الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

تعرف على وصفة الشاعر بلمو لتحقيق نهضة مسرحية جديدة ووازنة ولإنصاف مدن الهامش

تعرف على وصفة الشاعر بلمو لتحقيق نهضة مسرحية جديدة ووازنة ولإنصاف مدن الهامش الشاعر والإعلامي محمد بلمو
كشف الشاعر والإعلامي محمد بلمو، في حواره مع "أنفاس بريس"، على أن "أغلب الفرق المسرحية المتمركزة في المدن الصغيرة والبعيدة والهامشية، تجد صعوبة كبيرة في التواصل مع المؤسسات الرسمية المركزية والمشاركة في عمليات طلب الدعم واقتناء العروض، على عكس الفرق المتمركزة في الرباط والدار البيضاء".
إليكم تفاصيل الحوار:
 
 
+ كيف تقرأ تناسل عدد غزير من العروض المسرحية لمخرجين مغاربة بعديد من المدن المغربية وخصوصا بمدن الدار البيضاء والرباط؟
بالنسبة لسؤالك المتعلق بملاحظة غزارة العروض المسرحية وتواليها في مدينتي الدار البيضاء والرباط خلال هذه السنة، يمكن إرجاع ذلك إلى عدة أسباب، لعل أولها توقف الحركة المسرحية خصوصا والثقافية عموما في المغرب والعالم بأسره لمدة ثلاث سنوات بسبب انتشار وتداعيات وباء كورونا، وهكذا راكمت عدة فرق مسرحية أعمالا ركحية لم تتح لها تلك الظروف لعرضها إلا خلال هذه السنة، بعد رفع حالة الإغلاق والاحترازات الخاصة بالتجمعات، وهذا ما جعل الأمر يبدو لنا غزارة غير معهودة في العروض المسرحية، مع أن تلك الغزارة انحصرت كما جاء في السؤال بمدن المركز، أي الدار البيضاء والرباط، وليس في عموم البلاد، التي عرفت بالتأكيد عروضا مسرحية، لكن ليس بنفس الغزارة أو الكثافة. أما السبب الثاني فيكمن في استئناف قطاع الثقافة عمليات الدعم المسرحي بمختلف أنواعه، مع ملاحظة اختيار آلية جديدة للدعم بشراكة بين الوزارة الوصية والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، من خلال فتح باب شراء هذه الأخيرة للعروض المسرحية المنتقاة من طرف لجنة مشتركة، في إطار ما أطلق عليه "المسرح يتحرك".
 
+ هل هذه الغزارة في العروض المسرحية هي تعبير عن نهضة مسرحية جديدة في المغرب، أم لا؟
الأهم من ذلك، وفي سياق الجواب عن سؤالك، أنه بالعودة إلى سنوات قليلة ما قبل كورونا، لابد من الانتباه إلى الحضور المميز للمسرح المغربي في العديد من المهرجانات، وفوز عدد من المسرحيات المغربية الجديدة بالجوائز الأولى، وهذا يمكن اعتباره من مؤشرات نهضة مسرحية تعرفها بلادنا، خصوصا أن هذا الحضور المتميز للمسرح المغربي قد استمر خلال هذه السنة، من خلال عدد من المسرحيات، التي سجلت وتسجل بصمات مميزة على مستوى المهرجانات الدولية، وآخرها مسرحية "الليلة" التي حازت على جائزة الإخراج المسرحي في مهرجان "مسرح الرحالة" الذي احتضنته العاصمة الأردنية عمان قبل أسابيع.
 
ولابد هنا من الوقوف قليلا عند أمر لم يتم الانتباه إليه، فمعلوم أن هذه المسرحية لم تمثل المغرب من المدن الكبرى كالرباط أو الدار البيضاء أو مراكش أو تطوان أو مكناس، بل هي لفرقة مسرحية من مدينة سيدي يحيى الغرب، وتسمى (فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب)، وتتكون من شباب طموح ومبدع من هذه المدينة الهامشية بقيادة المخرج طارق بورحيم، وهي فرقة لا تكتفي بتقديم العروض المسرحية بل تشتغل في التأطير والتكوين والتنشيط داخل المؤسسات التعليمية وفي معهد للتكوين الفني الذي تشرف عليه ضمن أفق تنموي طموح.
 
وبالعودة الى تجربة المهرجان الوطني لمسرح الشباب الذي احتضنت الرباط دورته الأولى في الربيع الماضي، بمشاركة العروص المسرحية التي فازت على المستوى الجهوي، حيث فازت فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب بالجائزة الجهوية الكبرى لجهة الرباط سلا القنيطرة، لاحظت أن فرقا مسرحية من المدن الهامشية وليس المركزية في الجهات هي التي فازت جهويا وشاركت في نهائيات المهرجان، بحيث أن عشر جهات لم تفز فيها فرق مدنها الرئيسية، بل فازت فيها فرق من المدن الصغيرة والهامشية للجهات، ويمكن التأكد من ذلك بالعودة إلى لائحة الفرق المؤهلة لتمثيل جهات المغرب، إذ تنافست كما هو معلوم، على الجائزة الكبرى 12 فرقة مسرحية شابة، كل واحدة تمثل جهة من جهات المملكة، وذلك بعد فوزها بالمرتبة الأولى في المهرجانات الجهوية التي نظمت على امتداد فبراير ومارس الماضيين. أذكر هذه الملاحظة لأجيب بأن عناصر النهضة المسرحية ببلادنا متوفرة بقوة ليس فقط في المدن الكبرى ولكن أيضا في المدن الصغرى، وما ذكرته عن المسرحيات المؤهلة جهويا للمهرجان الوطني لمسرح الشباب خير دليل على ذلك.
 
+ في سياق متصل ما هي مساهمة التلفزة المغربية في تجدير وترسيخ الثقافة المسرحية وتعزيز الفن المسرحي؟
هنا أيضا سأربط بين الجواب السابق وبين سؤالك عن مساهمة التلفزة المغربية في ترسيخ وتعزيز الثقافة المسرحية ببلادنا، بحيث أن عناصر النهضة المسرحية لا توجد في المدن المغربية الكبرى، ولكن يمكن القول أنها توجد في مختلف التجمعات السكانية كيف ما كان حجمها وعدد سكانها، غير أننا درجنا على اختزال الكل في الجزء، وتركيز الإهتمام على المراكز، وتهميش الهوامش، مما جعل بلادنا تفقد الكثير من عناصر نهضتها الثقافية وقوتها.
 
فمثلا مدينة سيدي يحيى الغرب التي خرجت منها هذه الفرقة وحصدت جائزة دولية ومثلث المغرب خير تمثيل، لا تتوفر على قاعة عرض مسرحي، ولا تستفيد من أي دعم، ومثلها عدد من المدن الصغيرة، رغم المجهودات التي قامت بها الوزارة الوصية بهذا الخصوص، لذلك فدور الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة دور كبير في هذا الشأن إلى جانب الوزارة والمجالس المنتخبة، وما قامت به هذه السنة بالنسبة لاقتناء العروض المسرحية، لا يمكن اعتباره إلا بداية يلزمها الكثير من الإرادة والجهد والإمكانيات، للمساهمة فعلا في نهضة مسرحية جديدة ببلادنا، فأغلب الفرق التي تحدثنا عنها المتمركزة في المدن الصغيرة والبعيدة والهامشية، تجد صعوبة كبيرة في التواصل مع المؤسسات الرسمية المركزية والمشاركة في عمليات طلب الدعم واقتناء العروض، على عكس الفرق المتمركزة في الرباط والدار البيضاء. وبالتالي لابد من أن تعي التلفزة المغربية والوزارة الوصية ومختلف المتدخلين هذه الفروقات، وتبدل مجهودا كبيرا لتيسير وتسهيل عملية الوصول إلى هذه الفرق والطاقات المسرحية البعيدة، لأن من شأن ذلك تحقيق نهضة مسرحية جديدة ووازنة فعلا.