في تحوّل مفاجئ وغير مسبوق في المواقف الإقليمية، أثارت زيارة الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "رمح الأمة" المعارض، جاكوب زوما، إلى الرباط، وإعلانه الصريح عن دعمه لمخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، ردود فعل واسعة، اعتُبرت من قبل مراقبين صفعة مدوّية للنظام الجزائري، الذي لطالما اعتُبر الحليف الإفريقي الأقرب لجبهة البوليساريو.
ورغم أن زوما لا يشغل منصبًا رسميًا في الحكومة الحالية، فإن تأثيره السياسي لا يمكن تجاهله، نظرًا لرمزيته وثقله داخل المشهد السياسي الجنوب إفريقي، خاصة بعد حصول حزبه على 70 مقعدًا من أصل 400 في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
زوما، المطلع على خبايا ملف الصحراء، عبّر عن موقف واضح، يتماشى مع التوجه الدولي المتصاعد المؤيد لمقترح الحكم الذاتي، الذي طرحه المغرب كحل واقعي ومستدام للنزاع المفتعل. هذا الموقف وضع الجزائر، التي تراهن على دعم الحركات الانفصالية، في زاوية حرجة، حيث بات من الصعب عليها مجاراة التحولات العميقة التي تعرفها القارة.
ولم يعد خافيًا أن السياسة الجزائرية في إفريقيا، المبنية على شراء الولاءات عبر الرشاوى والهبات والهدايا، لم تعد مجدية، أمام تنامي وعي القادة الأفارقة بحقيقة النزاع، وضرورة الانخراط في حل يعزز الاستقرار والتكامل الإقليمي.
في المقابل، يعيش النظام الجزائري أزمة داخلية خانقة، تتجلّى في غضب شعبي متزايد جراء سوء التدبير ونهب ثروات البلاد، واستمرار تمويل ميليشيات البوليساريو، التي دخلت مرحلة "الموت السريري"، ولا يُنعشها سوى الدعم الجزائري المحكوم بهاجس العداء للمغرب.
وتشير كل المؤشرات إلى أن جنوب إفريقيا لن تكون الأخيرة، وأن دولاً إفريقية أخرى تستعد لمراجعة مواقفها، في انسجام تام مع المتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. الجزائر، التي ظلت تشكّل "حالة نشاز" في السياسة الإفريقية، تواجه اليوم عزلة متزايدة، مع انكشاف خطابها أمام الحقائق المتغيرة.
عزيز الداودي، فاعل حقوقي ونقابي