الثلاثاء 19 مارس 2024
مجتمع

رفاق علي لطفي يدعون إلى تأسيس مجلس أعلى للصحة والحماية الاجتماعية

رفاق علي لطفي يدعون إلى تأسيس مجلس أعلى للصحة والحماية الاجتماعية علي لطفي

تزامنا مع اليوم العالمي للصحة أصدرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة تقريرا تتوفر جريدة "أنفاس بريس" على نسخة منه، دعت فيه صناع القرار السياسي الحكومي جعل حماية البيئة والرعاية الصحية، أولوية في كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد  تقرير الشبكة على أن نجاح مشروع تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض رهين بإصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية وتأسيس مجلس أعلى للصحة والحماية الاجتماعية، لوضع أسس ميثاق وطني والتقييم والمتابعة .

ورصد تقرير رفاق علي لطفي إشكالية صحية كبرى تتعلق بآثار التغييرات المناخية وتلوّث البيئة على صحة الانسان، ومصدر تزايد عدد من الأمراض والاوبئة والكوارث القاتلة كأمراض السرطانات والسكري وأمراض القلب ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد والربو والتهاب الكبد.

واستند التقرير على تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى أن عدد الوفيات سنويا يقدر بحوالي 13 ملايين شخص سنوياً بسبب تعرضهم لتلوث الهواء و لأسباب بيئية أخرى يمكن تجنبها. ويوجد أكثر من 90 في المائة من الناس يتنفسون هواء غير صحّي بسبب حرق الوقود الأحفوري بأنواعه. كما يشهد العالم تدهور البيئة والتلوث، ولاسيما انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى أضرار للنظام الإيكولوجي الذي تستند إليه صحة الإنسان وسبل عيشه. ومنها ندرة المياه وتدهور الأراضي الفلاحية واستمرار البعوض في نقل الأمراض المعدية .

وشدد تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة على أن المواد المُلوّثة والبلاستيكية والمواد الكيماوية تؤثر سلبا على السلسلة الغذائية بإنتاج أغدية ملوثة وأطعمة ومشروبات غير صحّية تتسبب في زيادة انتشار ظاهرة السمنة وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والشرايين والسكري والتهاب الكبد والفشل الكلوي...حيث أصبحت أزمة المناخ تشكل التهديد الصحّي الأكبر والوحيد الذي تواجهه البشرية.

في سياق متصل فإن الأخطار المحدقة بالبيئة والمناخ دفعت منظمة الصحة العالمية لتخليد يوم الصحّة العالميّ لعام 2022، تحت شعار (كوكبنا صحتنا) لاختيار موضوع حماية البيئة بمفهومه الواسع من الهواء النقي والماء والغذاء للجميع والاستثمار في اقتصاد يحمي البيئة ويوفر الصحّة والرفاه، والمدن صالحة للعيش، تضمن الأمن الصحي والسلامة الصحية للناس ولبيوتهم وبيئتهم، والنظافة والوصول إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، ومكافحة تلوت الهواء والمواد الكيميائية السامة.

فرغم المجهودات المبذولة عل مستوى قطاع الصحة في المغرب ـ يوضح التقرير ـ فإن ظاهرة انتشار وتفشي الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة الناتجة عن تلوت البيئة والهواء و تلوت البيئة والمياه وضعف شبكة المياه والنظام الغذائي باتت مقلقة جدا، (مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات والمؤسسات والمجتمع المدني والأفراد والأسر) على اعتبار أن تلوث الهواء يُسبب أكثر من خمسة آلاف حالة وفاة في المغرب، أي بمعدل 15 وفاة في اليوم، ويُكبّد الدولة ما يناهز 11 مليار درهم سنوياً وفق تقرير لمنظمة السلام الأخضر (غرينبيس) حول المغرب الذي يعتبر من بين الدول الأعلى من حيث عدد الوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 وأوضح التقرير بأن المغرب يعتمد على الفحم الحجري لإنتاج الكهرباء مما يضع صحة المواطنين في خطر، لكون الفحم الحجري من بين مصادر الطاقات الأحفورية الأكثر تلوثاً، تصدر عنه ملوثات سامة تتسبب في أمراض صحية مزمنة، حيث تشكّل أمراض القلب والشرايين أهم أسباب الوفيات بالمغرب، بنسبة 39,02 في المائة ، و نسبة 12,23 في المائة بالنسبة للوفياة بسبب السرطان وأنواعه كما يتسبب تلوت الهواء في 43 في المائة من الانسداد الرئوي المزمن فضلا عن 29 في المائة من حالات سرطان الرئة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كما يتسبب في حوالي 21% من الوفيات بالسكتة الدماغية و24% من وفيات مرضى قصور الشريان التاجي.

ووقف التقرير عند جهة الدار البيضاء سطات التي تمثل 50 في المائة من النشاط الصناعي بالمغرب، مما يعرض ساكنتها للإصابة بالأمراض التنفسية، نتيجة لتلوث الهواء، إذ تضم هذه المدينة نحو20% من المصابين بتلك الأمراض و 52،7% من المرضى بحساسية الأنف و 16% من المصابين بالربو و ضيق التنفس و سرطان الرئة و أمراض الأنف و الحساسية.

