الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

شكاك: جل الدول المؤثرة في النزاع المفتعل مقتنعة بجدوى المبادرة المغربية الجادة في الحكم الذاتي

شكاك: جل الدول المؤثرة في النزاع المفتعل مقتنعة بجدوى المبادرة المغربية الجادة في الحكم الذاتي الدكتور سعيد شكاك
لقد إستجابت إسبانيا أخيرا للشروط التي حددها المغرب في علاقاته الدولية،  والتي من أهمها الوضوح  وشفافية الموقف، وهكذا وفي خطوة غير مسبوقة أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، أن إسبانيا ”تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية، وحول مغزى الموقف الإسباني الجديد  ودلالاته أجرت "أنفاس بريس" مع الدكتور سعيد شكاك  استاذ القانون الدولي باحث بجامعة شعيب الدكالي كلية  الحقوق بالجديدة الحوار التالي:
 
منذ العملية الأمنية التي طهرت بها القوات المسلحة الملكية معبر الكركرات والمغرب يحصد الانتصار تلو الآخر، بدءا بالإعتراف الأمريكي، ثم ألمانيا فإسبانيا وقرار مجلس الأمن وتقرير غوتيريس…إلخ، علاوة على فتح عدة دول قنصلياتها بالعيون والداخلة،  فما هو في نظرك سر نجاح الدبلوماسية المغربية؟

قوة نجاح الدبلوماسية المغربية تتجلى في حنكة وحزم الملك محمد السادس في اتخاذ القرارات السيادية بروية وتأن وبقوة استشرافية، الأمر الذي جعل الاتحاد الأوربي يرحب بالتطور الإيجابي للعلاقات بين المغرب وإسبانيا التي ستعود بالفائدة على تنفيذ الشراكة الأوروبية المغربية ككل، بعد الاعتراف الصريح لإسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي، شراكة  ستخدم استقرار وازدهار المنطقة المغاربية كلها. الشيء الذي عجل بعودة السفيرة المغربية لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، إلى منصبها في مدريد يوم الأحد 20 مارس 2022، وعودتها في حد ذاتها إلى إسبانيا علامة واضحة على انتهاء الخلاف القائم بين المغرب وإسبانيا. كما أن عودة السفيرة المغربية جاءت بعد مرور حوالي سنة كاملة على قرار المغرب سحب السفيرة من مدريد وسط أكبر أزمة في تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية. وعودة السفيرة المغربية إلى مدريد  يجسد الإنفراج في العلاقات بين الجارين المتوسطيين بعد نشر الديوان الملكي المغربي لرسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. التي أكدت أن  الحكومة الإسبانية تتعهد بضمان سيادة المغرب ووحدته الترابية في إطار المرحلة الجديدة التي تم تدشينها بين المغرب وإسبانيا. 
 
كيف تفسر موقف فرنسا المتأخر بخصوص المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، وهي الدولة التي رسمت تاريخيا كقوة استعمارية خريطة المنطقة وتعرف أدق التفاصيل عن كل المشاكل بدول شمال إفريقيا؟

بعد أزمة دبلوماسية مع أقوى دول الاتحاد الأوروربي ألمانيا وإسبانيا، استطاعت المملكة المغربية انتزاع دعم صريح وواضح من الدولتين للمبادرة الجادة للحكم الذاتي تحت سيادة المغرب، وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه فرنسا بشكل واضح. موقف وإن جاء متأخرا فهو على كل حال أفضل من عدم مجيئه بالمرة من فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن، بدعم فرنسا للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي بحكم أنها كانت دولة استعمارية ورسمت خريطة المنطقة وتعرف أدق التفاصيل عنها. ففرنسا على يقين تام بأن هذا النزاع مفتعل من قبل مجموعة من الدول من بينها الجزائر من أجل عرقلة تقدم المغرب في مساره التنموي وبناء مستقبله وتوفير الإستقرار والعيش الكريم حاضرا ومستقبلا لجميع أجياله. وبما أن الدبلوماسية المغربية تتسم بالفعالية والحزم، فإن توظيفها سيكون فعالا ومفيدا من أجل دفع الدول الأوروبية الأخرى التي مازالت صامتة إلى الانخراط الجاد بدورها والإعلان الصريح لدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وعقلاني.  فالمغرب يعد دولة صاعدة في منطقة دول شمال إفريقيا، تقدم ضمانات واقعية في استقرار المنطقة المغاربية برمتها واستتباب الأمن، ومواجهة التحديات الأمنية المتمثلة في التهديدات الإرهابية، خاصة بمنطقة الساحل جنوب الصحراء. علاوة على الإعتراف الدولي بريادة المغرب الإقليمية والدبلوماسية لفض بعض النزاعات الإقليمية بكل حياد وموضوعية ومصداقية. 
لذلك فجل الدول المؤثرة في هذا الصراع المفتعل، مقتنعة بجدوى المبادرة المغربية الجادة للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية والوحدة الوطنية للمملكة.
 
ماهي  توقعاتك إذن  حول  آفاق  التحولات الجيو استراتيجية  التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا  وخاصة الصحراء المغربية؟

التحولات الجيوستراتيجية المتسارعة التي تعرفها منطقة شمال إفريقيا، وخاصة الصحراء المغربية، تزامنا مع ظهور أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وضعت المنتظم الدولي أمام تحديات جسيمة يتعين من خلالها أن تنطلق الدول بحسابات جديدة مبنية على روح الكفاءة والحذر ومعادلة رابح- رابح. بالإضافة إلى تشبث المملكة المغربية بخيار السلام الذي يعد فرصة تسمح لجميع دول المنطقة بالتفكير الجدي فيما يخص قضايا العصر وتحدياته الكبرى، وهذا جوهر وروح خيار المملكة المغربية الذي سرعان ما يلاقي معارضات فنية وسياسية من قبل القوى الأجنبية التي تعمل من جانبها على ضمان التوثر بالمنطقة لضمان مصالحها. ومن تم فالمغرب حريص كل الحرص على دعم استقرار المنطقة، حيث لا يتصرف بما يثير حساسية الدول المجاورة حتى في حال ما يكون التدخل مسموحا به إلا إذا زاد الشيء عن حده مثل تدخل القوات المسلحة الملكية في الزمان والمكان المناسبين لتحرير معبر الكركرات من مرتزقة البوليساريو بعد عرقلتهم لتحرك وتنقل السلع والبضائع نحو العمق  الإفريقي.
 
الدكتور سعيد شكاك/ أستاذ القانون الدولي بجامعة شعيب الدكالي