الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

ادويهي: البوليساريو تنظيم مارق منغلق ومتملص من كل رقابة دولية لا يختلف عن باقي التنظيمات الإرهابية

ادويهي: البوليساريو تنظيم مارق منغلق ومتملص من كل رقابة دولية لا يختلف عن باقي التنظيمات الإرهابية عائشة ادويهي
البوليساريو تنظيم مارق منغلق ومتملص من كل رقابة دولية  لا يختلف عن باقي التنظيمات الإرهابية الموقف التاريخي الإسباني الأخير من ملف الصحراء المغربية وضع العلاقات المغربية الإسبانية في إطار جديد مبني على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة، ويطرح معه التساؤل حول مستقبل تنظيم البوليساريو.
 
العلاقة المغربية الإسبانية:
إسبانيا التي تسعى إلى علاقات أفضل مع المغرب، تتبنى موقفا غير مسبوق وتاريخي من ملف الصحراء المغربية: فمدريد تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية «الحل الأكثر واقعية ومصداقية وجدية» لحل مشكل «الخلاف» حول الصحراء. مما سيساعد على نسج علاقات ثنائية بين المملكتين، مبنية على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة وبالتالي تشبيك العلاقات وتخفيف التوترات. 

فقرار رئيس الحكومة سانشيز بالاعتراف بأولوية اقتراح الحكم الذاتي المغربي، والذي عبر عنه من خلال الرسالة الموجهة إلى الملك محمد السادس، هو قرار شجاع مبني على تصرف براغماتي يراعي مصالح إسبانيا الفضلى ولا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال أنه موجه ضد طرف على حساب طرف آخر. 

وهو أيضا ليس بالقرار الهين أو السهل بالنظر إلى حساسية إسبانيا لقضية الصحراء باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة للأقاليم الجنوبية للمملكة، وهي التي حاولت منذ خروجها من هذه الأخيرة، الحفاظ على حياد سلبي كان يفضحه ذلك الدعم الكبير لأطروحة جبهة البوليساريو والجزائر رغم ترويج الحكومات الإسبانية المتعاقبة لدعم فكرة «حل تفاوضي بين الأطراف».

فبعد أكثر من أربعة عقود، تميزت فيها العلاقات بين المملكتين الجارتين بالكثير من التجاذبات وطبعتها العديد من التوترات التي زادت حدتها في السنة الأخيرة على خلفية استقبال إسبانيا لزعيم الانفصاليين بـ «دواع إنسانية»، تقوم إسبانيا اليوم بأكبر مراجعة تقييمية لعلاقاتها مع المملكة المغربية مدفوعة بعديد من التحولات الجيوسياسية التي طبعت المرحلة التي ألقت بظلالها على مستوى الشراكة بين البلدين الجارين، وبالخصوص تداعياتها على الجارة الشمالية. فكان من الطبيعي أن يتحلى القرار هذه المرة بالكثير من الحكمة والبراغماتية.

فالجارة الإسبانية تلقت بكثير من الفطنة الرسائل في الخطب الملكية حول أهمية الوضوح في موضوع الشراكة مع المملكة المغربية، لتستوعب أخيرا الدور المحوري الذي يتبوؤه المغرب على المستوى الأمني في عملية حفظ الأمن والسلم الدوليين وبالخصوص على المستوى الإقليمي وأهميته في ضبط تدفقات الهجرة غير النظامية وفقا لخطة وطنية مدروسة وليس بلعبه لدور الدركي لها، وأن مصالحه الاقتصادية مرتبطة بتعدد شركائه وليست رهينة بها كشريك تقليدي.

فبعد الاعتراف الأمريكي التاريخي والصريح بمغربية الصحراء، والإشادة الألمانية بمبادرة الحكم الذاتي، اليوم إسبانيا تلتحق بركب الشرعية الدولية في انسجام تام مع القانون الدولي وتعتبر أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل «الخلاف» حول الصحراء المغربية، والذي من  الأكيد  يوافق خيار القرار الدولي الذي أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأيدته عدة دول.

