الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

مصطفى لبكر: عندما حمل طلبة الجامعات السلاح وعززوا صفوف الجيش

مصطفى لبكر: عندما حمل طلبة الجامعات السلاح وعززوا صفوف الجيش مصطفى لبكر

أعادت "أنفاس بريس" بتاريخ 8 نونبر 2021 نشر حوار كان قد أجراه مديرها عبد الرحيم أريري مع المصطفى الفارح (ضابط سابق بالقوات المسلحة الملكية) من سلاح المشاة، سلط فيه الضوء على جوانب من الحرب وكيف كانت تدور وكيف كسب المغرب معركة الجدار الأمني التي تحطمت عليه كل معنويات العدو الجزائري وللبوليساريو.. وذكر الضابط أنه ولج سلك الجيش سنة 1980، أي في أوج الحرب مع الجزائر كما أن الجامعة المغربية كانت أواخر السبعينيات والثمانينيات جامعة حقيقية لكل الأفكار والتوجهات العقائدية، السياسية، وغيرها. وكانت فضاءاتها من ساحة ومدرجات وحلقات نقاش تروي عطش البحث وتحفز عليه.. وأشار الفارح إلى أنه في الجامعة تعلم، وعرف معنى حب الوطن..

 

وكانت الحرب مع الجزائر فرصة لحمل السلاح وممارسة ما اعتقده آنذاك العربون الوحيد والأوحد لحب البلد والوطن. وبالتالي فتمت عوامل موضوعية كانت وراء اختياره الانضمام إلى الجيش، لعل أهمها الانفتاح الكبير للمدارس العسكرية العليا على كل فئات الشعب بعد أن كانت قبل حرب الصحراء حكرا على فئة معينة من خدام المخزن والأعيان. فعامل الانفتاح للاستجابة للحاجة الملحة الميدانية لأعداد كثيرة من الضباط، خصوصا مع اشتعال الجبهة وتحول المواجهة من مواجهة بين عصابات البوليساريو والقوات المسلحة الملكية إلى مواجهة مفتوحة بين هذا الأخير والقوات الجزائرية في شبه حرب نظامية.

 

لقد انتقل عدد أفراد القوات المسلحة الملكية من عدد قليل في بداية الصراع إلى الآلاف. هذا العدد يحتاج إلى عدد كبير من الأطر، من الضباط على وجه الخصوص. فكان الخيار الوحيد للمؤسسة العسكرية هو الانفتاح على كل فئات الشعب، وهو ما سهل انخراطه وعدد كبير من أبناء الطبقة الشعبية في سلك الضباط العسكريين.

 

وهنا ونحن نعيش أجواء المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال؛ أقف لأوضح أن انفتاح المؤسسة العسكرية على فئات الشعب كان قبل انخراط الفارح في الجيش سنة 1980. حيث عرف المغرب تجربة فريدة تمثلت في تحويل الخدمة المدنية لخريجي الجامعات سنة 1977 إلى خدمة عسكرية، وذلك لتعزيز القوات المسلحة الملكية بضباط احتياطيين بعد خضوع الخريجين الجدد من جميع الشعب والتخصصات الجامعية لفترة ستة أشهر من التكوين بإحدى المدارس العسكرية من الأسلحة المتنوعة من المشاة والمدفعية والمدرعات ويتخرجون إثرها كضباط برتبة ملازم ويلحق جلهم بالقوات المرابطة بالأقاليم الجنوبية.

 

وفي هذا الإطار أذكر أني التحقت وأربعة ضباط احتياطيين آخرين، بالإضافة إلى ضباط رسميين من رتب مختلفة بالفوج 30 للمشاة الذي كان آنذاك في طور التأسيس بالعيون قبل أن ينتقل في مهمة "حامية بوكراع" منطقة الفوسفاط الاستراتيجية تحت قيادة المقاوم المرحوم الرائد محمد لمرابطي الأنصاري الملقب بـ "المختار الأنصاري"، الذي توفي في 13 ماي 2018 بمدينة الدار البيضاء؛ وقد كانت جلساتنا معه متعة لما فيها من دروس وعبر وحلقات الشيخ مع المريد، حيث يروي خلالها صفحات مشرقة من بطولات وملاحم إخوانه المقاومين أمثال الزرقطوني ورحال مستعید المعروف بالتدلاوي، ومحمد كریم وأحمد منیر وإدريس الحریزي ومحمد داحوس.

 

وبطبيعة الحال لقد كان لهذا الانفتاح غير المسبوق أثره الكبير على مستوى تطوير المؤسسة العسكرية من جهة، ومن جهة تطوير قدراتنا الميدانية؛ بحيث كنا في الخنادق والصفوف الأمامية وعشنا مناوشات المرتزقة كما تتبعنا لحظة إنشاء الجدار الأمني، وكانت تجربتنا كضباط احتياطيين غنية بكل المقاييس ومفيدة في حياتنا المدنية، وقد تولى بعدها الكثير منا مناصب مهمة في مجالات مختلفة...