الخميس 28 مارس 2024
منوعات

متى تكون حرائق الغابات مفيدة للنظام البيئي؟

متى تكون حرائق الغابات مفيدة للنظام البيئي؟ مشهد لحرائق الغابات بشمال المغرب
شكلت الحرائق التي أتت على مئات الهكتارات بمنطقة الشمال، كارثة بيئية، وطرح في النقاش العمومي مجددا ضرورة التحسيس بمخاطر حرائق الغابات وتأثيرها الضار على المناخ والنظام البيئي، وهو ما كان موضوع خطبة الجمعة في المساجد، إلا أن كما للحرائق وجه سلبي، فإن لها وجوها إيجابية على النظام البيئي والتنوع الحيوي.
 
وعندما يكون متحكما فيها ومسيطرا عليها، تكون النيران أحياناً مفيدة وحتى ضرورية لدورة حياة بعض النباتات. وتكمن أهمية حرائق الغابات في أنها تساهم في إنبات أشجار وغابات أخرى من الغابات التى احترقت. ويرجع السبب في نشأة أشجار وغابات أخرى لانطلاق الملايين من البذور التي يحملها الهواء الساخن بفعل النيران والتي بدورها تقوم بتشكيل غابات جديدة في مساحات جديدة، وبهذا تنشأ حياة جديدة مع أماكن نمو الغابات ما يساهم في زيادة التنوع الحيوي.
 
كما أن الحرائق تساهم في زيادة خصوبة التربة بسبب ما تخلفه من رماد يحتوي على المغنيزيوم والكبريت والبورون والبوتاسيوم والفوسفور وعناصر أخرى لازمة لنمو النباتات، إضافة إلى قيامها بالقضاء على الشجيرات الصغيرة الجافة والتي لا تترك مجالاً لنمو الأشجار الكبيرة وتتيح الفرصة لأشعة الشمس للوصول إلى أرضية الغابات.
كما أن بعض الأشجار لا تتفتح حاويات بذورها إلا بفعل الحرارة العالية فتسقط وتتطاير بفعل الهواء الساخن مما يساهم في نقلها لأماكن أخرى لتكوين غابات جديدة. وبعض أنواع الأشجار تصبح مهددة بالانقراض مالم تحدث حرائق في الغابات التي توجد بها تلك الأشجار. مثلاً أشجار الصنوبر الأحمر التي يصل ارتفاعها إلى 80 قدماً قد لا يمكنها أن تعيد دورة حياتها بدون حرائق الغابات.. وسبق لوزارة الزراعة والغابات الأميركية استخدام النيران لمساعدة الصنوبر الأحمر على مواصلة النمو والتكاثر، بعد مرور نحو قرن على بدء إجراءات منع حرائق الغابات. وعندما يتم قمع حرائق الغابات بانتظام، تتراكم كميات كبيرة من الكتلة الحيوية الميتة في أرضية الغابات، مما يزيد من فرص نشوب حرائق أكبر بكثير يصعب السيطرة عليها وتعرض التجمعات البشرية القريبة لأخطار وأضرار أكبر ناجمة عن تلك الحرائق.

 
كما أظهرت دراسة نشرتها مجلة "ساينس ديلي" الأمريكية عام 2010 أن قمع كل الحرائق حتى الصغيرة التي حدثت في غابات كاليفورنيا على مدى سنوات طويلة أدى إلى زيادة كبيرة جداً في أعداد الشجيرات الصغيرة وتراكم جذوع وفروع الأشجار الجافة التي تُعد بمثابة وقود يجعل الحرائق أشد خطراً، وأن المسؤولون أصبحوا يستخدمون حالياً نظام الحرائق المفتعلة (المُسيطر عليها) للحد من تراكم الشجيرات والحطام الذي يمكن أن يُصبح وقوداً للنيران بعد ذلك.
 
وفي دراسة أخرى وجد الباحثون أنه بعد عشر سنوات أظهرت الأراضي المحروقة وجود تنوع للنباتات ضعف الأراضي غير المحروقة وأن هذا التنوع يزداد مع ازدياد شدة الحريق. كما أظهرت الدراسة أن استخدام الحرق المتكرر لتقليل تراكم الوقود ليس له تأثير ضار على الغطاء النباتي الأصلي. 
ومن المعروف أن أزهار الخشخاش الذهبي النادرة لا تنمو إلا وسط الرماد الذي تخلفه الحرائق الكبيرة مما يشير إلى أن حتى الكوارث يمكنها أن تخلف آثاراً جميلة على حد تعبير مقال بصحيفة الغارديان البريطانية.