الخميس 28 مارس 2024
سياسة

بوشطارت: بعد منع مؤتمر إيمازيغن.. تعرضنا لأكبر عملية افتراس سياسي من قبل حزب أخنوش

بوشطارت: بعد منع مؤتمر إيمازيغن.. تعرضنا لأكبر عملية افتراس سياسي من قبل حزب أخنوش عبد الله بوشطارت

يكشف عبد الله بوشطارت، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للحركة الأمازيغية المزمع عقده الجمعة ذ25 مارس2022 في سيدي إفني، والذي منعته السلطات، عن خلفيات المنع، خاصة وأن المغرب تبنى في دستوره منذ 2011 اللغة الأمازيغية.

وأوضح بوشطارت، الناشط الأمازيغي والإعلامي، في حوار مع موقع "أنفاس بريس"، أن الحركة الأمازيغية تعرضت لمحاولات ابتلاع خلقت اهتزازا داخل أوساط الحركة الأمازيغية وأدخلتها في نقاشات كثيرة، بعدما سخر لها حزب الحمامة وسائل لوجيستيكية ومالية وإعلامية جد ضخمة، قبيل الانتخابات، غير أنها لم تحقق نتائج ملموسة كما كان يطمح مهندسيها.

وفيما يلي نص الحوار:

 

ما خلفيات المنع الذي ذكره بيان لكم طال المؤتمر الوطني للحركة الأمازيغية في سيدي إفني نهاية مارس 2022؟

خلفيات المنع كثيرة ومتعددة. ومادام أن السلطات المحلية لم تستصدر منعا مكتوبا توضح فيه أسباب رفضها تسلم الإخبار عن عقد المؤتمر كما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل، لأن المؤتمر ستنظمه جمعية قانونية ومعروفة محليا ووطنيا لمدة 20 سنة وهي تنظم أنشطة ثقافية ومدنية بشكل منتظم. وبالتالي فالسلطة المحلية أبلغت بمنع المؤتمر بشكل شفوي، ثم بعدم تسلم الاخبار الذي سيمكن اللجنة من استكمال عملية الاعداد والتحضير للمؤتمر تقنيا وتنظيميا.

وأمام هذه الحالة المتسمة بخرق القانون واللاوضوح، فإن التأويل ممكن وفي جميع المستويات لفهم الخلفيات التي تقف من وراء هذا المنع. أولها السياق السياسي الذي تعيشه البلاد في علاقته بالقضية الأمازيغية بشكل عام، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة حيث تعرضت فيه الحركة الأمازيغية لأكبر عملية افتراس سياسي من طرف أحد الأحزاب الأغلبية الحكومية. وقد تسبب ذلك الافتراس ومحاولات الابتلاع في خلق اهتزاز داخل أوساط الحركة الأمازيغية التي دخلت في نقاشات كثيرة منذ سنوات حول سؤال البديل، أو ما العمل؟ لاسيما بعد نضج فكرة المشروع السياسي الأمازيغي بمرجعية أمازيغية.

يجب التنبيه أن حملة الافتراس السياسي الحزبي التي تعرضت لها الحركة الأمازيغية وسخرت لها وسائل لوجيستيكية ومالية وإعلامية جد ضخمة، قبيل الانتخابات، لم تحقق نتائج ملموسة كما كان يطمح مهندسيها، لأن أغلب الفعاليات الأمازيغية والمناضلين والكوادر توجسوا من ذلك الإنزال الكثيف المستهدف لاستقلالية الحركة ولمسارها الطبيعي نحو إفراز بناء بديل سياسي كامل البنيان في مستوى وحجم القضية الأمازيغية التي أصبحت لها أبعاد كثيرة وامتدت لتشمل جوهر القضايا الأساسية للمجتمع المغربي كالهوية والثروة والأرض والقيم والموارد وحقوق الجهات وغيرها. وبالتالي فلابد من إعادة فتح النقاش داخل أوساط الحركة الامازيغية التي لاتزال تؤمن بقدراتها الذاتية لمواصلة النضال والترافع.

وجاءت هذه المبادرة لتنظيم مؤتمر للحركة الأمازيغية لتوسيع النقاش حول الواقع والأعطاب التي تعيشها الحركة في ظل السياقات الحالية، وخلق فرصة لجمع ولقاء الفعاليات والمناضلين والجمعيات ذات الاهتمام المشترك للتداول وتبادل الأفكار حول المستقبل والآليات الكفيلة لتحقيق المطالب ومواكبة مسلسل إدماج الأمازيغية في المؤسسات بعد دسترة الأمازيغية في دستور 2011.

