Saturday 14 June 2025
كتاب الرأي

كريم مولاي:عن النظام الجزائري ومعاداة إسرائيل والمطلب الديمقراطي

كريم مولاي:عن النظام الجزائري ومعاداة إسرائيل والمطلب الديمقراطي كريم مولاي
انتهت اجتماعات الاتحاد الإفريقي التي استضافتها العاصمة الأثيوبية أديس أبابا قبل أيام، ومعها انتهت محاولات التوظيف الشعاراتية التي اعتادت بعض الأنظمة الدكتاتورية على استخدامها لتضليلا الرأي العام في الداخل والخارج، وعاد جميع الأعضاء إلى ديارهم ليواجه كل منهم مصيره المحتوم في معالجة قضايا البلاد التي يقف على رأسها.
النظام الجزائري واحد من الأطراف الفاعلة في الاتحاد الإفريقي بعد زوال نظام العقيد الذي أكلته ثورة شعبية مازالت هي الأخرى تتلمس طريقها لبناء دولته الديمقراطية. وهو فاعل ليس لقوة يختزنها وإنما لثروة باطنية حبى الله بها الجزائر، ومكنها منها.. وهي ثروة تكفي لإطعام ليس أبناء الجزائر المشردين في كل الآفاق، وإنما أيضا شعوب شمال إفريقيا الذين تأكلهم حيتان البحر الأبيض المتوسط،وهم يغامرون باتجاه الضفة الشمالية للمتوسط..
رفع شعار محاربة الكيان الصهيوني ومنع انضمامه كمراقب ضمن الاتحاد الإفريقي، ونسي أن غالبية الدول الفاعلة في الاتحاد الإفريقي لها علاقات وطيدة مع الاحتلال، وأن إسرائيل عضو في الاتحاد من أجل المتوسط..
طبعا لا يمكن لأحد من العرب ولا من الأحرار حتى أن يكون في صف الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، فتلك مسألة محسومة، فالاحتلال أمر مرفوض وفقا لكل القوانين السماوية والدنيوية، وهو في حال فلسطين أدهى وأمر لأنه يرتبط باحتلال أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. ولكن الفرق بين المواقف المبدئية التي يدفع أصحابها ثمنها باهظا كما هو الحال للفلسطينيين الذين يعانون الحصار والتجويع والتشريد وأكثر من ذلك الحروب المستمرة، وبين من يبيعون الوهم والشعارات كبير..
وإذا كان من غير المنطقي ولا المعقول أن نحاكم الأنظمة لموقفها من القضية الفلسطينية التي هي أكبر من كل هذه الأنظمة، فإنه من المهم فقط أن نشير إلى أن رفع الشعارات الزائفة وبيع الأوهام للناس لم يعد ينطلي على أحد، وأن القول بمعاداة الاحتلال ظاهرا، والتعامل معه تحت الطاولة لم يعد خافيا على أحد منا..
ولذلك لم تعمر مسألة معاداة النظام الجزائري للكيان الصهيوني طويلا، حتى وجد نفسه مجددا أمام أسئلة الإصلاح والتغيير في الداخل.. دعاة الحرية والتغيير يستعدون لاستئناف مظاهراتهم السلمية للمطالبة بالانتقال إلى الديمقراطية في 22 من شباط (فبراير2022)، وزعماء الأحزاب السياسية الديكورية وصلوا إلى الباب المسدود وهم يرغبون في ترك الجمل بما حمل، والانحياز للشعب.. وآلة الفساد ترسخ أقدامها في مؤسسات دولة تمارس الانتحار الذاتي على مرأى ومسمع من العالم كله..
يعرف قادة النظام الجزائري أن آلة الحرب التي حصدت ولا تزال تحصد أرواح مئات الآلاف من الأبرياء السوريين ليست عربية ولا إسلامية ولا علاقة لها بسيادة الأوطان، كما يعرفون أن أحفاد شيوعيي الاتحاد السوفييتي لا يوزعون الهدايا لحسن عيون الجزائريين والأفارقة، وإنما هم محاربون من أجل تثبيت أقدامهم في إفريقيا لمناطحة الغول الأمريكي الهائج في كل الاتجاهات. وأن مناصرتهم لقضايا الدول النامية ولسيادة الدول لا تساوي شيئا أمام طموحات زعيم روسيا الذي لم يأبه لصرخات أطفال سوريا، فصب جام حقده على شعب أعزل لا مطلب له إلا الحرية..
هو يعرف ذلك وأكثر، ولكنه مستعد للتماهي معهم من أجل حماية مصالح ذاتية بدأت تنكشف عندما استفاق الجزائريون بعد نحو ستة عقود من رحيل الاستعمار الفرنسي فلم يجدوا في بلادهم بنية تحتية تقيهم حاجة السؤال والبحث عن أبسط الضروريات الحافظة للكرامة والسيادة..
وهذا معناه أن الشعارات لن تستطيع تضليل الناس حتى وإن رافقتها آلة إعلامية ضخمة، وأن الواقع على الأرض سيظل هو الأصدق.. وواقع الجزائريين ينبئك بفساد تلك السياسات وفشلها..
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن