فريدة بليزيد هي من الجيل الأول للمخرجين السينمائيين المغاربة، بصمت الساحة الفنية بأفلام سينمائية وثائقية وأخرى (خيالية - fiction)، كان أول أشرطتها السينمائية المطولة «باب السماء مفتوح» سنة 1988، وتوالت أعمالها السينمائية على مستوى كتابة السيناريو والإخراج، مرتكزة بالخصوص على النوع الوثائقي والنوع الخيالي والنوع الروائي. كان للجمهور، الذي حضر يوم 29 يناير 2014 لقاعة «النهضة» بالرباط، موعد مع العرض ما قبل الأول لفيلمها السينمائي الجديد «حدود وحدود»، الذي يتخذ من تيمة الصحراء المغربية فضاء للتصوير وموضوعا لأحداث الفيلم. «الوطن الآن» التقت المخرجة فريدة بليزيد وحاورتها حول فيلمها الجديد الذي يحمل عنوانا مركبا frontieras «فرانتيراس»...
حاورها: رشيد صفر
+ ما الهدف الأسمى من فيلم «حدود وحدود» أو فرانتيراس؟
- أنا معجبة بثقافة المغرب على اختلافها وتنوعها، ومهتمة أيضا بالتنوع الثقافي على المستوى العالمي، وقد سبق لي أن زرت نواكشوط في إطار مشاركتي في أحد المهرجانات، وتملكني الإعجاب بالثقافة والطبيعة الأخاذة للصحراء، فقررت أن أنجز فيلما سينمائيا مطولا للتعريف بالصحراء المغربية وثقافة أهلها وطباعهم.
+ وبخصوص قضية الصحراء المغربية، ألا يمكن اعتبارها هدفا رئيسيا للفيلم؟
- بطبيعة الحال، إذا كنت قد فكرت في إنجاز فيلم في الصحراء وعن الصحراء لابد أن أتطرق لقضية الصحراء المغربية. لا يمكن أن أنجز هذا الفيلم دون تناول موضوع الصحراء المغربية، ولا يعقل أن أترك هذا الموضوع جانبا وأن أتظاهر بأن الأمور على ما يرام بالصحراء المغربية.
+ إذن الفكرة الرئيسية للفيلم هي الاشتغال على موضوع مغربية الصحراء؟
- أكيد أنه في السينما فكرة تولد فكرة أخرى وتتوالى الأفكار لتطعيم الفكرة الرئيسية. إذن كانت رغبتي هي تصوير فيلم بالصحراء. ومن ناحية أخرى كلما شاركنا في مهرجانات معينة نسمع أنه من بين الأفلام المبرمجة فيلم حول «البوليزاريو»، وتصل إلى مسامعنا دعوات للانسحاب من هذه النوعية من المهرجانات، فكان فيلم «حدود وحدود» جوابا عن سؤال تبادر إلى ذهني كثيرا في مثل هذه المواقف وهو سؤال: لماذا لا ننجز نحن أيضا فيلما حول الصحراء المغربية؟ ما المانع في ذلك؟ وكان الجواب عن هذا السؤال بواسطة فيلم سينمائي هي الفكرة أو السبب الثاني. وعموما يمكن اعتبار فيلم «حدود وحدود» رد فعل على ما يروج حول الصحراء المغربية سينمائيا.
+ ما هي دواعي اختيار كلمة «فرانتيراس - frontieras» عنوانا للفيلم؟ وما هو أصل هذه الكلمة؟
- Frontieras هي كلمة مركبة تجمع لغتين، هما لغتا المستعمرين الفرنسي والإسباني، وقد اخترعت هذا العنوان من خليط يمزج بين ترجمة كلمة الحدود باللغتين الإسبانية والفرنسية. والسبب في اختيار هذا العنوان، هو أن الشهادات التي تضمنها الفيلم جاءت على لسان شخصيات حقيقية، تكلمت عن المشاكل والمعاناة التي تقع بالحدود، وأنا في مرحلة من عمري بحكم أني من مدينة طنجة عشت معاناة الحدود، إذ كنا أيام الاستعمار الإسباني لا ندخل أو نخرج من مدينة طنجة عبر الحدود، إلا بعد إدلائنا بجواز السفر، والشيء نفسه بمنطقة (عرباوة) خلال فترة الاحتلال الفرنسي لهذه المنطقة. قضية الحدود هي مشكلة عويصة تعاني منها العديد من الدول الإفريقية والعربية.
+ من هي الفئة المستهدفة من فيلم «فرانتيراس»؟
- أولا المغاربة، والعالم بأسره.
+ كيف تتخيلين انطباع الجهات والأشخاص الداعين للطرح الانفصالي بعد مشاهدتهم للفيلم؟
- حقيقة لا يمكنني أن أتكلم عن رد فعل خصوم قضية الصحراء المغربية، بعد مشاهدتهم للفيلم (يمكنك سؤالهم عن ذلك - تضحك -)
+ (مقاطعا) أتحدث عن تصورك ورؤيتك الفنية لانطباع المتلقي المعارض لقضية الصحراء المغربية بعد مشاهدته للفيلم؟ وبصيغة أخرى هل يمكن للصورة أن تغير المواقف المغلوطة؟
- كل من شاهد الفيلم في العرض ما قبل الأول أبدى تجاوبا بشكل إيجابي. لم يعارض أحد موضوع الفيلم، والفيلم مازال لم يعرض في الكثير من القاعات. وبخصوص إمكانية تغيير الصورة للمواقف المغلوطة: ممكن نعم ممكن لا. لا يمكن للصورة أن تغير دائما أفكار الناس بنسبة مائة في المائة، وإلا كان كل من يريد تغيير مواقف الناس أن يوظف الأفلام والصورة لهذا الغرض.
+ هل من الممكن أن يشارك فيلم «فرانتيراس» بمهرجانات سينمائية دولية عرضت أفلاما معادية لقضية الصحراء المغربية، مثل مهرجانات برلين وموسكو وتورونتو؟
- إ ن شاء الله، بالطبع سوف نعمل على المشاركة بهذا الفيلم ضمن مهرجانات عالمية، لكن ما يجب أن نعرفه هو أنه إذا تم التقدم للمشاركة في أحد المهرجانات لا يمكن التقدم للمشاركة في مهرجان آخر. وبالنسبة لمهرجان برلين لهذه السنة أسدل ستاره وأجريت نسخة هذا الموسم.. لا يمكن أن أصرح باللقاءات والمهرجانات التي سيشارك فيها الفيلم إلى حين برمجتها والإعداد لها، والفيلم لا يزال في عرضه ما قبل الأول.
+ هل واجهتك رفقة الطاقم الفني والتقني مشاكل وعراقيل أثناء تصوير الفيلم؟
- حقيقة لم نواجه عراقيل أثناء تصوير الفيلم، وكان المنتج المنفذ للفيلم، السيد لطيف لحلو قلقا بعض الشيء ومحتاطا من مجموعة من المشاكل التي يمكن أن تحدث في مثل هذا النوع من الأفلام، كالخوف من «اختطاف الممثلة الإسبانية التي تشارك في بطولة الفيلم»، كما كان هاجس خطر الألغام يرافقنا في بعض مراحل تصوير الفيلم، لكن السلطات والقوات المتخصصة في كشف الألغام والاحتياط من خطرها قامت بواجبها أحسن قيام، إذ سهروا على سلامتنا، وكانوا يراقبون فضاءات التصوير للتحقق من عدم وجود الألغام بها، قبل أن نشرع في التصوير.
ملخص الفيلم
فيلم «فرانتيراس» يقرب المتلقي من العادات والتقاليد والطقوس اليومية المكونة لثقافة سكان الصحراء المغربية، ويحكي قصة مخرجة اسبانية تدعى «مايتي»، ترصدها كاميرا المخرجة المغربية فريدة بليزيد، في زيارة للمغرب لإنجاز فيلم وثائقي خاص بقضية الصحراء المغربية. وحسب مجريات الفيلم تلتقي «مايتي» بشخصية «دحمان» الذي يحاول التحكم في توجيه عملها الميداني، وكلما عملت على التحقق من أفكارها الجاهزة حول ملف الصحراء، تكتشف معطيات تتعارض مع تلك الأفكار المُسبقة. وترصد كاميرا «مايتي» في فيلم «حدود وحدود» شهادات وتصريحات للعديد من مكونات المجتمع «مؤرخون ومسؤولون في منظمات غير حكومية وناشطون سياسيون وأنثروبولوجيون وعدد من سكان المناطق الصحراوية» يؤكدون أمام كاميرا «مايتي» تعلقهم بمغربية الصحراء.