الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

الكاتب حسن إغلان "سيد العتمات المشمعة من الدواخل"

الكاتب حسن إغلان "سيد العتمات المشمعة من الدواخل" من لقاء الاحتفاء بالكاتب حسن إغلان

سيرا على نهجه في إشاعة نور الفكر والمعرفة وعقد لقاءاته الثقافية، كان الاتحاد المغربي للثقافات المحلية قد نظم بفضائه الثقافي بضاحية مدينة سطات عاصمة الشاوية لقاء ثقافيا احتفى من خلاله بالمنجز الأدبي والفكري بالكاتب الروائي حسن إغلان. في هذا السياق تنشر جريدة "أنفاس بريس"النص الباذخ الذي ألقاه الناقد الأستاذ نور الدين ضيرار تحت عنوان "سيد العتمات المشمعة من الدواخل" .

 

"حسن إغلان..

فرع متحدر من شجرة أنساب عاهلة بأسمائها الراسخة ومرجعياتها الموغلة في عمق الفكر الإنساني بأفانينها المتنوعة من حكي ونقد وفلسفة وسيمياء وسياسة.. واسم ترسخ في مدونة أدبنا المغربي والعربي كواحد من الكتاب القلائل الذين نجحوا في مسارهم الفكري في تحقيق التناغم المأمول بين الأدب والفلسفة من جهة، وبين الكتابة والسياسة من جهة موازية على نحو أصيل خلاق..

 

هو المثقف العضوي الذي ارتبط بالقضايا النضالية من أجل مغرب حر زاهر خلال سنوات الجمر والرصاص. وبتفاقم البؤس الإيديولوجي وسط النخب القيادية واحتدام المصالح الخاصة بدلا عن المصالح العامة، توارى ضمن من تواروا من النخب الفكرية عن المعترك السياسي، لتظل كتاباته التنويرية برغم ذلك متواصلة بهمة لا تلين من أجل الارتقاء بوعينا الجمعي ماضيا وحاضرا.. وموازاة مع ذلك، أفلح على سبيل التميز بحكم جرأته الفكرية في التفرد بالمواءمة بين كتابة الجسد كثيمة اشتغال وجسد الكتابة كصياغة نصية وخطاب..

 

من ثم صار سيد العتمات المشعة من الدواخل بالالتماعات الأدبية المتبصرة والاشراقات الفكرية الرصينة اللبيبة.. وصارت حياته أقرب لحياة الناسك المتعبد الذي تآلف مع عزلته المزمنة، ليظل بذلك رهين الظلال الأثيرة في أكناف دوحته الزاخرة بقطوفها البعيدة في مقاصدها السامية، وثمارها الدانية من الأفهام اللبيبة العميقة..

 

وهو في كل ذلك، يضع نصب عينيه ضمن إطار انشغالاته، سواء الفكرية أو الأدبية، مساءلة المجتمع بشأن اختلالاته القيمية، ويصدر في أشكال حكيه وتشكيلات شخوصه عن خلفيات فلسفية مفعمة بخبرة الحياة والمعايشة، انطلاقا من مفاهيم قد تكون أحيانا عالية في مستوياتها التجريدية المتقاطعة في الكثير من أوجهها مع المتن العربي والإغريقي، لكنها بحكم أسلوبه السلس في تناولها تبقى غير متعالية عن أرض الواقع والشخوص الماثلة، وبالتالي عن إدراك قرائه في مختلف مستويات التلقي الممكنة.. كل ذلك في مراوحة عميقة واعية بحدود المؤتلف والمختلف بين المقدس والمدنس، بين الروحي والجسدي، بين السماوي والأرضي.. وما شاكل هذه الثنائيات المتلازمة بحد طرفيها بهدف قياس أبعاد تداخلها وتشاكلها في حياتنا الخاصة والعامة على حد سواء..

 

هكذا كان حسن إغلان ولا يزال..

يشتغل بعقل مفكر متنور لا يهادن اليقينيات الدوغمائية في المقاربة والتصورات.. ويكتب بهمة أديب متمرس لا يستكين للثوابت المكرورة في الأشكال والأساليب.. ويحيى دائما برؤية متجددة منفتحة على أكثر من أفق وخط تماس.. وبروح زاهد ممعن على مسافة من الآخرين في تواضعه المكابر، يوثر على الدوام أن ينأى بنفسه بعيدا عن دائرة الضوء منغمرا في خلوته بالأنوار الخافتة، بما يكفيه فحسب لتهجي صفحات ماثلة للقراءة أو تبين حزمة أوراق جاهزة للكتابة"..