الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: ريان أنت باق هنا

عبد السلام المساوي: ريان أنت باق هنا عبد السلام المساوي
الآن ترحل ...ترحل وتترك والديك، أهلك، المغربيات والمغاربة ، الأمهات والآباء حزينين ومكلومين ...الصدمة كبيرة والفاجعة أكبر...
أنت لم تمت
نعم لم تمت ولكن ساهمت في اقتلاع الحقد والكراهية من قلوبنا ...زرعت فينا، في شعوب العالم قيم الحب والتضامن ...أنت من أعلن ميلادا جديدا للانسانية ..أنت رمز الوجود الإنساني...أنت من تكن له عصافير العالم الحب الصافي الصريح ...
ترحل بيولوجيا لتفرض حضورا اقوى ...فانت الحضور، وأنت النور ...
هل نبكيك ؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا ....لا ...لن نبكي لانك لم تنته بل بدأت ...أنت البداية دائما ...ستستمر ...ستخلد...ستستمر في كل من تسكنه مشاعر الحب والتعاطف والمشاركة الوجدانية ...
أنت الطفولة البريئة الطاهرة ...أنت من أيقظ الانسان فينا ....أنت من نبهتنا ونبهت العالم بمعنى الطفل، بمعنى الطفولة ، بمعنى المستقبل...
اليوم يتعطل البكاء ... لا نودعك ونبكيك، بل نقدر ونعتبر المأساة التي لحقت والديك ولحقت الشعب المغربي والعالم أجمع ...
لقد حدث ما كان مأمولا ألا يحدث...حدث أن جسد الطفل ريان، افرغ اخر ما استطاع من نفس ، ليسلم انفاس الطفل العزيز لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل ، تولد الشمس في مستقبل الطفولة...
المغرب يبكي ...
العالم يبكي...
الأطفال، الآباء والأمهات، الرجال والنساء يبكون عزيزهم ...يبكون حبيبهم ...يبكون ضميرهم ...يبكون ريان الملاك...
ليست هناك مغربية واحدة، وليس هناك مغربي واحد لم يعش مأساتك ...
أنت من جعلنا نسجل الروح الانسانية التي أظهرها الكل، والتي أكدت لنا المعدن الأصيل للناس، وذكرتنا بأن الغالب في الانسان السوي هو القلب الرحيم الذي يحس بالبعيد قبل القريب، وأن الحالات الشاذة للكره أو الإبتعاد عن الانسانية التي نطالعها باستمرار هي حالات ستظل شاذة مهما تحدثنا عنها طويلا كلما وقعت.
ريان بدوت لكل المغاربة ابنا لهم ...
من قلب الألم والمعاناة تولد الأشياء الطيبة، وأنت ريان كشفت لنا بأن الخير لا زال في قلوب الناس ....
السلام عليك يوم ولدت ...والسلام عليك يوم رحلت ...والسلام عليك يوم تبعث حيا ملاكا...
كنت معنا وستظل معنا دائمًا.
لن نتركك تغادر، فأنت في بؤرة وجودنا...
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
ريان صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
ريان في القلوب
أنت باق هنا ريان
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في قلب كل انسان
في قلب كل أم
وفي قلب كل طفل
أنت باق
ملاكا
كما كنت ملاكا
بريئا كما كنت
مبتسما كما كنت
طفلا كما كنت
ولم تبرح
أنت هنا
وأنت اليوم لم تفعل الا أن حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الانسانية، وهي التي تصون، برفق وفرح، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل والحب في أوصال ناس يقاومون الحقد والكراهية والتفرقة...
ريان...ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في حب الأطفال...