السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

يونس التايب: الموقف الإسباني الجديد و ديبلوماسية العبث الجزائري

يونس التايب: الموقف الإسباني الجديد و ديبلوماسية العبث الجزائري يونس التايب
إلى متى سيستمر الحقد الأعمى ضد المغرب متحكما في العقل الباطن للنظام الحاكم في الجزائر بشأن قضية الصحراء المغربية؟ و إلى متى ستظل الجزائر تجدد محاولاتها لكسر أي ديناميكية ديبلوماسية إيجابية، تبرز هنا أو هناك، يمكنها أن تحمل جديدا يسير بالنزاع المفتعل بشأن قضية الصحراء المغربية، و لو نسبي، نحو حل واقعي يطوي صفحة "وهم دولة" لم توجد يوما سوى في مخيلة أفراد عصابة مسلحة تمارس الاسترزاق بوضعية المحتجزين قسرا في مخيمات العار في تندوف، و لا تريد لذلك الاسترزاق أن يتوقف؟
 
لعل أحد الأسئلة التي لا مفر من طرحها، و لو أن النظام الحاكم في الجزائر لن يقدم يوما جوابا صادقا عنه، هو ما إذا كانت الجزائر تعتبر نفسها، فعلا، معنية بملف الصحراء المغربية؟ أم أنها تعتبر نفسها غير معنية بالموضوع ؟
 
الجواب مهم، لأنه يحدد مسار الأمور في أحد اتجاهين : إما أن النظام الحاكم في الجزائر يعتبر نفسه معنيا بملف النزاع المفتعل، و نحن متأكدون من أنه رأس الكيد ضد المغرب في موضوع وحدته الترابية، و أن الراعي الرسمي لعصابة الانفصال، و على هذا الأساس على ذلك النظام أن يتحمل مسؤوليته كاملة ويقبل الجلوس إلى طاولة البحث و الحوار المباشر، في إطار الجهود الديبلوماسية التي ترعاها الأمم المتحدة، على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب منذ 2007 ! أو أن جيراننا يصرون على إيهام العالم أنهم غير معنيين، وعليهم بالتالي أنهم "يدخلوا سوق راسهم"، و يكفوا عن التحريض الديبلوماسي، وعرقلة كل تقدم لطي نزاع مفتعل استمر أكثر من اللازم. 
 
أقول هذا الكلام، عقب البيان الذي صدر عن الخارجية الجزائرية، تفاعلا مع مضمون رسالة رئيس الحكومة الإسبانية الموجهة إلى جلالة الملك، و الذي حمل تحولا مهما تمثل في اعتبار حكومة مدريد بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب سنة 2007، هي الأساس الأكثر جدية و واقعية و مصداقية من أجل تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية. و يبدو أن رسالة بيدرو سانشيز، أحدثت زلزالا بقوة كبيرة خلخلت حسابات النظام الحاكم في الجزائر، إلى درجة دفعت الخارجية الجزائرية إلى التورط في بيان عجيب، يوثق تطاولا على السيادة الإسبانية وحشرا لأنف النظام الجزائري في ما لا يعنيه مبدئيا. 
 
من المشروع أن نتطلع إلى يوم يظهر فيه رجل رشيد تنصلح على يديه البوصلة في بلد المليون شهيد، ويعود قصر المرادية، ووزارة الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات والتوجيه الإعلامي، إلى التركيز على حل مشاكل الشعب الجزائري عوض إضاعة الوقت في خلق المشاكل والتحريض ضد المغرب، وتكرار المهازل الديبلوماسية، كما حدث أمس، عبر استدعاء سفير الجزائر المعتمد لدى مدريد، احتجاجا على الموقف السيادي الجديد الذي اتخذته الحكومة الإسبانية.
 
لكن، رغم عبثية المشهد الذي ينسجه العقل السياسي لدى الجيران، يجب علينا أن نظل متشبثين بحكمة العقل ورافعين لشعار تعزيز الأخوة بين الأشقاء، مع إبقاء سياسة اليد الممدودة بالخير والتعاون، والحرص على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، و تجديد النصح لجيراننا أن تعالوا إلى كلمة سواء بيننا، لنتعاون على جلب الخير لشعوبنا وحماية بلداننا من أخطار جارفة تحيط بنا جميعا من كل جانب، في فضاء عالمي صار معقدا جدا وحاملا لتحديات غير مسبوقة. علينا أن نلتزم بتلك المواقف السامية، من منطلق القيم التي يحملها المغرب والتي تجعله كبيرا على العابثين. وكذلك لأننا مؤتمنون على مصالح وطننا، ونجدد كل الدعم للديبلوماسية الوطنية.