الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور :الفيفا و"كأس العرب"

الحسن زهور :الفيفا و"كأس العرب" الحسن زهور
أن تتبنى الفيفا "كأس العرب" ضمن ما تبنته من بطولات عالمية قارية او جهوية فهذا شأنها، لأن هذه الإمبراطورية الكروية تتحكم فيها التجارة التي تعتمد على الربح المادي، أما الأخلاق التي تحاول أن تغلف بها الكرة العالمية فهي أدوات تستغلها القوى المتحكمة في دواليبها وتستغلها سياسيا حسب الظروف والمصالح.
فأغلب البطولات العالمية التي تبنتها الفيفا هي بطولات وكؤوس تنظم باسم الجغرافيا قارية كانت ام جهوية والتي لا تفرق بين الشعوب؛ لأن هذا هو هدف كرة القدم في إشاعة المحبة والتسامح بين البشر باختلاف أجناسهم وأعراقهم ولغاتهم…
لكن ما قامت به الفيفا مؤخرا من تبني " كأس العرب" يقوض هذا الهدف الأخلاقي لكرة القدم العالمية ويدخلها في خانات تبني الاختلافات العرقية واللغوية...، وكان من الممكن للفيفا ان تغير اسم الكأس الى " كأس دول شمال افريقيا ودول الشرق الاوسط" ليكون الاسم مسايرا للكؤوس القارية او الجهوية: كأس كوبا امريكا، كأس اوروبا، كأس افريقيا.
فما يهم الفيفا في هذه السقطة العرقية هو الربح المادي ولا تهمها المبادئ الإنسانية ولا خطابات التسامح والمساواة بين البشر ولا إبعاد الكرة عن التوظيف السياسي أو الايديولوجي أو الإثني، ما دام المال هو المتحكم في قراراتها، ويكفينا مثالا تلك الروائح التي انبعثت بعد إسناد تنظيم كأس العالم لقطر، لكي نعي مدى تحكم المال والسياسة في قرارات الفيفا.
ويكفينا نحن المغاربة مثالا كيف انحازت بعض القوى المتحكمة في الفيفا لجنوب افريقيا وأسندت لها تنظيم كأس العالم بغية مسح التاريخ العنصري الابيض لهذه الدولة(الابارتيد)، وفي نفس الوقت للربح المادي، فالفيفا هنا جمعت بين السياسة والمال.
ما يهم الفيفا هو الربح ولو على حساب الأخلاق والقيم الانسانية، فأن تتبنى الفيفا بطولة تعتمد على العرق لملء خزائنها بمال البترول، بعد ان شحت بسبب أزمة كورونا، يسقط عنها أوراق التوت الأخلاقية التي كانت تتستر بها، فأن تتبني الفيفا الكرة المبنية على العرق ستتبعها بطولات وكؤوس مثل "كأس السلاڤ" التي ستنظمها الدول ذات الأغلبية السلاڤية، و " كأس الهوتو" و" كأس التوتسي"... وستتطور كرة القدم العالمية بتنظيم كأس الديانات, حيث سنسمع عن " كأس الدين الفلاني" إذا اجتمعت الدول ذات الدين الواحد وفرضت كأسها الديني بقوة المال مثل " كأس بوذا" و "كأس خيبر".... وسنسمع عن " كأس الشعوب الصفراء" إذا اجتمعت دول شرق آسيا ونظمت كأسها على أساس اللون والعرق، ونسمع عن كأس" الانسان الابيض" إذا هيمنت الأحزاب اليمينية في بعض الدول، وسنسمع عن " كأس السود"....
فحديثنا هنا عن الرياضة وكرة القدم العالمية هو حديث الغرض منه هو الكشف عن أن المصالح المادية هي التي تحرك دواليب السياسات الدولية ولم تفلت منها حتى كرة القدم التي تهيمن عليها "الفيفا" كأكبر إمبراطورية كروية في عالم اليوم، فالماكياج الأخلاقي والانساني الذي تتقنع بها يخفي ما يخفي وراءه من تحكم المال والتجارة.
المصالح فالمصالح ثم المصالح.
هذه فقط رسالة للمغاربة الذين ما يزالون يغلبون مصالح دول الشرق الاوسط على مصلحة وطنهم العليا بمبررات ايديولوجية او لغوية او دينية تاركين وراء ظهورهم مصلحة وطنهم العليا لاعبين وراء الغير.
نعم القيم الإنسانية هي ركيزة ثقافتنا المغربية، لكن هذه القيم تبتدئ اولا من دائرة الوطن بحبه والعمل من أجل مصلحته أولا، ومن حب الوطن ينطلق الحب الى سائر بقع العالم للدفاع عن الشعوب المقهورة والمضطهدة. فالحب هنا مثله مثل بقعة زيت زيتون مباركة تتوسع في كل الجهات..