الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

فن الملحون يفقد أحد موثقيه الحاج عبد الله الحسوني

فن الملحون يفقد أحد موثقيه الحاج عبد الله الحسوني الموت يغيب أحد مؤرخي وموثقي الملحون الحاج عبد الله الحسوني

رحل عنا إلى دار البقاء أحد خبراء لجنة موسوعة الملحون التي تصدرها أكاديمية المملكة المغربية، وأحد موثقي قصائد الملحون، الحاج عبد الله الحسوني، تغمده الله برحمته الواسعة.

عرف الرجل بدماثة خلقه وتواضعه، وكان رحمه الله نظيف السريرة والسيرة، رقيق التعامل، صادقا مخلصا لمبادئ دينه ووطنه.. يتسم بروح التفاهم والتواصل، ذا قدرة فائقة على توثيق قصائد الملحون وهي مهمة شاقة وصعبة، على ما للعمل التوثيقي من أهمية في حفظ النص الشعري وتوثيقه بالشكل المطلوب.

عبد الله الحسوني ـرحمه الله- يعتبر من القلائل الذين تمكنوا من القواعد والأساليب التي تسهم في عمليات جمع وتخزين وتنظيم وتوثيق قصيدة الملحون. فقد أفنى جزءا كبيرا من حياته وهو يبحث عن قصائد الملحون من مصادرها وأصولها، يقابل بعضها مع بعض بهدف تيسير تهيئتها والاستفادة منها من قبل الباحثين والولوعين بفن الملحون. وهو عمل مضن وكبير، يتطلب تخصيص الوقت الكافي وبذل الجهد لتمكين المتلقي من الوصول إلى القصيدة في شكلها السليم والصحيح. وقد ظهر هذا الجهد خلال عمله ضمن الخلية المصغرة لإعداد دواوين الملحون التي تصدرها أكاديمية المملكة المغربية بإشراف مباشر من عميد الأدب المغربي أستاذنا الجليل الدكتور عباس الجراري حفظه الله .

وكانت للرجل غيرة زائدة على الملحون، تجده دائم الاتصال والتواصل مع جميع أعضاء اللجنة الموسعة، يستفسرهم عن هذه اللفظة وتلك، يتألق في شرحه وعلاجه.. قوام ذلك، حرصه على دقة الملاحظة والاستزادة من تقويم النص الشعري.

وإذ أنسى لا أنسى اتصاله واستشارته معي حول غير قليل من النصوص التي كان يسعى للتأكد من صيغ بعض مكوناتها، آخرها بعض قصائد شاعر الملحون، محمد بن سليمان.. فكان غير مستبد بماله من معلومات ومعارف حول تلك النصوص، لكنه كان مهووسا -رحمه الله- بإشراك غيره في تقويم النصوص قبل عرضها على أنظار رئيس اللجنة أستاذنا الدكتور عباس الجراري.

هكذا عرفناه جادا في عمله إجادة كبيرة كانت مكان التقدير والاحترام من قبل الباحثين والمهتمين والولوعين بالشعر الملحون.. رجل عرف بطول نفسه وسرعة بديهته. فكان موضع الثقة، وهي صفة لا يمتلكها إلا من ارتقت أخلاقهم ونبلت سلوكاتهم.