الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

استعمار جنرالات الجزائر لصحراء تونس..

استعمار جنرالات الجزائر لصحراء تونس.. لقد تنازل بورقيبة في  1968 على الصحراء الجنوبية التونسية، تجنبا للدخول في الصراع مع الجزائر
هل يعلم الشعب التونسي أن أراضي صحرائه الجنوبية لازالت محتلة من طرف جنرالات قصر المرادية ؟! إليكم تفاصيل الحكاية:
في 26 يناير 1980، بتنسيق مسبق دام سنتين بين الهواري بومدين والقذافي ومجموعات مسلحة من البوليساريو، تم الهجوم على ثكنة بقفصة التونسية، وقتل جنود في طور التدريب المدرسي وهم نيام، كانوا في العشرينات من عمرهم، بعد تسلل هؤلاء المسلحين من التراب الجزائري وبدعم من جنرالات المرادية. كان الهدف تأديب تونس على عدم انسياق بورقيبة والشعب التونسي وراء أطروحة انفصال البوليساريو التي كانت تغذيها الدولة الجزائرية، وقد اعترف القذافي بتفاصيل المؤامرة في حوار أجراه في عدد 12 ماي 1982 من مجلة جون أفريك، حيث أكد أن الهواري بومدين من دبر المؤامرة بالتنسيق معه.
  
استمرارا في النبش في حفريات الذاكرة التاريخية، فبعد أحداث بنزرت الدامية سنة 1961، عند محاولة الاستعمار الفرنسي الاحتفاظ بقواعده العسكرية هناك، واقتطاع أراضي الصحراء التونسية، يقول دوغول في مذكراته: "فقد كان هم بورقيبة استعادة صحراءه الجنوبية، لكن إذا أقدمت فرنسا على قبول ذلك، فذلك سيشجع المغرب أيضا على استعادة كولومب بشار وتندوف."، من الواضح أن نفس المخطط الكولونيالي بإلحاق الصحراء التونسية بالجزائر الفرنسية آنذاك، هو نفس المؤامرة بضم الصحراء الشرقية المغربية للتراب الجزائري الفرنسي. 
 
لمزيد من توثيق استيلاء الجزائر على الصحراء التونسية الجنوبية، فمعاهدة 19 ماي 1910 التي تم توقيعها بين العثمانيين وفرنسا، تؤكد خرائطيا انتماء الصحراء الجنوبية للأراضي التونسية، وأنها لم تكن يوما أرضا جزائرية، لكن المؤامرة الفرنسية التي حبكت تعويم الحدود وتوسيع مستعمراتها، وضعت قنابل موقوتة حدودية لاستدامة الصراع في المنطقة. لقد تنازل بورقيبة في  1968 على الصحراء الجنوبية التونسية، تجنبا للدخول في الصراع مع الجزائر التي كان جنرالاتها يهددونها باستمرار، وعدم قدرة الدولة التونسية على مجاراة هذا الصراع لتحرير أراضيها الصحراوية من الاستعمار الجزائري الجديد، وقد أصبحت خريطة تونس من جنوبها كخط رقيق بدون امتداد صحراوي. وفي ذات السياق عمم وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس عدة وثائق في هذا الاتجاه عرت بجلاء المحاولات المتعددة لعسكر الجزائر للهيمنة على تونس. 
 
حتى تتوسع حفريات التاريخ هاته، لإماطة اللثام على توسع جنرالات الجزائر في صحاري دول الجوار، فمنطقة حاسي مسعود جزء من التراب الليبي، وهي المنطقة البترولية التي تنتج 350 ألف برميل يوميا. بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945، وعند انتصار الحلفاء ومن ضمنهم فرنسا، على دول المحور وضمنهم إيطاليا، أبرمت معاهدة بيفن وسيفورزا بين روما محتلة ليبيا وباريس محتلة الجزائر، حيث تمددت فرنسا على أراضي ورغلة الليبية، وسال لعاب الاستعمار الفرنسي بعد اكتشاف حقول النفط بحاسي مسعود في منطقة ورغلة المنتمية لإقليم أزجر الليبي، وظلت فرنسا تعتبر هذا الإقليم جزائريا باستغلال ثرواته بعد استقلال ليبيا، وتسلمت دولة الجزائر الفرنسية هدية إلحاق حاسي مسعود بها، ولم تغد هاته الأراضي الليبية إلى اليوم لأهلها. 
 
ملحوظة لها علاقة بما سبق: لا نطلب من قيس سعيد أن يكون وطنيا بمقدار ما عهدناه من الشعب التونسي الشقيق، بل فقط أن يعيد قراءة تاريخ جنرالات الجزائر الدموي في الاستيلاء على أراضي تونس ودول الجوار.