كغيره من مواسم الأضرحة والزوايا التي تقام المغرب، ينبني موسم سيدي احماد اولمغني الذي ينعقد في شهر شتنبر من كل سنة بدوار أيت عمر التابع لجماعة وقيادة بوزمو دائرة إملشيل على أساس تصوفي رمزي وروحي، تقصده ساكنة قبائل أيت حديدو للتبرك أو الاستشفاء، وقضاء مآربهم الأخرى بعدما اتخذ الموسم إلى جانب صبغته الروحانية صبغة اقتصادية جعلت منه سوقا عاما، تعرض فيه جميع أنواع السلع والمنتوجات والمواشي والدواب.. يحج إليه الناس من كل المناطق المغربية. ولكون منطقة إملشيل التي تقع في أعالي جبال الأطلس الكبير الشرقي تكتسي طابعا سياحيا فقد أصبح للموسم إشعاع عالمي قل نظيره.
وفي سياق متصل وإبرازا لحقيقة هذا الموروث الثقافي-الروحاني نشير إلى أن الدراسات الأنتروبولوجية تؤكد على طابعه الصوفي، ومرد توثيق عقود الزواج بساحة "أكدود ن سيدي اولمغني" هو بعد مركز العدول المتواجد في مدينة الريش عن منطقة إملشيل بأزيد من 140 كليومترا، كلها طريق مهترئة تكشف عن بطلان شعار العدالة الاجتماعية والمجالية، إلى جانب استفحال الفقر تكريسا لاستمرارية ثنائية المركز والهامش.
أما عن تحريف تسمية موسم سيدي احماد أولمغني وإلفاقه تسمية إعلامية وهمية "موسم الخطوبة" وربطه بأسطورة بحيرتي إزلي وتيزليت، مع تحريف آخر لتسمية هاتين البحيرتين يتجلى في استبدال حرف "الزاي" بحرف "السين"، فمبرراته سياحية ربحية ظنا من البعض بأن الموروث الثقافي-الروحاني لا يمكن أن يتم تسويقه إلا بطريقة خاطئة ومزيفة في إغفال تام لما سيمثله هذا التحريف الإسمي من تشويه لسمعة قبائل أيت حديدو المعروفة بالجود والكرم والهمة.
وبالرغم من أن الواقع يفند كل الأباطيل التي لُفِّقَتْ بالمنطقة بسبب هذا التحريف الإسمي الذي لا يمكن له أن يطال الهوية الأصيلة والأنيقة، مهما حاولت الأقلام المأجورة التي لا يهمها سوى السبق الصحفي وخلق الإثارة بعناوين مغرية بينها وبين الحقيقة أشواط وأشواط في إخلال تام بأخلاقيات مهنة الصحافة، وأدوارها التنويرية الحقة، فإن ما يحز في النفس هو عدم عودة الجهات المعنية إلى جادة الصواب والالتزام بالتسمية الحقيقية والتاريخية لهذا الموسم الصوفي والروحاني العريق، إلى جانب استمرارية ضعف البنيات التحتية، وانعدام فرص الشغل المحلية إيذانا بالفشل الذريع للمسؤولين والمجالس المنتخبة بجهة درعة تافيلالت.