Saturday 12 July 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: للمرة الألف يا "غير السعيد شنقريحة": أين المفر؟!!

محمد عزيز الوكيلي: للمرة الألف يا "غير السعيد شنقريحة": أين المفر؟!! محمد عزيز الوكيلي
حاولتٌ في مقالي السابق، وأنتم الشهداء (بمعنى الشهود وليس بمعنى الذين قتلوا في سبيل الله !!!) أن أكون متأدِّباً مع جارتنا الشرقية ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً، بل ذهب بي الأمر إلى اقتناء تعابير أدبية تفوح منها رائحة المخمل، إن كانت للمخمل رائحة، والاكتفاء بالتحسّر على زمان جميل مضى كنا فيه وذلك الجار بمثابة الأهل وذوي القربى والجيران المباشرين، والجيران الجُنُب، والصِّحاب بالجَنْب، بالوصف القرآني لهذه القرابات والحُرمات... 
 
لولا أنني أعود هذه المرة أيضاً، ويعلم الله كم ترتيبها في لائحة المرّات المماثلة، لأطرح السؤال ذاته على حكام ذلك الجار، وعلى رأسهم الموصوف، إسماً على مُسَمّى، رئيس الدولة الفعلي، "غير السعيد شنقريحة": وماذا بعد؟.. وإلى أي مدى؟.. وهل سيصل فمك إلى أذنك لتعضّها كما يقول التحدي المغربي الساخر؟!!
 
تفتّق ذهن هذا الرجل غريب الأطوار عن فكرة جهنمية يرتاح بها من ضرس صار يوغِل في إيلامه اسمه البوليساريو، وجمهورية البوليساريو الفضائية، ورئيسها مغربي النسب، الذي ذهب إليهم من رحامنة المغرب، فتفنن في تنشيف منابع ماليتهم العامة بِشَلْهَبَة المغاربة ودهائهم المعتاد، وكأنه مارس عليهم نوعاً عتيداً وجبّاراً من  "السماوي" جعلتهم يضعون بين يديه شيكات موقعة على بياض، ويُعطونه فوق ذلك بعضا غير هيّن من خردة أسلحتهم وذخائرهم، ويفتحون له سفارات وقنصليات ومكاتب للإعلام والاتصال والدعاية خارج حدودهم، ولكن داخل حَصانات سفاراتهم، ويجعلون موظفي تلك السفارات تحت تصرفه الكامل، حتى أنهم لا يذكرون اسم وطنهم إلا مقرونا بذلك الشلاهبي المغربي المسمى إبراهيم غالي، وجوقة الأربعين حرامي العاملة تحت إمرته داخل التراب الجزائري وخارجه!!
 
كنت أقول، إن "غير السعيد" هذا، حاول ان يجد مهربا من هذا الوضع بدفع البوليساريو وجمهوريته المزعومة باتجاه التراب الموريتاني، ظنّاً منه أن موريتانيا بلغت من الضعف والهوان ما يجعلها تقبل مشروعه صاغرة وبلا أدنى مقاومة، وبذلك يتسنى له أن يطرح أرضاً عصفورَيْن بذات الحجر: تكريس وجود جمهورية "الريح والعجاج" كأمر واقع من جهة؛ وتطويق المغرب من جهتَي الشرق والجنوب من جهة ثانية... ولكنه فشل كعادته، لأنه كعادته أيضاً، لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، حيث فاجأته موريتانيا بما ألّب عليه مواجعه، فرفضت مشروعه، وزادت على ذلك بأن عسكرَتْ حدودَها معه وبثت فيها من المتفجرات وأبراج المراقبة ومستودعات الدرونات ما يمنع أي تحركات للبوليساريو انطلاقا من التراب الموريتاني، كما كانت ميليشياته تفعل في السابق، واتضح لغير السعيد شنقريحة أن موريتانيا استقوت، في ردة فعلها المفاجئة هذه، وفي آن واحد، بالمغرب، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وبالولايات المتحدة الأمريكية، وها هي، اليوم بالذات، على إثر زيارة رئيسها ولد الغزواني لبلد "العم ترامب"، توشك أن تزيد إسرائيل ومخابراتها ودعمها العسكري إلى صفها، كما فعل المغرب منذ إبرامه اتفاق أبراهام الثلاثي، لتتحول موريتانيا بدورها، كما لم تكن مطلقاً من قبل، إلى عقبة كأداء لن يستطيع النظام الجزائري اجتيازها مهما فعل!!
 
