Monday 15 December 2025
مجتمع

آسفي تغرق في الحزن.. مشاهد الوداع الأخير أمام مستودع الأموات (مع فيديو)

آسفي تغرق في الحزن.. مشاهد الوداع الأخير أمام مستودع الأموات (مع فيديو)
على بُعد أمتار قليلة من مستودع الأموات بآسفي، كانت عشرات سيارات الإسعاف ونقل الموتى مصطفّة في محيط "لامورغ"، ظهر يوم الاثنين 15 دجنبر 2025.
وفي مشهد يعتصر القلوب، تجمعت عائلات ضحايا فيضانات آسفي أمام المستودع، تودّع أبناءها وذويها بدموع وعويل يعكسان هول الفاجعة وصدمة الفقد.
وشهدت المدينة الساحلية، يوم الأحد الأسود 14 دجنبر، فيضانات جارفة أودت بحياة ما لا يقل عن 37 شخصًا، في حصيلة مؤقتة، معظمهم من الأطفال والشباب الذين جرفتهم السيول في أحياء المدينة القديمة والمناطق الشعبية الممتدة من حي الشعبة إلى قصر البحر بسيدي بو الذهب، ثم إلى المريسة، حيث عُثر على بعض الجثث التي حملها السيل الموحل والمدجّج بالأتربة ومخلّفات البناء والسلع التجارية بعد مروره من قلب سوق المدينة العتيقة.
هذه الكارثة الطبيعية غير المسبوقة ضربت الإقليم بقسوة، تاركة خلفها حزنا عميقا وانهيارا نفسيا كبيرا بين العائلات التي تصف ذلك اليوم بـ"اليوم الحزين"، صداه ما يزال يتردّد في كل أرجاء المدينة.
أمهات يتكئن على جدران المستودع الباردة وهنّ يصرخن أسماء أبنائهن المفقودين، وآباء تتقاسم وجوههم ملامح الصبر والانكسار، يحاولون التماسك أمام هول الفقد المفاجئ، فيما يقف الأبناء مذهولين أمام غياب أمّهاتهم وآبائهم وإخوتهم.
تقول إحدى الناجيات لجريدة "أنفاس بريس":
"شفت الموت بعيني، وشبان ماتوا قدامي بعدما جرفتهم السيول"، مشيرة إلى الرعب الذي عاشته العائلات لحظات قبل الفقدان الكبير.
داخل المستودع، واحتراما لحرمة الموتى، لم يُسمح لجريدة "أنفاس بريس" بالدخول، وهو ما تم تفهمه، غير أن ما أمكن رصده من الخارج كان كفيلا بأن يُترجم حجم الكارثة التي حلّت بالمدينة.
عند مدخل المستودع تم نصب مكتب خشبي بسيط، يُستقبل فيه أفراد العائلات بعد الإدلاء ببطاقاتهم الوطنية وتحديد هوية الغريق. ثم يُرافق أحد الأعوان كل باحث إلى غرفة يسرى تضم ثماني ثلاجات، وعلى مقربة منها جثث مسجّاة لأشخاص عراة غُطّيت عوراتهم بقطع قماش. وتبدو على الأجساد آثار الغرق والطين والوحل، إذ لاحظت "أنفاس بريس" أن بعض الجثث انتفخت وتغير لونها إلى أبيض يميل إلى الرمادي، نتيجة بقائها في الماء لساعات طويلة.
بعض الجثامين بدت عليها كدمات وجروح بسبب اصطدامها بالصخور والقطع الحديدية التي جرفها السيل من سوق المدينة القديمة، فيما احتفظت وجوه أخرى بملامحها تقريبًا، مما سَهّل على ذويها عملية التعرف عليها. أما الملابس فتمزقت بالكامل باستثناء من كان ينتعل أحذية جلدية، وهو ما لوحظ داخل الغرفة اليمنى من المستودع.
في القاعتين كان بعض المستخدمين والمتطوعين يغسلون الجثامين بعد تعرف ذويهم عليها، تمهيدًا لإجراءات الدفن. إلا أن الموجع في المشهد أن هناك من لم يجد جثة قريبه بعد، وهو ما يترك العائلات معلقة بين احتمال أن يكون المفقود ما زال تحت الركام أو أن وسائل البحث لم تعثر عليه بعد، رغم تأكيد السلطات استمرار عمليات الإنقاذ.
إنها لحظات إنسانية قاسية تُلقي بظلالها على المدينة كلها، حيث تختلط الدموع بالصمت، والحيرة بالرجاء، في انتظار انتهاء هذا الكابوس الذي حوّل آسفي في ساعات قليلة من ليلة واحدة إلى مدينة منكوبة تودّع أبناءها على وقع الألم والذهول.