيَةْ" التي تنتظر النشر حين تتوفر شروطه.

 

الاستقالة من الوظيفة العمومية والاستقرار بالبادية

سفر جميل يحلق بالقارئ على أجنحة ألم ومرارة الحكي في رواية "عيطة بيضاوية" بعد أن قرر البطل تقديم استقالته من مهنته وصفته الضبطية كدركي، حيث يروي المؤلف قائلا: "بعد التحرر من سلك الوظيفة العمومية قرر الحسين التفرغ للفن، بحكم أنه فنان عازف على آلة الكمنجة ومغني لفن المجموعات الغيوانية، وكان ممارسا لفن العيطة، فاستقر في البداية رفقة أسرته الصغيرة المتكونة من زوجته (كريمة) وبنتيه (بذرة) و (ريحانة) وابنه (محمد)، بمنزل صغير كان قد بناه بجوار منزل والده بالدوار بالبادية، وعاش هناك بريف منطقة أولاد سعيد بضواحي مدينة سطات مدة سنة".

 

سفر البطل نحو الدار البيضاء بحثا عن سعادة أسرته

لم تسعفه الحياة هناك نظرا لتقبات الزمن ومتطلبات العيش فاضطر المؤلف إلى تغيير زمن ومكان الحكي، والسفر من البادية إلى المدينة بقوله: "ثم انتقل بعد ذلك للعيش بمدينة الدار البيضاء (كازا بلانكا)، رفقة عائلته الصغيرة، بدرب الكبير، حيث التقى مع صديقه (يوسف) الفنان الوسيم عازف على آلة (الأورغ)، وكوّن معه مجموعة غنائية لفن المجموعات الغيوانية، وسماها اسم مجموعة (تكَادة الغيوان)، وسجل شريطا سمعيا غنائيا على نفقته، لكن الأحداث تسير في اتجاه مناقض لم يتصوره أو يشتهيه، ففن المجموعات الغنائية لم يعد له إشعاعا فنيا، وسهراته محدودة ودخله المادي شبه منعدم".

رسم الكاتب حالة البطل بشكل سوداوي بعد أن عاكسته ظروف الإقامة والعيش بالدار البيضاء، والفشل في البحث عن مورد مالي لكسب كسرة الخبز رفقة أسرته الصغيرة حيث يقول: "ساءت حالة (الحسين) المادية وأفلس، وأصبح يعاني الفقر والحاجة، وتنكر له الإخوة والأصدقاء". لكن شاء القدر أن يتدخل ويصنع مشوارا آخر في حياة البطل حين اختار المؤلف مشوار العزف والغناء الشعبي حيث يقول: "نصحه صديقه (يوسف) بتكوين مجموعة غنائية لفن الشيخات والعمل بالملاهي الليلية والحانات بمدينة الدار البيضاء، وأطنب له في مدح هذا العمل بما يمنحه للفنان من متع حسية ومادية".

 

الكمنجة والمصران مفتاح الفرج

ونظرا لوصية أمه كان بطل الرواية مترددا وهذا ما أكده الكاتب "رفض الحسين في أول الأمر اقتراح صديقه لأن أمه أوصته أن لا يعود للعمل مع الشيخات، وحذرته بأن لا يسلك طريق الشيخات والعمل في الحانات، لكن نظرا لحاجته الماسة للمال رضخ للأمر الواقع وقبل اقتراح صديقه يوسف، فقاده هذا الأخير لأحد الملاهي الليلية بفندق "...." بمنطقة "دار بوعزة" ضواحي مدينة الدار البيضاء، حيث كانت تُنشط سهرات لياليه مجموعة للشيخات بقيادة شيخة شابة جميلة حسناء تدعى (سعاد البيضاوية)".

قبل البطل بالمقترح وتجاوز وصية الأم، لكن المفاجأة كانت مذهلة في سياق الحكي حيث فوجئ "الحسين بأن الشيخة (سعاد البيضاوية) هي نفسها الشيخة (مليكة الْوَادْزَامِيَةْ)، التي سبق له أن أنقدها وهو دركيا من عصابة (حَمِيدْ الرُّوبْيُو وَلْدْ زَعْطُوطْ)".