على مستوى تلوث المياه أشار تقرير الشبكة إلى أن 28 % من مصادر المياه بالمغرب مهددة بالتلوث وتشكل النفايات الصلبة والمبيدات والأسمدة الكيماوية والمواد الكيماوية التي تصب في الأدوية أكبر تهديدا مباشرا لمصادر المياه الجوفية المغربية ولصحة السكان.

واستعان رفاق علي لطفي بأرقام وإحصائيات المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية الذي أكد على أن أكثر من 90 في المائة من التسممات الغذائية المسجلة في المغرب بعد الأدوية تكون ناتجة عن تلوث الأطعمة بالميكروبات، وما يقرب من 10 في المائة تكون ناتجة عن مواد كيميائية.

وقد سبق للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن دقت ناقوس الخطر بخصوص عدد من العوامل المؤثرة في صحة المواطن المغربي، وتتمثل في المحددات الاجتماعية للصحية (تلوت البيئة والنظام الغذائي والماء الصالح للشرب) ووقفت على مواطن ضعف المؤشرات الاجتماعية والبيئية المؤدية لتفشي الأمراض في المجتمع بسبب عوامل الفقر والهشاشة والعطالة والأمية، وغياب العدالة الاجتماعية و توزيع غير منصف للدخل والثروة .

تقرير الشبكة يرى بأن أعدادا كبيرة جداً من الناس يعيشون في كنف الفقر والمرض وانعدام الاستقرار والسكن غير اللائق وسوء التغذية وفقدان الماء الصالح للشرب وضعف الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة ، حيث يظل تمويل القطاع الصحي بالمغرب متواضع جدا لا يرقى إلى الإنتظارات ومتطلبات المتغيرات والعوامل الديمغرافية والوبائية والاجتماعية حيث ظلت ميزانية تقشفية لا تتجاوز 6 في المائة من الميزانية العامة للدولة، ولا زالت ترتكز أساسا مساهمات الأسر والتي جزء كبيرا من النفقات الاجمالية للصحة بنسبة 54 في المائة مصدرها من جيوب المواطنين ، فضلا على ارتفاع أسعار الأدوية وغلاء الاستشفاء بالمصحات والمختبرات الخاصة، و انتشار ظاهرة الأدوية المغشوشة والمزورة وانتشار بيع مواد ومكملات غذائية منتهية الصلاحية وأطعمة ملوثة غير مراقبة وتفشي المخدرات التي تودي إلى أمراض نفسية وعقلية وتسبب في الانتحار.

ونوه تقرير رفاق علي لطفي بموقف وزير الصحة بخصوص ضرورة إصلاح المنظومة الصحية ، بعد وصول النظام الصحي الحالي إلى مداه و بعد تعاقب مجموعة من الإصلاحات التي لم تفض إلى إحداث تغييرات حقيقة، أهمها الخصاص المهول في الموارد البشرية والكفاءات المهنية بحكم أن حاجيات القطاع الصحي المغربي من المهنيين تصل إلى نحو 97566 مهنياً، من بينها 32522 طبيب وطبيبة و65044 ممرضا وممرضة ً

واعتبر التقرير أن تحقيق الأمن الصحي والسيادة الصحية بالمغرب لا يمكن أن تعتمد فقط على خدمات قطاع الصحة ومسؤولياته التي حددها القانون، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب اختيارات شاملة مندمجة وانتقائية تستهدف التأثير على المحددات الاجتماعية للصحة وأيضا حماية أممنا الايكولوجي، وجعل بيئتنا اكثر أمنا وسلامة عبر مقاومة منظمة لمسببات الأمراض والتهديد الذي تشكّله التغيّرات المناخية، وإهمال حماية البيئية، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وضعف تدبير المخاطر والاستجابة للتغيّرات الاقتصادية والتكنولوجية والديموغرافية والوبائية السريعة .

وخلص التقرير إلى أهمية تعزيز النُظم الغذائية الصحية والمغذية والمستدامة ومراقبة جودة وسلامة الأغذية المصنعة المستوردة والمنتجة محليا والمكملات الغذائية ومخاطر آثارها الجانبية، علاوة على تعبئة الموارد المالية من أجل الإنفاق على القطاع الصحي الوقائي والاستشفائي، وتوفير التمويل الكافي لبرامج الوقاية ودرء الاخطار وتدبيرها وتمويل المستشفيات العمومية وخلق وظائف كافية لمهنيي الصحة بما تستدعيه خطة تعميم التغطية الصحية واستخدام التكنولوجيا الطبية والبيو طبية الحديثة و الرقمنة مما سيؤدي إلى إنقاذ ملايين الأرواح، والحد من مخاطر المرض، وهي الرسالة الانسانية لقطاع الصحة

وخلص تقرير الشبكة إلى أن صناع القرار السياسي الحكومي ملزمون اليوم قبل أي وقت مضى جعل حماية البيئة كأولوية مندمجة وانتقائية ضمن كل البرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية ، و بناء نظام صحي عادل ومنصف وبيئة سليمة وتحسين المؤشرات و التأثير على المحددات الاجتماعية للصحة باعتبار أن نجاح مشروع تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض رهين بإصلاح شامل للمنظومة الصحية الوطنية. وتحقيق التغطية الصحية الشاملة يحصل من خلالها جميع أفراد المجتمع على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون التعرض لضائقة مالية جراء ذلك.

 الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة