بعدما كانت إسبانيا مقصدا مفضلا للمغاربة، بل وحالما يراود الكثيرين منهم، ها هم الإسبان يقررون خوض مغامرة الهجرة المعاكسة نحو المغرب، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش في بلدهم الأصلي. فرغم أن المغرب لا يصنف ضمن البلدان الغنية، فإن الاستقرار الاقتصادي النسبي وانخفاض مستوى المعيشة أضحى يغري الكثيرين. ليس من الإسبان فحسب، بل أيضا البريطانيين الذين غادروا بلدهم، وقرروا التوجه إلى بلدان المغرب العربي، خصوصا المغرب وتونس والجزائر بتأشيرة سياحية بحثا عن فرص عمل، ليقرروا البقاء في وضع غير شرعي. وهذا ما أكده خوان دابيد سيمبري الخبير بجامعة إليكانتي الإسبانية خلال المائدة المستديرة التي عقدت بعنوان "هجرة وحدود في المتوسط بالقرن الحادي والعشرين"، في البيت المتوسطي، على هامش انعقاد الجمعية العمومية لتحالف وكالات الأنباء المتوسطية برئاسة وكالة الأنباء الإسبانية "إفي". وأضاف أنه دائما ما كان هناك وجود أوروبي وإسباني في دول المغرب العربي، ولكن مع احتدام الأزمة الاقتصادية في إسبانيا ارتفعت أعداد المهندسين والفنيين والخبراء والعمال في تلك المنطقة الجغرافية.وأشار، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن هناك "آلاف الإسبان" في مدينة وهران الجزائرية، وأن عددا قليلا منهم يحمل أوراقا رسمية. كما لفت الانتباه إلى ما يسمى بـ "سياحة الإقامة" للبريطانيين الذين يقيمون في العادة على ساحل إسبانيا المطل على البحر المتوسط، والذين بدأت أعدادهم تتزايد مؤخرا في منطقة المغرب العربي، خاصة في المغرب، وبوتيرة أقل في تونس.
من جانب آخر، أشار الخبير الإسباني إلى أن منطقة شمال أفريقيا احتضنت خلال الأشهر الاخيرة أعدادا كبيرة من المهاجرين السوريين الفارين من الحرب، وهو ما كان له تأثير مباشر على كل من إيطاليا وإسبانيا في ظل زيادة أعداد المهاجرين بشكل كبير بمناطق سبته ومليلة ولامبيدوزا الإيطالية.
وذكر رئيس المركز الوطني للهجرة والحدود بوزارة الداخلية الاسبانية، إيكتور مورينو، إلى أن عددا كبيرا من أصل 107 آلاف و365 محاولة دخول غير شرعية للاتحاد الأوروبي خلال 2013 (بزيادة 47 في المائة عن العام السابق) كانت لسوريين. وذكر أن الاتحاد الاوروبي رصد خلال عام 2013 نحو 345 ألف مهاجر في وضع غير شرعي داخل محيطه وأن حالات الموت خلال محاولة العبور لحدوده تقدر بـ 600.
هشام ناصر