تنشر جريدة "أنفاس بريس" حلقات من ذكريات ومذكرات الكاتب الصحافي محمد شروق، انطلاقا من قضائه للخدمة المدنية بوزارة الداخلية والإعلام (قطاع الإعلام) في 01 دجنبر 1986؛ إلى إحالته على المعاش في 25 مارس 2024، بعمالة الدار البيضاء أنفا كمسشار للعامل في الصحافة والاتصال.
قلت في حلقة سابقة إنني حرصت على "نشر مقالاتي بجريدة بيان اليوم" منذ دراستي بالمعهد العالي للصحافة، وبعد قضاء فترة الخدمة المدنية بوزارة الإعلام، وذلك بأسماء مستعارة دون أن أتلقى أي تعويض.
أولا الجريدة كانت تشتغل بشعار العمل النضالي، بدون تأمين ولا أجور مناسبة، وثانيا أنا كنت أمارس هواية وعشقا هو الكتابة حتى أظل في أجواء الصحافة رغم أنني إطار في مؤسسة عمومية إدارية. والحمد لله هو ما سأجنيه بعد عمر طويل من مواظبة على نفس العشق.
في بداية سنة 1991، ستتم دعوتي لزيارة الأستاذ الكبير علي يعتة رحمه الله؛ مدير مؤسسة "البيان". في مكتبه المتواضع سألني: هل يمكن أن تقوم بترجمة مقالات لجريدة "بيان اليوم" من الفرنسية إلى العربية؟. وستتوصل بتعويض قيمتة ألف درهم، على أن يتحسن هذا التعويض فيما بعد.
بالطبع كان ردي هو القبول فورا بل تحمست للفكرة.
بالطبع كان ردي هو القبول فورا بل تحمست للفكرة.
هكذا بدأت في اختيار المقالات التي يمكن أن تهم القاريء المغربي من الصحف الأجنبية التي كنت أشتغل عليها بمصلحة استغلال الأنباء بوزارة الإعلام.
كنت أنتقي المواضيع بعناية وأحرص على ترجمتها وإعطائها لأحد الأصدقاء كان يعمل بنفس الجريدة ليوصلها إلى الراحل علي يعتة.
شهادة لله: طيلة عامين، كنت أتوصل بتعويض ألف درهم شهريا دون تأخير، علما أنني لم أطلب نهائيا بتحسينه، وجميع المقالات التي ترجمت تم نشرها بدون استثناء إضافة إلى أنه لم يطلب مني نهائيا ترجمة مقال معين. كل المقالات المترجمة كانت من اختياري.
شهادة لله: طيلة عامين، كنت أتوصل بتعويض ألف درهم شهريا دون تأخير، علما أنني لم أطلب نهائيا بتحسينه، وجميع المقالات التي ترجمت تم نشرها بدون استثناء إضافة إلى أنه لم يطلب مني نهائيا ترجمة مقال معين. كل المقالات المترجمة كانت من اختياري.
وطيبة سنتين، لم ألتق يوما بمحاسب الجريدة بل إن نفس الصديق الذي كان يوصل مقالاتي المترجمة إلى الجريدة، هو من كان يأخذ التعويض من المحاسب ويعطيه لي في أول لقاء بيننا.
هكذا أضيف تعويض الألف درهم إلى أرباح التجارة البسيطة التي كنت أجنيها بين سلع تطوان وساعات ونظارات الدار البيضاء.
كانت أجرتي في أمان.
كانت أجرتي في أمان.
لقارىء هذه السطور اليوم أن يتخيل مثلا ترجمة مقال على امتداد صفحة من جريدة لبيراسيون Libération أو لوموند Le monde الفرنسيتين. كان الأمر يتطلب مني حوالي ثلاث ساعات للمقال الواحد.
على سبيل المقاربة، نحن الصحافيين اليوم نقوم بترجمة المقالات والتقارير وغيرها؛ بين جميع اللغات في رمشة عين.
كانت رحلاتي اليومية عبر القطار بين الدار البيضاء والرباط فرصة أيضا للترجمة. وطبعا كان التوقيع باسم مستعار أغيره من فترة لأخرى نظرا للأجواء المشحونة التي كنت أشتغل وسطها، وزارة الإعلام التابعة لوزارة الداخلية، فكيف يسمح موظف لنفسه باستغلال صحف المصلحة وترجمة مقالا منها وينشرها في جريدة محسوبة على المعارضة، بل كانت موضوع توقيف إداري لأكثر من مرة؟.
في هذا السياق، لابد من سرد حكاية تلخص ذلك الجو.
كان الصديق عبد الرحيم أريري قد التحق في تلك الفترة بحريدة "الاتحاد الاشتراكي" وما أدراك ما الاتحاد الاشتراكي.
وأنا في المصلحة، قلت للجميع لأفتخر بأحد أبناء دربي بسيدي البرنوصي: إنتظروا إسما سيربز في جريدة "الاتحاد الاشتراكي". Retenez ce nom.
كان الصديق عبد الرحيم أريري قد التحق في تلك الفترة بحريدة "الاتحاد الاشتراكي" وما أدراك ما الاتحاد الاشتراكي.
وأنا في المصلحة، قلت للجميع لأفتخر بأحد أبناء دربي بسيدي البرنوصي: إنتظروا إسما سيربز في جريدة "الاتحاد الاشتراكي". Retenez ce nom.
لم تمر إلا شهران تقريبا حتى أصبح اسم عبد الرحيم أريري يروج داخل وزارة الإعلام كصحافي مزعج. فقد اختار أن يقوم أسبوعيا برصد المقالات المنشورة في عدد من الصحف الوطنية حول حقوق الإنسان؛ وتحليلها عبر المناطق والجهات والمآلات.
في يوم ما، سأكون بالقطار أطالع كتابا كنت قد أخذته من أريري بعنوان: "المدخل إلى القانون". فجأة ستجلس أمامي صديقة وزميلة بالمصلحة بوزارة الإعلام.
طلبت مني الاطلاع على الكتاب الذي أقرأ، فرأت اسم عبد الرحيم أريري. ثم سألتني: هل هذا هو الصحافي الذي يشتغل بجريدة "الاتحاد الاشتراكي" ؟.
لا لا هذا واحد الصديق ... تخرج قبل سنوات يشتغل محاميا بمدينة مراكش وأهداني هذا الكتاب.
لا لا هذا واحد الصديق ... تخرج قبل سنوات يشتغل محاميا بمدينة مراكش وأهداني هذا الكتاب.
يتبع...