 

قدر اللقاء بالشيخة مليكة الْوَادْزَامِيَةْ (سعاد البيضاوية)

تسابقت الصور والأحداث في ذهن البطل بعد لقائه الأول مع الشيخة المعذبة التي تحولت بقدرة قادر إلى شخصية يسحب لها ألف حساب "كانت هذه الشيخة الشابة الفاتنة تُعزّه معزة كبيرة، وتُكّن له حبا واحتراما، وهي الأخرى تفاجأت به يطلب منها قبوله للعمل بمجموعتها بصفته شيخ عازف كمنجة ومغني لفن العيطة والفن الشعبي، بعدما كانت تعرف أنه دركيا ضابطا للشرطة القضائية، فرحبت به وسعدت بطلبه، وقبلته للعمل رفقة (يوسف) عازف الأورغ، وصديقه (العربي) عازف آلة العود".

انطلق المشوار الفني بالملهى الليلي حسب تسلسل أحداث رواية "عيطة بيضاوية" التي كشفت عن تألق الشيخة (ملكية الْوَادْزَامِيَةْ) التي عانت كثيرا خلال تعرضها للاغتصاب والظلم من طرف العصابة المذكورة: "بدأ الحسين العمل الفني الموسيقي الجديد في الملهى الليلي بفندق (...) تحت لقب الشيخ الحسين سطاتي، وذهل لما آلت إليه أوضاع الشيخة (مليكة) أو (سعاد البيضاوية) وهو اسمها الفني ولقبها الجديد، وقد صارت في وقت وجيز بجمالها وفنها وذكائها، ذات ثروة وشهرة ونفوذ بمدينة الدار البيضاء، بعدما كانت تعاني العوز والحاجة بمسقط رأسها".

 

مليكة الوادزامية من امرأة (شيخة) عادية إلى زعيمة ملهى ليلي

عن أوضاع الشيخة "مليكة الْوَادْزَامِيَةْ" الاجتماعية الجديدة قال الراوي: "صارت تملك فيلا بمنطقة دار بوعزة بضواحي مدينة الدار البيضاء، وسيارة فاخرة رباعية الدفع من نوع (رونج روفر)، وصالون كبير للحلاقة والتجميل والتدليك بوسط مدينة الدار البيضاء. وكانت تحضا باحترام ومعزة ومعاملة خاصة من طرف السيد "الحاج" صاحب الفندق الذي تعمل به، وصارت هي الآمرة الناهية داخل مجموعتها الغنائية، كما ربطت علاقات مع شخصيات وازنة ونسائهم، من بينهن السيدة "سميحة" زوجة مسؤول مهم بمدينة الدار البيضاء (...)، الذي كان يتوسط لها في تسهيل الحصول على وثائق الفتيات الراغبات في الهجرة إلى دول الخليج تحت ذريعة العمل في حلاقة النساء أو مؤنسات بفنادق ومؤسسات سياحية، وتسهيل عملية عبورهن بالمطار، ونسج علاقات مع المجرمين، والتخابر مع عصابات تجار المخدرات".

 

إحياء ملفات جنائية وإقحام البطل كشاهد

في سياق الحكي برزت على السطح ملفات جنائية ومتابعات قضائية والتحقيق في جرائم سابقة حيث أورد المؤلف بقوله: "تدور الأيام وتم استدعاء الفنان الحسين سطاتي، من طرف قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف (....)، بصفته كان دركيا بمدينة (...) كشاهد في قضية تتعلق باعتقال الأجودان (الغول) وأحد القضاة (...) الذي يعمل بالمحكمة الابتدائية (...)، وذلك بعد تسجيلهما بالفيديو في أوضاع جنسية ساخنة مع القوادة المسماة (ليلى أبو علي) أخت (الرُّوبْيُو) تاجر المخدرات والتي كان يتخذها الأجودان (الغول) خليلة له ومخبرة ووسيطة في جمع الرشاوي. حيث تمت متابعتهم من أجل الخيانة الزوجية وخيانة الأمانة والتزوير في محررات رسمية وتلقي الرشاوي وإفشاء السر المهني والتستر على أشخاص مبحوثا عنهم".

وفي هذا الإطار سيتم العثور بعد ذلك على الأجودان (الغول) منتحرا شنقا بالمرحاض داخل السجن المحلي بمدينة (....). كما ثم اعتقال أربعة دركيين على خلفية تورطهم في التعامل والتستر على تاجر مخدرات يسمى (إدريس الفرخ) الذي قام بتسجيلهم خلسة في شريط فيديو وتصويرهم وهم يتلقون منه الرشاوي ويسدون له الخدمات بمدينة (...)".

 

الثروة ....ماخور ومخدرات وعلاقات جنسية

من جهة أخرى فقد "سارت الأمور على أحسن ما يرام بالنسبة للحسين الذي أخذ لقب الفنان الحسين سطاتي داخل الملهى الليلي بالفندق، وتحسنت أوضاعه المادية، بفضل إكراميات الجمهور، وما كانت تغدقه عليه رئيسة المجموعة الغنائية (الشيخة مليكة الوَادْزَامِيَةْ). ومع مرور القوت بدأت تنسج خيوط علاقات عاطفية وتخترق المجموعة الفنية حيث يحكي الراوي بقوله أن "الشيخة التي أحبت الحسين حبا كبيرا وأضحت تهيم به، وكان هو يتهرب من هذا الحب لسببين، فهو رجل متزوج وله أبناء ولا يخون زوجته، وثانيا يخاف أن يسقط في الرذيلة فتشبع مليكة نزوتها منه وتستبدله برجل آخر، ويفقد عمله معها. وبالتالي يفقد الثروة والمجد الفني الذي يحلم به، كما ربطت صديقتها السيدة (سميحة زوجة أحد المسؤولين الكبار، علاقة عاطفية جنسية مع صديقه الفنان عازف الأورغ الوسيم (يوسف)".

مسار الحكي الشيق والشقي في الرواية جعل المؤلف يُرِضِخُ البطل لنزوات (سعاد البيضاوية) حيث كشف في هذه الفقرة عن العلاقات المشبوهة بتأكيده بالقول: "لقد تمكنت الشيخة مليكة الوادزامية من إخضاع الفنان الحسين سطاتي لرغباتها ونزواتها، بجمالها ودلالها وترائها، وقد عرضت عليه الزواج منها لكنه رفض طلبها واتخذها صديقة وخليلة"

لقد تغيرت أحوال البطل المادية والسلوكية حيث أصبح مقصرا "في واجباته الزوجية وتلاشت مبادئه الجميلة الخلاقة التي كان يؤمن بها. ابتسمت له الحياة المادية، حياة السهر والمتعة والمجون، وانتفخ رصيده البنكي واشترى سيارة من نوع (مرسيدس 190)، واشترى لزوجته (كريمة) منزلا بمنطقة سيدي معروف أولاد حدو بالدار البيضاء".

في الجانب الآخر من حياة البطل كشف المؤلف بأنه "صار يرافق الشيخة مليكة الوادزامية في خرجاتها الإستجمامية على شاطئ البحر وفي الحدائق. وأضحى بالنسبة لها الصديق والرفيق والخليل والسائق الخاص والمستشار القانوني. وأضحى يرافقها على مثن سيارتها الفارهة إلى منطقة الهراويين بضواحي مدينة الدار البيضاء عند تاجر مخدرات يدعى (عبدو ايسكوبار) حيث كانت تزود بأصناف المخدرات من شيرا وحبوب هلوسة ومخدرات صلبة (غبرة) من كوكايين وهيروين وتعيد ترويجها بين صديقاتها المترفات داخل الملهى الليلي".  يبتع