تتميز الساحة السياسية هذه الأيام بمحاكمة مجموعة من المناضلين من فيدرالية اليسار الديمقراطي، فمنهم تلقى استدعاء من الأمن أو من النيابة العامة على خلفية شكاية كيدية و منهم من تجري محاكمته و منهم ينتظر ، منهم الأخ المهدي سابق بمدينة لفقيه بنصالح و الأخ موسى مريد من ازمامرة و سيمثل أمام المحكمة الابتدائية بمراكش الأخ محمد الغلوسي 19 شتنبر 2025 . لماذا هذا التصعيد الحكومي في هذا الظرف ؟ إن هذا التصعيد الحكومي ضد مناضلي و مناضلات اليسار و في مقدمتهم مناضلي و مناضلات فيدرالية اليسار الديمقراطي لم يأتي اعتباطا، إنما هو توجه سياسة نظامية من أجل إسكات أصوات المعارضة الحقيقية، الأصوات المناهضة للفساد ونهب المال العام والرشوة و الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح ، هي الأصوات التي ظلت تكشف يوميا عن مظاهر الفساد الحكومي و تورط مسؤولين من منتخبين ومسؤولين في مؤسسات الدولة في قضايا الفساد و الرشوة بل حتى الخيانة. فهذه المحاكمات و المتابعات لها عدة أبعاد ، أبعاد سياسية واجتماعية وحقوقية .
أولا : أبعاد سياسية، لأن نهاية ولاية هذه الحكومة باتت وشيكة ( elle touche à sa fin) و أن حصيلتها تجعلها في زاوية ضيقة كي تدافع عن نفسها أمام جماهير اكتوت بسياستها اللاشعبية بفعل لهيب الأسعار التي ضاعفت من معاناة المواطنين و المواطنات و زادت من مظاهر الفقر و الفوارق الاجتماعية و المجالية و تخلت عن التعليم العمومي لفائدة التعليم الخصوصي و تخلت عن القطاع الصحي لفائدة المصحات الخصوصية و تحولت الى حكومة ترعى الفساد و لوبيات الفساد و المفسدين .و تجد أمامها اليسار بالمرصاد
ثانيا: أبعاد اجتماعية : إنها تتحايل على الدستور من خلال مشاريع قوانين تخدم مصالحها الخاصة واعتماد أسلوب التضليل الإعلامي للتغطية على الجرائم الاجتماعية التي ارتكبتها في حق الشعب المغربي و منها أكذوبة البرنامج التنموي و المغرب الأخضر و المغرب الأزرق و القضاء على الفقر و أكذوبة الدولة الاجتماعية، فإذا بها هي في واقع الحال دولة الإقطاع و الاوليغارشية، لا تراعي الحقوق الاجتماعية للشعب و لا الحقوق السياسية و لا الحقوق الاقتصادية و تضرب في العمق كل المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بكفاحه عبر التاريخ من أجل الحرية و الكرامة .
ثالثا : البعد الحقوقي : إن اقتراب موعد الانتخابات التشريعية جعل الحكومة تفقد الصواب و التوازن السياسي و تصبح أمام موجة الاحتجاجات الجماهيرية في كل أنحاء البلاد ، ودعم التيار لهذه الاحتجاجات ، احتجاجات عنوانها "العطش" و المطالبة بالماء للشرب ناهيك عن ماء الري، إنها مطالب الحق في الحياة ثم تلتها احتجاجات مطالبة بالحق في الصحة من خلال إعادة تشغيل المستشفيات بعد أن أصابها الإهمال و النسيان و غادرها الأطباء و تحولت إلى مستودعات للأموات و تصدير المرضى الى المصحات الخصوصية . و هي احتجاجات عمت ربوع البلاد منطلقة من أكادير لتمتد إلى مدن أخرى. ليس للحكومة أي خيار بالنسبة اليها إلا خيار القمع و المتابعات و المحاكمات و التضييق على مناضلي و مناضلات اليسار وإصدار قوانين مجحفة ضدا على الدستور من أجل التحكم و الاستبداد أكثر، مثل قانون المسطرة الجنائية (المادتين 3 و 7) ،التي تستهدف إسكات الأصوات المناهضة للفساد و الرشوة و تضارب المصالح و الإثراء غير المشروع والإفلات من العقاب . إنها الآن أمام الخيار الوحيد للدخول إلى الانتخابات بسلام ، ألا هو التضييق على اليسار وإسكات صوته و كل الأصوات المناهضة لسياساتها اللاشعبية و اللاديمقراطية من مدونين و صحفيين شرفاء .