التفتَ "غيرُ السعيد" من جديد إلى "بو بريص"، عفواً، إلى رئيس الولاية "الجزائرية/التونسية"، قيس "غير السعيد" هو الآخر، ويا لَصُدفَة التّشابه بين الإسمين (!!!) مقترحا عليه احتضان ميليشيات الجزائر الجنوبية إلى أجل غير مسمى، وتمكينها من موطئ قدم في فيافي الجنوب التونسي، أو بالأحرى، فيما تبقى من صحراء تونس المسروقة أساسا من لدن نظام يفتخر، بكل خِزيٍ، بتمسكه بالحدود الموروثة عن الاستعمار، فكاد "غير السعيد" التونسي يبدي موافقته لولا صدور رسالات واضحة وصريحة من لدن الشارع التونسي، يُبدي شعب تونس المستلقي مؤقتا على خده الأيمن من خلالها رفضه لأي دخيل على ترابه، ويؤكد أن ذلك المشروع الفاشل دونه حراك قد ينفجر فيحرق الأخضر واليابس، كما فعل مع نظام بن علي ذات ربيع عربي آفِل!!
 
وبذلك، عدل الرئيس الفعلي للجزائر عن مشروعه الصحراوي التونسي، وعاد يفكر في طريقة جديدة تخدم ذات التوجه، فلم يجد غير غزة التي تاجر بشعارات نصره لها ظالمة ومظلومة، ولكن غزة الآن، مرتع جيوش إسرائيل المفضل في هذه الآونة، وبذلك لم يبق أمامه سوى مخرجٍ واحدٍ لا ثاني له، ولا محيد عنه، وهو بكل تأكيد أخطر المخارج إطلاقاً، ألا وهو خيار شن حرب مفتوحة على المغرب لن تلبث، حسب اعتقاده الخاطئ، أن تعمل القوى العظمى على وقفها بشكل أو بآخر، فيربح نظام الجزائر بذلك أمداً جديداً وعُمراً إضافياً يستمر فيه على رأس السلطة هناك، "ومريضنا ما عندو باس"!!
 
غير أن هذا الخيار بدوره صار في عِداد المستحيلات، لأن البيت الأبيض الأمريكي ورئيسه المتجددة عُهدتُه حذّره بكل الوسائل، وبكل اللغات، من ان يركب رأسه ويُقدِم على تلك الخطوة الهوجاء، التي ستُعتبَر بمثابة إعلان للحرب على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتخذ الآن من المغرب نقطة انطلاقها المفضلة، والمحروسة، باتجاه أسواق إفريقيا وخيراتها الطبيعية المُهْوِلةِ كمّاً وكيفاً، ومساساً بتحصيل الحاصل بمصالح إسرائيل، التي استقرت كبرياتُ شركاتِها المختصة بالتنقيب عن الغاز والنفط والمعادن النفيسة على مساحات جد شاسعة قبالة سواحل أقاليمنا الحنوبية وما جاورها، فضلا عن معدّات حربية إسرائيلية تقلب نوعياً موازين الرعب بالمنطقة المغاربية برمتها، يقال، والعهدةُ على القائل، إنها متمركزة في مناطق غير بعيدة عن الحدود المغربية الجزائرية جهة حاسي بيضا وحاسي الرمل، وهي نفس المنطقة التي تنقب فيها الشركات الإسرائيلية... والعُهدة مرة أخرى على الراوي!!
 
شخصياً... لا أعتقد والحالة هذه أن أحداً من العالمين، كل العالمين، يقبل أن يضع نفسه في موضع "غير السعيد شنقريحة"، بالأمس، واليوم وغداً، مهما كانت مستجدات ظروف ذلك النظام ومستجدات أحواله، وهو يعيش الآن عزلة لم يعشها ولا الباغيةُ هتلر في أَوْجِ عنترياتِه العالمية، ولَعُمْري فإن العجوز المسكين يردد الآن ليلَ نهار،  وبين كل لحظة وأخرى، ماذا أفعل الآن؟.. وماذا سيقع إن أنا لم أفعل شيئا؟.. وأين أذهب سواء فعلتُ أم لم أفعل؟.. وهل من مفرّ؟...
 
الحال أن الرجل يواجه الآن حصاد كل اختياراته الباطلة والغبية والفاشلة، فكأنه في موقع ذاك الذي حق عليه القول فجاء حسابه في الدنيا قبل الآخرة، على المجازر التي قادها سواء أثناء العشرية الجزائرية السوداء أو فيما تلاها!! 
"لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (إبراهيم-51) !!!
محمد عزيز الوكيلي،  إطار تربوي متقاعد.