Sunday 22 June 2025
كتاب الرأي

محمد حمضي: وزان ... اللجان الدائمة لمجلس الجماعة بين الفشل والاستقالة !

محمد حمضي: وزان ... اللجان الدائمة لمجلس الجماعة بين الفشل والاستقالة ! محمد حمضي

قبل سنة، تابع جمهور شبكات التواصل الاجتماعي ارتدادًا عنيفًا ضرب الرئة التي تعطي معنى لعضوية المنتخب(ة) بمجلس جماعة وزان. لم يكن هذا الارتداد، الذي يحاول البعض تحجيم آثاره، غير مسارعة منتخبات ومنتخبين بوضع استقالاتهم من لجان دائمة فوق مكتب الرئيس، سبق لمجلس الجماعة أن أحدثها، وكانت مكوناتها، حسب تقديرها، ترى بأنها ستشكل قيمة مضافة في تجويد أدائه، مما سيترك آثارًا ملموسة على جودة الحياة بالجماعة الترابية دار الضمانة.

اللجان الدائمة التي لم يعد لها أثر يذكر بعد حزمة الاستقالات التي تهاطلت على مكتب رئيس الجماعة هي لجنة المرافق العمومية ولجنة الثقافة. ولم تقف هذه الاستقالات في حدود عضواتها وأعضائها، بل شملت حتى رئيسيها المنتميان لحزب الوردة (الأغلبية) وحزب الجرار (المعارضة)، الذين ركبا نفس الموجة، وكان لكل واحد منهما تقييمه الخاص انتهى به بمغادرة القاطرة.

بغض النظر عن قراءة جائحة الاستقالات التي شلت لجنتين دائمتين، والتي لا يمكن فهمها بالقفز عن السياق الذي حصلت فيه، فإن ما يدعو للاستغراب هو تسليم أطراف الصراع داخل مجلس الجماعة بالأمر الواقع، والاتفاق ضمنيًا على الاستمرار في تعطيل وظيفة رئة المؤسسة المنتخبة التي هي اللجان الدائمة.

لندع الأمر جانبًا وننتقل لتسليط كشافات من الضوء على حضور اللجان الدائمة الخمس في حياة مجلس الجماعة الذي يشارف على استهلاك ولايته الجارية، التي تم تدشينها بما أفرزه سياق الاستحقاقات الانتخابية التي جرت يوم 8 أكتوبر 2021!

إحداث اللجان الدائمة بالمجالس الجماعية محدد بالقانون 113/14 المتعلق بالجماعات، ويكفي العودة للمادة 25 من هذا القانون التي جاء فيها: "يحدث مجلس الجماعة ... لجنتين دائمتين على الأقل وخمسة على الأكثر يعهد إليها على التوالي بدراسة القضايا التالية - الميزانية والشؤون المالية والبرمجة - المرافق العمومية والخدمات". أما المادة 27 من نفس القانون فقد نصت على: "تخصص إحدى اللجان الدائمة للمعارضة".

"نبش تلقى الحنش". هل يجوز إسناد رئاسة لجنة المرافق العمومية للمعارضة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فبأي خانة يمكن تأطير رئاسة لجنة الحكامة؟ هذا الخلط المخدوم وحده عامل الإقليم كان عليه رفعه طبقا للمادة 32 من القانون المنظم للجماعات التي جاء فيها: "يدخل النظام الداخلي حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ثمانية أيام من تاريخ توصل العامل بالمقرر دون التعرض عليه، وفي حالة التعرض، تطبق أحكام المادة 117 من هذا القانون التنظيمي".

ملائمة تشكيل لجان المجلس مع القانون التنظيمي الذي لا يسمح بإسناد رئاسة لجنتين للمعارضة، أما إسناد رئاسة المرافق العمومية والخدمات للمعارضة فإن ذلك لا يستقيم مع الدور المنوط بها، الذي يجب أن يأتي متناغمًا ومتجاوبًا مع رؤية الأغلبية التي يعمل مكتب المجلس على تنزيلها. وإذا رأى البعض عكس هذه القراءة، فهل يمكن أن نرى المعارضة تترأس لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة؟ إن أهمية اللجنتين في علاقتهما بالأغلبية هو ما جعل المشرع يأتي على ذكرهما بشكل مستقل عن باقي اللجان الأخرى، ويلزم المجلس بإحداثهما، ويترك للمجلس الجماعي حرية إحداث لجان أخرى على أن لا يتجاوز عددها خمسة. وعند وجود معارضة فعلية تبرز للوجود يوم انتخاب الرئاسة بهذا المجلس الجماعي أو ذاك، فإن المشرع يُلزم مجلس الجماعة بإسناد رئاسة لجنة من لجانه التي يحدثها، والتي يجب أن يُنص على اسمها بشكل صريح في النظام الداخلي.

ورش النبش قادنا كذلك لاكتشاف عدم التحاق فريق حزب المصباح بمجلس الجماعة باللجان الدائمة الخمس! موقف غير مفهوم وشارد، ويمكن الجزم بأنه يتعارض مع الموقف الرسمي للحزب مركزيًا. وبالمناسبة، فإن الفريق المذكور راكم عضواته وأعضاؤه تجربة مهمة في العمل الجماعي سواء من موقع المعارضة أو من موقع التسيير، وبالتالي التحاقهم/ن باللجان الدائمة، مما لا شك فيه كان سيُجود اشتغال اللجان المذكورة، خصوصًا إذا استحضرنا نصب أعيننا التشكيلة التي "أفرزتها" صناديق الاقتراع يوم 8 أكتوبر 2021.

فشل اللجان الدائمة بمجلس جماعة وزان في القيام بالأدوار التي أناطها بها المشرع تحصيل حاصل، ويكفي إلقاء نظرة خاطفة على حصيلة عملها للتأكد بأنها لم تضف ولو وزن ريشة من القيمة المضافة في عمل مجلس الجماعة. لجان لا تجتمع غالبيتها إلا عشية استعداد مجلس الجماعة لعقد دوراته، اجتماعات بمن حضر وبمحاضر كثير منها تعدها الأطر الإدارية.

إذا كان الواقع الماثل أمامنا صادمًا، وبالتالي الانقلاب عليه معجزة من رابع المستحيلات حدوثها في زمن لم تعد فيه للمعجزات موقع قدم في حياة البشرية، فإن هذا لا يمنع من القبض على خيوط الأمل قبل إسدال الستار على الولاية الجماعية الجارية. وفي هذا الإطار نقترح عودة مجلس الجماعة لمد جسور التواصل بين مكوناته، بعيدًا عن المؤثرات الخارجية، وعن الاستحقاقات الانتخابية القادمة، والمصادقة على وثيقة تنتصر لاحتواء كل الأصوات، ولن يتأتى ذلك إلا باقتناع كل طرف، حيثما كان موقعه، بدور الآخر في تجويد تدبير شأن جماعة ترابية جعلها جبلًا من الأوجاع تئن تنمويًا.

عامل الإقليم بدوره مطالب بتفعيل القانون لوضع حد للاختلال الذي عرفته هيكلة لجان مجلس الجماعة، وذلك بدعوة مجلس الجماعة لعقد دورة استثنائية لهذا الغرض يحضرها بنفسه، لعل الرسالة تصل لهؤلاء وأولئك.