الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

بنحمزة الإخواني ينقلب على بنحمزة الوهابي وينتقد السعودية!

بنحمزة الإخواني ينقلب على بنحمزة الوهابي وينتقد السعودية! مصطفى بنحمزة (يسارا) وعبد الرحمان السديس

في رد على تدشين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ عبد الرحمان السديس، لـ "مبادرة الحجر الأسود الافتراضي"، خص مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى، موقع "جدل 60"، بتصريح استرعى انتباهنا فيه ما يلي: "إن كل ذلك مجرد "تخربيق"، وأن الحج لديه شروطه. وهذا هو معنى البدعة في الدين".

 

ليس غرضنا من هذه المتابعة الوقوف على الجدل الذي أثارته هذه التجربة السعودية التي تحاكي الواقع. بل سنقف على بعض الجوانب المنهجية حرصا على سمت الاتزان والحكمة المفترض في أداء من هم في موقع القدوة للناس، بعيدا عن اللهاث وراء الإثارة، والضرب من تحت الحزام وفوقه.

 

أولا: سيلاحظ القارئ أن بنحمزة تسرع في هذا الخروج الإعلامي. فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما هو معروف. والمبادرة لم يظهر بعدها العملي بعد، للحكم عليها. كما أنها ليست عبادة، حتى يتكلم بنحمزة عن الحج والبدعة، بل حسب ما يظهر أنها تندرج في باب التعريف السياحي بالبلد، أو من باب التبرك حسب تعبيرنا. فالتريث مطلوب في مطلب إصدار الأحكام. من هنا يكون بنحمزة في موقع ممارسة التدليس في عرض الوقائع، لأهداف غير بريئة.

 

ثانيا: ما نظن أن الموقع الرسمي لبنحمزة يسمح له بالخوض في اجتهادات أقرتها دولة حليفة رئيسية للمغرب. وإذا تحجج بالرأي الديني الصرف، فلماذا غاب هذا الرأي لما اعتدى الشيخ القرضاوي على المغرب في شأن الفوائد البنكية، وقاطع اجتماع المجلس العلمي الأعلى للرد على القرضاوي؟ ولماذا لم يرد على احمد الريسوني لما اعتدى على الأهلية الدينية لأمير المؤمنين؟ بعبارة أخرى، لماذا لا يرد على رموز التيار الإخواني؟

 

ثالثا: إن ما أقدم عليه بنحمزة، يعبر عن اصطفاف إخواني ضد السعودية، لموقفها من تيار الإخوان المسلمين. وهذا مضر بالمصالح الاستراتيجية المغربية، في وقت، وقف فيه مجلس التعاون الخليجي في دورته الأخيرة برئاسة السعودية بقوة، مع المغرب في ملف الوحدة الترابية. كما أنه لا يمكن فصل موقف بنحمزة الإيديولوجي، المستفز للسعودية والمغرب، عن البعد الجيوسياسي في معادلة "المدخليين" و"الإخوان" في ليبيا، و"هزيمة" حزب حليفه الإخواني بنكيران في الانتخابات عندنا.

 

رابعا: ولقياس خطورة خطوة بنحمزة على العلاقات المغربية السعودية، من منظور بنحمزة نفسه، لا بد من حفرية تعود بنا إلى لحظة عزل الخطيب عبد المجيد نجاري ببركان، منذ بضع سنوات. حيث اعتبر هذا الخطيب، حسب الإعلام في وقته، أن زوال غطاء مكة هو فأل خير لزوال الظلم الذي استفحل بها، مع التذكير بـحادث سابق لزوال غطاء الكعبة في فترة تاريخية حين استفحل الظلم في تلك البقاع المقدسة.

 

وقد استنجد النجاري ببنحمزة ليتدخل لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكنه اعتذر بدعوى أنه خاض في المحرمات السياسية ، وأن الأمر خطير، يمكن أن يؤدي إلى قطع العلاقات المغربية السعودية، وطرد آلاف العاملين لديها من المغاربة، مما سيسبب أزمة للعائلات، قد تعرض حياته للخطر بسبب قطع أرزاقهم. هذا ما تحجج به أمامه. ومن وراء ظهره، مع حوارييه كما حكوا، كانت هناك تفكهات!

 

لقد تخلى بنحمزة عن الخطيب النجاري، رغم رسوخ أصوليته، لاعتبارات تهم التمكين لصدارة صفيه الأستاذ حباني في بركان، وهذا في وقت كان يجامل فيه السعودية بمحاولته دفن أهل وجدة على الطريقة الوهابية، لضمان الوفاق السعودي الإخواني، من خلال رسائل هذا المسعى.

 

لكن بنحمزة اليوم، وقد سقط في فخاخ الرمال المتحركة لهذه المعادلة، أفلا يرفع الحرج عن المغرب، فيبادر إلى تقديم استقالته من المؤسسة العلمية. وله بعد ذلك أن يصرف كما يشاء، خصومة الإخوان المسلمين مع السعودية؟

 

ألم يكن بنحمزة يعي، وهو يخوض فيما خاض فيه بدون روية للعواقب، أنه ينسخ هنا تجربة الوزير قرداحي في لبنان، بمداخل أخرى، وبنفس المقتضيات المحتملة؟