الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

إبراهيم السولامي : فارس الكلمة الشفيفة ومؤرخ الشعر الوطني المغربي على عهد الحماية

إبراهيم السولامي : فارس الكلمة الشفيفة ومؤرخ الشعر الوطني المغربي على عهد الحماية إبراهيم السولامي

في برنامجه الأدبي "مدارات" الذي تبثه الإذاعة الوطنية من الرباط، خصص الإعلامي الزميل عبد الإله التهاني حلقته الجديدة، لإضاءة محطات ومشاهد من السيرة الأدبية للأديب المغربي الدكتور إبراهيم السولامي ولتعريف بإسهاماته المتنوعة في مجال الدراسات الأدبية، وكتابة الشعر، والمقالات التأملية والمذكرات الصحفية.

 

- إبراهيم السولامي فارس الكلمة الشفيفة :

وفي مستهل حديثه، أوضح معد ومقدم البرنامج ، أنه لايذكر حقل الدراسات الادبية وفن الخواطر والمذكرات ، وكذا انبثاق الحركة الشعرية الجديدة في المغرب ، إلا ويذكر معهما اسم الدكتور إبراهيم السولامي ، واصفا إياه بأنه فارس من فرسان الثقافة الادبية ، وأستاذ مؤطر لاجيال من الباحثين والطلبة في الجامعة المغربية، وأحد الرواد الذين بقي قلمهم سيالا منذ مطلع الستينات من القرن الماضي، يصدر الكتاب تلو الكتاب، هائما بالكلمة الادبية الشفيفة، وباحثا عن أسرار الجمال في كل إبداع، شعرا كان أو رواية أو قصة أو مسرحية، أو عملا تلفزيا جذابا ومفيدا .

وأضاف بأن الدكتور إبراهيم السولامي، ظل يصقل رؤيته الجمالية ويجدد نظراته الفكرية، حريصا على وفاء متجدد للكتابة في كل المجالات التي يتقن فيها الحديث والتنظير والافادة، مشيرا إلى كلامه العذب في المنتديات واللقاءات والندوات، بحسه الثقافي المرهف وطبعه الانساني المرح.

واستحضر الزميل عبدالاله التهاني ما كان قد أورده العلامة المرحوم عبد الله الجراري عن الدكتور الأديب ابراهيم السولامي، حين قال بأنه من الشباب اللامع، الذي خلق وما خلق إلا للدراسة والتثقيف، في مغامرات لا تقف، تلبية لرغبة الروح ومتعة لنهم النفس، فطورا هو في الشرق، وطورا آخر في الغرب، يمزج ثقافة بأخرى كتلقيح وتجديد" .

 

- من سنوات القاهرة إلى حب في فاس :

وبعد تقديم لمحات عن المسار الدراسي للدكتور السولامي بجامعة القاهرة ، التي تخرج منها سنة 1960، ثم بعدها بباريس والمغرب، أشار إلى أن هذا العاشق الدائم للفنون والجماليات ، سيصبح أحد أعمدة الدراسات الادبية بالجامعة المغربية، منذ سنة 1964، حيث عرف أستاذا جامعيا لامعا بفاس، لا يكتفي بأن يلقي محاضراته في الجامعة، وإنما يوسع من مجالات حضوره الثقافي، فتراه في الندوات متحدثا ومساهما، وتراه في البرامج الإذاعية وقتئذ صوتا متميزا الدكتور إبراهيم السولامي، أشار معد ومقدم البرنامج ، إلى إصداره في العام 1967، باكورة إنتاجاته الأدبية، من خلال ديوانه الأول والأخير، والذي نشره تحت عنوان (حب).

وأضاف بأن خواطر الأستاذ السولامي ومقالاته النقدية،

كانت قد وجدت طريقها إلى النشر المنتظم في الصحافة المغربية، كمجلة " الأطلس" المغربية، وبعض المجلات العربية ضمنها (مجلة الآداب اللبنانية)، التي كان يصدرها من بيروت الأديب اللبناني الراحل سهيل إدريس.

وتوقف الزميل عبدالإله التهاتي عند بقية إصدارات الدكتور السولامي، مستحضرا استحضر كتابه " صحبة الأحباب " وكتابه "شعلة الرماد"، حيث وصفهما بأنهما كتابان جميلان ولطيفان ، تحدث فيهما عن شخصيات أدبية وفكرية وصحفية مستعرضا جوانب لافتة، آثرت اهتمامه، ومن هؤلاء الذين تناولهم الأديب المصري الدكتور طه حسين، ودروسه كل أربعاء في جامعة القاهرة، والكاتب المغربي الراحل الأستاذ عبد الكريم غلاب ، والروائي القصصي الراحل محمد زفزاف، والكاتب والصحفي الراحل عبد الجبار السحيمي، والشاعر عبد الكريم الطبال، والشاعر عبد الرفيع جواهري والشاعر محمد السرغيني، والمسرحي الراحل محمد الكغاط، والمؤرخ الراحل عبد الهادي التازي، والكاتب اللبناني الراحل سهيل إدريس.

كما أشار الزميل التهاني إلى الحوار المطول للدكتور إبراهيم السولامي مع الكاتب المسرحي والصحفي محمد بهجاجي، وكان في شكل سيرة ذاتية، نشرت في عدة حلقات، إضافة إلى حواره مع الأديبة اللبنانية الشهيرة ليلى بعلبكي، وتأملاته في كتابات الكاتبة الكويتية منى الشافعي.

 

- السولامي والصبيب الأدبي :

وفي سياق متصل، أضاف الزميل التهاني بأن الدكتور إبراهيم السولامي، ينتمي إلى جيل الرواد الذين تبلورت عبر كتاباتهم، ملامح الثقافة الوطنية الحديثة بالمغرب، كما أنه من أبرز الوجوه التي عملت على ترسيخ العمق العربي للثقافة المغربية الحديثة، وذلك بحكم تأثره المباشر بالحركة الفكرية والأدبية في المشرق العربي، منذ أن أكمل دراسته الثانوية بالمغرب مع مطلع الخمسينات من القرن الماضي، والتحق بمصر كما فعل زميلاه محمد برادة وعلي أمليل وسواهما، مواصلا مساره الجامعي في كلية الآداب بالقاهرة، حيث قضى هناك خمس سنوات درس من 1956إلى1961، درس خلالها على يد أعلام الفكر والأدب بالجامعة المصرية.

وعرج التهاني في ورقته على أجواء الحيوية والازدهار الثقافي الذي كان يطبع الحياة الثقافية في مصر، والتي استفاد منها الدكتور إبراهيم السولامي، حيث تنتشر الأندية الفكرية، والصحافة الأدبية، والندوات والمحاضرات، والسجالات العلمية، الشيء الذي كان يجعل من مصر، بؤرة حقيقية لحيوية الفكر، ومصدرا للإشعاع الثقافي في عموم البلاد العربية.

 

- السولامي: مؤرخ الشعر الوطني المغربي على عهد الحماية :

وأوضح معد ومقدم البرنامج ، أنه اسم الدكتور إبراهيم السولامي ، ارتبط أيضا برسالته الجامعية التي كان قد أعدها عام 1973، تحت إشراف الدكتور شكري فيصل، في موضوع "الشعر الوطني المغربي على عهد الحماية، من 1912 إلى 1956" ، مشيرا إلى أنه في هذه الرسالة الجامعية غير المسبوقة التي نشرها عام 1974، أحاط الدكتور السولامي بظاهرة الشعر الوطني في المغرب خلال فترة الحماية من جميع جوانبها، بحيث تضمنت توثيقا شاملا ودقيقا لشعر المقاومة والنضال الذي ساهم به شعراء المغرب، على امتداد فترة الحماية الأجنبية، بشقيها الفرنسي في الوسط والشمال الشرقي والجنوب، والإسباني في مناطق الشمال الغربي للمغرب، وأقاليمه الصحراوية في أقصى الجنوب. وذلك على امتداد الفترة من 1912 إلى العام 1956.

 

 

- رحلة إبراهيم السولامي بين الشعر والنثر :

وعودة إلى رحلته مع الشعر ، أوضح الزميل التهاني ، أن إبراهيم السولامي عرف شاعرا منذ شبابه ، بيد أن رحلته مع الشعر لم تنتج سوى ديوان واحد هو ديوان (حب) ، مقابل استمرار رحلته مع الكتابة النثرية ، التي تواصلت موازاة مع عمله الجامعي، مشيرا إلى أنه حتى حين عين عميدا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة المحمدية، في سنوات الثمانينات من القرن الماضي، ظل الدكتور السولامي يطل على القراء، بأسلوبه البليغ، وحسه الإنسانية المرهف ، ورؤيته الاجتماعية العميقة، وخاصة في سلسلة مذكراته على صفحات جريدة "العلم" "المغربية.

ونفس السياق استحضر عبد الإله التهاني، إطلالة الدكتور إبراهيم السولامي سنة 1981، على المشهد الثقافي بالمغرب بكتابه الجميل "تأملات في الأدب المعاصر"، مشيرا إلى أنه كتاب تضمن خواطر المؤلف، ومذكراته ورسائله الحميمة، ورحلاته بين بلدان الشرق والغرب، وكذا قراءاته في عيون الأدب العالمي، وخاصة قمم الأدب الفرنسي والروسي والأمريكي والإنجليزي.

 

واعتبر الزميل التهاني أن إيقاع كتابات الدكتور السولامي، هو إيقاع غير مألوف ، بحكم قدرته على منح قراءه كتابة حية وطرية، وسلسة وقريبة من أحاسيس القراء ، وكذا بحكم قدرته الفريدة على تلقيح كتاباته والجادة بعناصر السخرية الهادفة، والفكاهة الموحية ، لذلك اختار أن يضع لكتابه الصادر عام 1998، عنوانا جذابا لخصه في عبارة "رأي غير مألوف"، وقد تضمن هذا الكتاب، أضمومة

من مقالات الدكتور السولامي، ومتابعاته في أحوال الثقافة والمجتمع.

 

- جيل مغربي في القاهرة :

ولم يفت الزميل التهاني أن يمر على كتاب الدكتور السولامي الذي أصدره بعنوان: "خطوات في الرمال "، واصفا هذا الكتاب بأنه لم يكن فقط خطوات في الرمال، كما يقول عنوانه ، وإنما كان أيضا سفرا عبر مراحل من حياة الدكتور إبراهيم السولامي، وسيرته الأدبية والفكرية.

وخلال هذه الحلقة، اقتطف معد ومقدم برنامج " مدارات" مقاطع من نصين مختلفين، الأول اقتبسه من حديث الدكتور إبراهيم السولامي مع المؤلف المسرحي والكاتب الصحفي محمد بهجاجي المنشور على حلقات، ويتعلق بمرحلة دراسته في الجامعة المصرية، حيث استعرض فيه الدكتور السولامي لمحات من الأجواء الثقافية والجامعية في القاهرة، مستحضرا أبناء جيله من الطلبة المغاربة الذين التحقوا بمصر وقتها، أو قبله أو بعده، قصد الدراسة، مثل عبد القادر الصحراوي وزير الأنباء لاحقا، ومحمد التازي السفير لاحقا أيضا، وعبد الرحيم السقاط، ومحمد المزكلدي، ومحمد بوزوبع، وإسماعيل أحمد، وخالد مشبال، وعبد الكريم الفيلالي، وعبد اللطيف السملالي، وأحمد عبد السلام البقالي، ومحمد بن عيسى الوزير والسفير لاحقا ، واللذين قالا عنهما بأنهما غادرا معا إلى أمريكا، ومنهم أيضا علي أمليل، وعباس الجراري، وعبد الواحد بنمسعود وعبد الرحمان بن عمر، وحسن المفتي، والمهدي الدليرو .

 

- الحنين إلى الأم والبر بمقامها :

أما النص الثاني، فيتعلق بمقطع من مقال جميل ورد في كتاب "في صحبة الاحباب" للدكتور إبراهيم السولامي، حيث رسم فيه صورة لعلاقته بأمه، ولدورها في حياته ومساره العلمي، وما تثيره ذكراها في نفسه من مشاعر جياشة، هي مزيج من الحنين إلى الأم والبر بمقامها.

وأشار الزميل التهاني إلى أن الكاتب المغربي الاستاذ عبد القادر الإدريسي، كان قد علق في مقال له على ما كتبه الدكتور السولامي عن والدته، حيث ذكر أنه لم يقرأ رثاء للأم، في مثل هذا الفيض من المشاعر الحانية، والشوق العارم، والبر العميق، مسجلا أنه في سياق حديث الأستاذ السولامي عن والدته نقرأ أيضا لمحات من سيرته الذاتية.

وختم معد ومقدم البرنامج في ختام هذه الحلقة، بقراءة قصيدتين من ديوان" حب" للدكتور إبراهيم السولامي .