 

لماذا وقع الاختيار على مدينة سيدي إفني لتنظيم المؤتمر الأول للحركة الأمازيغية في المغرب؟

لاعتبارات تنظيمية بالضرورة، ثم لرمزية مدينة إفني في تاريخ المغرب باعتبارها عاصمة لأيت باعمران. والجميع يعرف الدور التاريخي لهذه المنطقة، سواء في مرحلة الحماية الإسبانية أو في السنوات الأخيرة، حيث كان لها دور كبير في الدفاع عن حقوق المناطق الهامشية من التنمية والعدالة المجالية وأيضا من الحق في الكرامة.

ولا ننسى أيضا دور آيت باعمران في الحركة الأمازيغية التي ساهمت مع مناطق أخرى في المغرب، في إنتاج نخب أمازيغية ساهمت في بناء الحركة الأمازيغية ولعبت أدوارا مهمة وطلائعية في سبيل الحقوق والمطالب الأمازيغية. ونذكر على سبيل المثال الزعيم المرحوم داحماد الدغرني، وكذلك الحسين جهادي مترجم القرآن إلى الأمازيغية، دون أن ننسى أن مدينة إفني حاضرة وإقليما، تتواجد بها العديد من الجمعيات الثقافية الأمازيغية.

كما أن انتماء سيدي افني إلى الجهات الجنوبية الثلاث له رمزية أيضا، لاسيما أن المؤتمر الوطني للحركة الأمازيغية كان سيناقش دور الأمازيغية في الدفاع عن قضية الصحراء من خلال دراسة مسالك ذلك عبر إبراز أمازيغية الصحراء محليا وإقليميا سواء في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، أو في منطقة الجزر الكنارية التي تعتبر امتداد جغرافي وثقافي لمنطقة ايت باعمران وتوجد بها جمعيات وفعاليات تهتم باللغة الأصلية الأمازيغية لجزر الكناري وهويتها وثقافتها. ولابد للحركة الأمازيغية في المغرب أن تشتغل في إطار الديبلوماسية الثقافية مع محيطها الجغرافي واستثمار هذا المشترك الحضاري والثقافي لمحاربة العديد من المغالطات التي تروج لها بعض الأوساط في الصحراء، لأن الدولة المغربية للأسف لا تهتم بالروابط الثقافية والحضارية الأمازيغية في الجنوب المغربي في علاقة مع شعوب الصحراء الكبرى والساحل ومع الجزر الكناري القريبة جغرافيا وثقافيا مع منطقة أيت باعمران.

 

في مقابل ذلك، ما زلتم متشبتين بالمؤتمر. لماذا هذا الإصرار على التحدي رغم الإشارات التي تلقيتموها، والأخرى المضمرة من قبل خصومكم السياسيين الذين يقولون إنهم يدافعون من أجل الأمازيغية؟

صحيح نحن نتشبث بفكرة المؤتمر الوطني للحركة الأمازيغية بالمغرب، فليس هناك أي مبرر قانوني ولا سياسي لمنع الأمازيغ من عقد اجتماعاتهم ومؤتمراتهم السنوية في إطار القوانين الجاري بها العمل من أجل مناقشة أمور عادية جدا ليس فيها أي مشكل سياسي أو قانوني. فالأمازيغية اليوم أضحت لغة رسمية في الدستور، وتناقش على أعلى المستويات في المؤسسات الدستورية في البرلمان والحكومة وغيرها. كما أن جمعيات وتنظيمات موالية لأحزاب سياسية تنظم اجتماعات ومؤتمرات تقول إنها تناقش الأمازيغية وتسمح لها الدولة بعقد ندوات وطنية كبيرة يحضر فيها الوزراء ومسؤولين في الدولة. إذن أين يكمن المشكل في عدم ترك الأمازيغ المستقلين عن الأحزاب واللوبيات المالية الكبرى من عقد الاجتماعات والمؤتمرات لمناقشة مستقبل الأمازيغية بالمغرب؟ إلا في حالة أن السلطة تريد أن يحتكر حزب واحد ووحيد في المغرب قضية الأمازيغية والنقاش حولها، وهذه ستكون سابقة خطيرة في المغرب أن يستحوذ حزب سياسي على الأمازيغية ويحتكر الكلام بشأنها ويستقطب لوحد المناضلين والمناضلات الذين تكونوا في الحركة وتمرسوا داخلها، لاسيما أن هذا الحزب ليس له أي رصيد تاريخي في الدفاع عن الأمازيغية تاريخيا، وحتى الآن وهو في الحكومة يقوم باستغلالها فقط انتخابيا وسياسيا ولا يدرجها ضمن أولويته. وكذلك المنظمين للمؤتمر الوطني للحركة الامازيغية الذين من المفترض أن يحضروا أشغاله ويساهموا فيه نقاشاته وأوراقه جميعهم يشتغلون داخل المؤسسات، ومن حقهم أن يعبروا عن آراءهم وتصوراتهم في رسم مستقبل الترافع والدفاع عن الأمازيغية وأن يساهموا في بناء مستقبل وطنهم.

إذن فالفكرة قائمة وسيتم مواصلة الدينامية أفقيا وعموديا لإخراجها إلى الوجود.