السبت 4 مايو 2024
فن وثقافة

يوسف غريب: ألواح بمداد البحر ..قراءة في مذكرات  متفردة

يوسف غريب: ألواح بمداد البحر ..قراءة في مذكرات  متفردة محمد أوراحت ومؤلفه "ذكريات بحار"
بعيدا عن ألواح النبي موسى.. ولم ينشق له البحر هروباً.. بل إختار أن يخترقه متكئاً على حدس داخليّ بنقل مقعده الدراسي باكراً إلي جانب البحر… ويتخرج بجراب على ظهره.. باحثاً عن توأمه الثاني…
بعد 34 سنة يعود- ونحن معه- عبر ألواح موجية منسوجة على حافة أرصفة الموانئ.. والمضايق..  
بين زرقتي البحر والسماء..  
ألواح أو أمواج لا فرق هي..
مذكرات أو ذكريات بحار لكاتب إسمه محمد أوراحت..
  
هي عناوين لتجربة إنسانية إستثنائية وسط البحر ومركزيته  كفضاءً لحريةٍ دون نهايةٍ.  
عالم قائم بذاته،وبكافة الأوجه والمصائر.  
وجودٌ بلا ثوابت ولا حقائق ولا نهايات ولا أسوار
هناك كان  البحّار.. أسئلة ورغبات 
مواقف وأحداث ممتدة بطول البصر.  
هنا بين السماء كأنها بحراً مقلوباً إلى فوق  
بين أعلى لا أرض له وأرض لا سماء لها…
هو الأفق المائي..
حيث الدهشة والوحشة..  
وهنا داخل الكاتب وأنت تتابع قراءة هذه الألواح ترسم شخصية الكاتب في  وحدته المتنوعة.. والمتقلبة تقلب الجو والرياح..  
غريبا وسط أجناس وثقافات حيناً 
ومؤنسا داخل جماعات وألسن وعادات..  
كان جمعاً بصيغة الفرد..  
وكان فردا بلون جنسيته.. ولغته ودينه..  
فانتصر للغة الأم حيناً.. ودافع عن قوميته.. وفجرّ عمقه الإنساني تجاه كل الأجناس البشرية الأخرى 
كان مغربيا صرفا.. في الفصل بين ما هو محلي وقومي  وأممي..  
هي ألواحه الآن وحين نعود معه إلى تفاصيلها نلامس كيف أن بحّارنا كان قويّا أمام الإنزلاق نحو المافيوزية وإمتيازاتها آنذاك.. لولا هذه الحضانة الأخلاقية والتربية على إحترام شرعية وشرائع الأمم وقوانينها..  
مقابل هذا الذكاء في تدبير الوقت والحاجة وحسن التصرف مع مواقف وأحداث..  
ومع إستمرارية الحكي تدهشك هذه العصامية النادرة في التعلم والوعي بها.. حتى أنه عاد من البحر بأكثر من ست لغات.. ومهارة ضبط إيقاعات محركات السفن من نبرة صوته..  
وحيداً.. مغامراً.. وشجاعا وإنسانيّاً
هي انطباعتنا.. بعد اللوحة البحرية الأخيرة..  
لوحات بطعم الحياة والطوفان،  
 الفيض والإنحسار،
 الأهوال والهدوء،
 الغربة والحضور،
 هو الذهاب بلا عودة
 وعودة بفرح الولادة 
هو حافظ الأسرار ووشوشة الأغيار
هي انطباعاتنا
أما البحار 
فكان رفيق نفسه حتّى نهاية اللعبة ونسي أن يودّع البحر 
وتذكر بعد مدّة  
 ثمّ عاد إليه 
 عبر الكتابة.. والتأليف.. بسيرة ذاتية لسارد  لم يخلق إلا لكي يكون بحارا ويجاور  البحر 
في هدوئه وصخب أمواجه
في عمقه وكرم عطاءاته.  
عاد إليه بقبّعة كاتب 
بجانب قبعة.. الربّان
 
- على هامش توقيع كتاب "مذكرات بحار" للكاتب محمد اوراحت غدا الجمعة 18 مارس باكادير