يمكن القول إن قرار رئيس الحكومة «بيدرو سانشيز» الذي حظي بالتأييد والإشادة، خلف الكثير من النقاش واللغط داخليا، وشكل العديد من التشنجات والمواجهات أيضا، لكنه لن يكون إلا مفيدا بحيث سيساهم في توليد الكثير من الوعي حول المستوى الصحي الجديد للعلاقات بين المملكتين، وبما لا يضر أيضا ملف النزاع حول الصحراء المغربية الذي ظل طيلة هذه العقود خاضعا لعناد نظام العسكر الجزائري.
 
مصير تنظيم البوليساريو بعد الموقف الاسباني الأخير:
عرف ملف النزاع حول الصحراء المغربية خلال السنتين الماضيتين عديدا من  التطورات المتسارعة محدثة خفوتا كبيرا للبريق التفاوضي لجبهة البوليساريو وحلفائها بدءا من تواجدهم بالإتحاد الإفريقي وفقدانهم للكثير من الحلفاء، ناهيك عن المشاكل السياسية الداخلية التي يعيش على وقعها منذ سنوات بالإضافة الى تضييق الخناق عليه عبر حاضنته الجزائر من خلال قرارات الأمم المتحدة وتقارير آلياتها المعنية بحقوق الإنسان وكذلك تلك الصادرة عن الإتحاد الأوروبي التي رصدت انتهاكات حقوق الإنسان على مستوى المخيمات التي تطال الإنسان الصحراوي وساءلتها عن نقلها لكل اختصاصاتها، عكس ما تنص عليه قواعد القانون الدولي، لتنظيم البوليساريو الذي أصبح يتمتع بحصانتها كبلد مضيف ليبتز المنتظم الدولي عبر عملية عرقلة حركة المعبر الحدودي الكركارات وفق خطة سيئة الإخراج ومفضوحة الغايات تخطت حدود الممكن كما سماها أعتى مناصريها، وليخرج بعد فشل خطته بقرار أكثر جزافية والمتمثل في إعلانه للحرب وتنصله من اتفاقية وقف إطلاق النار لسنة 1991 حاسما بذلك على عزلته السياسية بشكل نهائي مكشوفا أمام العالم كتنظيم مارق منغلق ومتملص من كل رقابة دولية.

اليوم مخيمات تندوف تعيش على وقع انفلات أمني خطير وغير مسبوق في مواجهة حقيقية بين قادة البوليساريو وما يسمى بعناصرها الأمنية مع الساكنة بسبب تمادي تنظيم البوليساريو في ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان وانتشار مظاهر الفساد وعدم تكافؤ الفرص وحضور فتنة التمايز القبلي وتعمق الصراع بين قياديي البوليساريو، ليذهب البعض في توصيفهم بالعبء الذي يرزح على المسار النضالي للجبهة؛ وهو الأمر الذي يدعونا أن نتساءل بحدة ما هو الفرق بين تنظيم البوليساريو وباقي التنظيمات الإرهابية في واقعة انتهاكها لحقوق الإنسان الصحراوي بمخيمات تندوف وإرتكابها لجرائم حرب وعودتها لحمل السلاح في تهديد حقيقي للأمن والسلم الدوليين.

وضع لا يمكن وصفه إلا بالتآكل الداخلي للبوليساريو، والذي شكل توصيف القرار الرئاسي الأمريكي، المعترف بمغربية الصحراء، لفكرته الداعية إلى قيام كيان مستقل بالخيار غير الواقعي وشكل إقبارا حقيقيا لها؛ وهو الأمر الذي أصبح يتنامى أيضا لدى العديد من الدول الأخرى في سياق وعي المنتظم الدولي بإقليمية النزاع والتداعيات التي يمكن أن يخلفها أي انقسام جديد على إستقرار المنطقة وبالتالي على الأمن والسلم الدوليين، ليشكل الموقف الإسباني المسمار الأخير الذي يدق في نعش هذا التنظيم.
 
عائشة ادويهي/ رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان